أثار مشروع الحكومة المحلية لجزر الكناري القاضي ببرمجة بطولة رياضية خاصة بالرياضات الإلكترونية تحت اسم ( بطولة ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية ) كان يتوقع أن تنطلق في شهر أكتوبر المقبل نقاشا قويا داخل المجتمع المدني وبين الفعاليات والمهنيين والمتخصصين في هذه الأنواع الجديدة من الرياضات التي اكتسحت في السنوات الأخيرة جل المجتمعات خاصة فئة الشباب . وكانت الوزارة الجهوية المكلفة بقطاع التعليم بجزر الكناري قد اقترحت قبل بضعة أشهر برمجة بطولة لألعاب الفيديو والألعاب الإلكترونية تتضمن تنظيم مباريات بين تلاميذ 20 من المؤسسات التعليمية موزعة على سبع جزر من أرخبيل الكناري . وحسب سوليداد مونزون المستشارة ( وزيرة ) المكلفة بقطاع التعليم بالحكومة المحلية لجزر الكناري فإن هذا المشروع المتمثل في إقامة بطولة بالأرخبيل لألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية " يروم بالأساس تكوين ومصاحبة تلاميذ المؤسسات التعليمية الذين يمارسون هذه الألعاب " وتحفيزهم على صقل مواهبهم وتطوير مهاراتهم في هذا المجال . وأكدت سوليداد مونزون في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية أن هذا المشروع التربوي والتثقيفي سيمكن المدرسين من الوقوف على درجة ارتباط التلاميذ بهذه الألعاب ومدى عشقهم لها وتعلقهم بها باعتبارها أضحت واقعا تعيشه مختلف المدارس والمؤسسات التعليمية وكذا الأسر التي غالبا ما يجهل الآباء وأولياء الأمور نوعية الألعاب التي يمارسها أبناؤهم . واعتبرت أن هذه المبادرة تروم تقنين وضبط نشاط يمارس خارج المدرسة كألعاب الفيديو والألعاب الإلكترونية التي هي نشاط طوعي موجه بالأساس للتلاميذ الذين يمارسون بالفعل هذه الألعاب الرياضية مشيرة إلى أن هذا المشروع لن يتم إدراجه في مختلف المراكز التربوية التي تقع بالأرخبيل . وحسب المسؤولة المكلفة بقطاع التعليم بالأرخبيل فإن هذه المبادرة تهدف إلى إعداد وتكوين التلاميذ من أجل الاستخدام الأمثل والمسؤول لهذه الألعاب والإبحار الآمن عبر شبكة ( الويب ) إلى جانب دعمهم ومساعدتهم على مراقبة والتحكم بشكل أفضل في عواطفهم وتجنيبهم الإدمان على هذه الألعاب بالإضافة إلى مصاحبتهم في ممارساتهم الرياضية عبر تعريفهم بطرق وممارسات صحية في مجال التغذية والرياضة . ورغم كل هذه الحجج والبراهين التي تبسطها الجهات التي تقف وراء هذا المشروع فإن شرائح واسعة من داخل المجتمع لا تتفق مع هذه المبادرة وأبدت رفضها لها بل تنظر إلى المبادرة بعين الشك والريبة باعتبارها قد تكون لها تأثيرات جد سلبية على التلاميذ والأطفال الذين يمارسونها . ولمواجهة هذه المبادرة التي خصصت لها الحكومة المحلية لجزر الكناري غلافا ماليا يقدر ب 211 ألف أورو تم خلال شهر شتنبر الجاري إحداث ارضية ( باصيا ) خاصة بالأنشطة الصحية والتربوية والتثقيفية لفائدة تلاميذ المؤسسات التعليمية وذلك بمبادرة من مهنيين من مختلف الأوساط ( الصحة والتعليم والقانون وغيرها ) . وحسب المشرفين على ارضية ( باصيا ) فإن مقترح إحداث هذه البطولة الخاصة بألعاب الفيديو " ليس تربويا ولا تعليميا ولا بيداغوجيا " وإنما هي مبادرة تسعى إلى الترويج لتداول هذه الألعاب والرياضات الإلكترونية مما قد تنتج عنه مخاطر متعددة من بينها تعميم وتكريس آفة الإدمان لدى الأطفال والتلاميذ والاعتراف بها بشكل علمي . وقال أنطونيو غونزاليس مولينا الأستاذ بجامعة لاس بالماس دي غران كناريا والناطق الرسمي باسم أرضية ( باصيا ) خلال حفل تقديم هذه الارضية وأهدافها ومنطلقاتها بلاس بالماس إن هذا المنبر يسعى إلى أن يكون " حركة مواطنة " تهدف إلى سحب هذا المشروع والوقوف ضد تنفيذه على أرض الواقع مشيرا إلى أن أعضاء هذه الهيئة لا يعارضون ألعاب الفيديو لأن تلك التي لها طبيعة تربوية تعد بمثابة آليات بيداغوجية ووقائية تستخدم في مجالات مختلفة . ومن جهته أكد غيليرمو غيل أستاذ التربية البدنية أن ألعاب الفيديو يمكن أن تكون مفيدة في الفصول الدراسية لكن بشرط إذا كان محتواها مناسبا ومتماشيا مع المنظومة التشريعية لقطاع التربية والتعليم . وهو نفس المنحى الذي سلكته الفرق البرلمانية التي تنتمي للمعارضة والممثلة بالبرلمان الجهوي لجزر الكناري التي عبرت بمقر البرلمان عن رفضها القاطع لمشروع البطولة الرياضية في ألعاب الفيديو وتمكنت من تمرير التصويت على مقترح قانون " يرفض بشكل مطلق هذه المبادرة " . ولا ترفض المعارضة ألعاب الفيديو المنزلية لكنها تعارض فكرة جعلها جزء من النظام التعليمي والتربوي خاصة وأن منظمة الصحة العالمية قامت بتصنيف الإدمان على هذه الألعاب كنوع من " الأمراض العقلية " . وقد أعرب البرلمانيون الذين ينتمون لأحزاب ( العمالي الاشتراكي وبوديموس ونويبا كناريا ) عن استعدادهم في حالة عدم سحب هذا المشروع لتقديم مشروع قانون لتعديل القانون الخاص بالتعليم بهدف الى حظر وإلغاء مسابقات ألعاب الفيديو في المدارس . ولمواجهة هذه الضغوط كان على الإدارة المكلفة بقطاع التعليم بأرخبيل الكناري أن تعلن عبر بيان لها عن قرارها " تأجيل " تنفيذ هذا المشروع الذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر المقبل ب 20 مؤسسة تعليمية وذلك من اجل فتح الباب لحوار سياسي واجتماعي بمشاركة جميع الأحزاب السياسية وكذا الأسر وأولياء الأمور والمدرسين . وفضلت الحكومة المحلية لجزر الكناري في هذا الصدد طريق التوافق بعد إحداث لجنة برلمانية أنيطت بها مهمة البحث عن أنجع الوسائل والطرق للتعامل مع مسألة ألعاب الفيديو في الفصول الدراسية .