أجمع أعضاء هيئة دفاع "ضحايا توفيق بوعشرين"، مالك مؤسسة "أخبار اليوم"، على أن رسالة فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الموجهة إلى المطالبات بالحق المدني تعبير عن "الثقة في القضاء المغربي من جهة، وتُجسد أيضاً التعاطف مع الضحايا في الملف"، مستغربين "الصمت الحكومي الرهيب تجاه الضحايا اللائي كشفن الواقع المسكوت عنه". في هذا الصدد، قال محمد الحسيني كروط، عضو "دفاع الضحايا"، إن "رسالة الفريق الأممي انتصار للحقيقة، حيث تمتاز بعدة خصائص؛ فهي رسالة واعدة تتضمن حمولة كبيرة ومعان كثيرة رغم أنها قليلة المبنى، إلى جانب تعبيرها عن التعاطف والشكر مع الضحايا اللائي أخذن زمام المبادرة لتبليغ المعاناة التي يقاسينها"، مبرزا أن "الرسالة أشارت إلى كون البراءة أو الإدانة تندرج ضمن اختصاصات القضاء المغربي، ومن ثمة فمن أراد تدويل القضية فقد دوَّل فضيحة جنسية". وأضاف المحامي بهيئة الرباط، خلال الندوة الصحافية التي عقدتها هيئة "دفاع الضحايا" بمقر دار المحامي بمدينة الدارالبيضاء، زوال اليوم الثلاثاء، تحت عنوان: "رسالة فريق العمل الأممي.. تعاطف مع الضحايا وتكريس الثقة في النظام القضائي المغربي"، أن "الفريق أعرب عن كون غير مسؤول عن التأويلات التي قام بها البعض، مقابل دعوته إلى محاربة العنف ضد المرأة". ولم يُفوّت أعضاء الهيئة الفرصة من أجل الحديث عما أسموه ب"الرأي المُبطّن" الذي عبّر عنه مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بخصوص الملف على خلفية مداخلة له ألقاها في أحد اللقاءات التي خصصت للحديث عن مشروع قانون المسطرة الجنائية بالدارالبيضاء، معتبرين أنه ساند بطريقة مبطنة توفيق بوعشرين، من خلال تخصيصه لجزء من المداخلة تحدث فيها عن الفريق الأممي المعني بالاعتقال التعسفي، موردا أنه "تلقى 225 بلاغا أو شكاية سنة 2018، تم قبول 94 منها؛ حيث بث في تسعين منها برأي سلبي، بينما أدلى في الأربعة المتبقية برأي إيجابي". مداخلة المسؤول الحكومي، وفق الهيئة، تشير إلى أن "الرأي الإيجابي الذي أدلى به الفريق الأممي يندرج ضمنه بوعشرين"، حيث توجه أعضاء الهيئة إلى الرميد، من خلال مختلف المداخلات التي ألقوها في الندوة بالقول: "هل فكرتم في الضحايا وأنتم تحاولون منح الشرعية القوية لهذا الرأي بطريقة مبطنة؟"، مشددين على أن المسؤول الحكومي "خرج عن باب التحفظ في الموضوع". أما المحامي عبد الفتاح زهراش، فقد كشف عن سلسلة اللقاءات التي عقدتها هيئة دفاع المشتكيات مع الفرق البرلمانية، الاثنين الماضي، باستثناء فريق العدالة والتنمية الذي لم يستقبل الهيئة، بتعبيره، مشيرا إلى أن "هذا المعطى يكشف طبيعة العلاقة التي تجمع توفيق بوعشرين بحزب العدالة والتنمية، وهي علاقة الدفاع عن المتهم"، مؤكدا أن الهيئة تعتزم عقد لقاءات مقبلة مع جميع الهيئات السياسية، بما فيها حزب العدالة والتنمية. وأوضح المحامي بهيئة الرباط أن الهيئة راسلت رئيس الحكومة ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، فضلا عن مراسلة المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، ثم وزير الصحة ووزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، مرجعا هذه المراسلات إلى كون "المعاهدات الدولية والاتفاقيات المنظمة للمهنة تمنح حق الترافع أمام جميع المؤسسات والهيئات المعنية بشؤون المرأة". واستغرب زهراش عدم تدخل الحكومة إلى حدود الآن، قائلا: "كأن الضحايا لسن مغربيات ولا يستحققن الدعم أو المساندة، دون إغفال الصمت الرهيب داخل المجتمع، حيث خُلق رأي عام للتشكيك في القضاء"، مشددا على أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان زار بوعشرين، في حين لم ينصت للضحايا اللائي يفترض أن يتمتعن بحقوق الحماية والتتبع؛ ما دفعنا إلى مراسلة المجلس، للتداول في الموضوع". وأبرزت عائشة الكلاع، عضو الهيئة، أن "الضحايا جرى تغييبهن في الموضوع، علما أن الأمر يتعلق بأخطر الجرائم على الصعيد الدولي، ما يجعل الرأي الأممي الحالي المجسدة في الرسالة عبارة عن مراجعة للرأي السابق الذي غُيِّبت فيه الضحايا، حيث اعترف بوجود الضحايا وتعاطف معهن، فضلا عن ثقته في القضاء الوطني"، مؤكدة أن "الضحايا تحملن تبعات الواقع الذي أجهرن به". فيما تطرقت المحامية مريم جمال الإدريسي إلى ما أسمته ب"المضايقات" التي تعرضت لها المشتكيات في الملف، قائلة: "ضحايا بوعشرين وقعن ضحية لفعل جرمي معين وردود أفعال مجتمعية أساءت إليهن، إلى درجة أن الأمر تسبب لهن في أمراض نفسية ومآس كثيرة؛ ولعل هذا الضرر استفحل بسبب إستراتيجية دفاع بوعشرين التي تعتمد أساليب خارج النظم الأخلاقية، تبتدئ بتسريب المعلومات وتصل إلى درجة تزوير القانون". ومضت مستطردة: "الفريق الأممي استشعر التعسف الذي تعرضت له الضحايا"، متسائلة عن دور الحكومة في الموضوع، من خلال "عدم جوابها على تزوير الحقائق والإساءة إلى السلطة القضائية، عبر الاتهامات التي وجهها شخص في الحكومة تجاه سلطة مستقلة". وهي النقطة ذاتها التي تطرق لها المحامي امبارك المسكيني، الذي شدد على أن "المؤسسات الرسمية وغير الرسمية تخلت عن الأدوار المسندة إليها، في ظل نهج دفاع المتهم لإستراتيجيات غير قانونية وغير أخلاقية".