أعادت الحملة للانتخابات الرئاسية، التي ستجرى في 22 يونيو في موريتانيا، سكان هذا البلد الصحراوي مترامي الأطراف الواقع في منطقة الساحل إلى تقاليد السهرات الانتخابية تحت الخيام، في أجواء احتفالية يدافع فيها المرشحون عن برامجهم في أجواء احتفالية. ويتنافس ستة مرشحين على خلافة الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات ولا يمكنه بموجب الدستور الترشح لولاية ثالثة. ويبدو الجنرال السابق محمد ولد الغزواني، حليف الرئيس المنتهية ولايته منذ أمد بعيد، الأوفر حظا بين المرشحين. ومنحه استطلاع للمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإستراتيجية، نشر السبت، 29,5 في المائة من نوايا التصويت. وأنجز الاستطلاع على عينة من 1300 من ناخبي العاصمة نواكشوط، التي يعيش فيها نحو ربع سكان البلاد. ويلي مرشح السلطة سيدي محمد ولد بوبكر، رئيس الحكومة الأسبق خلال الفترة الانتقالية (2005-2007)، ب23 في المائة من نوايا التصويت والذي يأمل أن يفرض جولة ثانية في 6 يوليوز. ويدعم ولد بوبكر تحالف يضم حزب تواصل الإسلامي، كما يضم خصوصا رجل الأعمال الموريتاني الفرنسي المقيم في الخارج محمد ولد بوعماتو العدو اللدود لنظام ولد عبد العزيز. ثم يأتي باقي المرشحين وهم الناشط ضد الرق بيرام ولد داه ولد عبيد (9,5 في المائة)، والمعارض التاريخي محمد ولد مولود (3,7 في المائة)، والصحافي كان حاميدو بابا (2,6 في المائة)، ومحمد الأمين المرتجي الوافي (2,1 في المائة). "متعة مشتركة" في نواكشوط، نصب أنصار محمد ولد الغزواني خيمتهم التقليدية بجانب خيمة أنصار سيدي محمد ولد بوبكر. وتشكل هذه الخيام أطرا لجذب الناس لتمرير رسالة كل مرشح، خصوصا مع غياب المناظرات التلفزيونية، حتى موعد الجولة الأولى. وتقول السالكة بنت الشيخ، التي وضعت "حجاب الحملة" بألوان مرشحها، إن أنصار المرشح المنافس من الخيمة المجاورة "لا يحرمون أنفسهم من متابعة سهراتنا الراقصة"، مضيفة "سنفعل الشيء ذاته بالتأكيد عندما ينظمون سهرتهم". ويؤكد ناجي ولد محمد، الشاب المناصر لمرشح السلطة، أنه لا يفوت أيا من هذه اللقاءات الانتخابية الليلية التي وصفها بأنها "مناسبات جميلة لمتعة مشتركة تشكل خصوصيتنا منذ أمد بعيد". وأضاف الشاب الطالب، الذي استند إلى صاري الخيمة وسط موسيقى تصم الآذان، "هي أيضا فرصة لإعادة توزيع المال الذي لا تعرف أسراره إلا الحملة الانتخابية". وتابع أن "الجميع يستفيد"، مشيرا إلى "المطاعم التي تزود الخيام والعمال والمغنين الذين ينشطونها" وجميع العاملين في التنظيم، علاوة على "الخطاطين والمصورين وأصحاب المطابع" الذين تزدهر أعمالهم أيضا. التودد لشيوخ القبائل قبل إنهاء حملاتهم الخميس في نواكشوط، يذرع المرشحون البلاد بدءا من مناطق الرعاة في الشرق والزراعية في الجنوب الغربي اللتين تشكلان خزانين مهمين للناخبين في موريتانيا التي يبلغ عدد سكانها 4,5 ملايين نسمة يعيشون في مساحة تفوق مليون كلم مربع. وفي هذه المناطق، يتودد المرشحون كثيرا لشيوخ القبائل والعشائر. وهؤلاء الذين يشكلون واقعيا "ناخبين كبار" يمكن أن يحشدوا أفراد قبيلتهم لفائدة مرشح ولهم تأثيرهم، سواء في المدن أو الأرياف التي يعيش معظمها الفقر والخمول. ووعد المرشحون بتحسين ظروف العيش، خصوصا مع استمرار انتعاشة النمو الاقتصادي الذي بلغ 3,6 في المائة في 2018؛ لكن هذا النمو يبقى غير كاف مقارنة بالنمو السكاني، حسب البنك الدولي. ويرى أنصار مرشح السلطة ولد الغزواني، الذي وعد "بعدم ترك أي فرد على حافة الطريق"، أن الإقبال على هذه التجمعات في الخيام شكل نجاحا كبيرا وأظهر "قوة إقناع" مرشحهم. من جانبه، استنكر صالح ولد دهماش، أحد المتحدثين باسم ولد الغزواني، بث تسجيلات "لعديمي ضمير" عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشكك في أخلاق المرشح، ووصف تلك التسجيلات بأنها "عمليات تركيب سمجة". وحذّرت المعارضة من عملية "سطو" انتخابي، وطالبت بلا جدوى بحضور مراقبين أجانب واتهمت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة بأنها "منحازة بالكامل إلى مرشح السلطة"؛ لكن محمد فال ولد بلال، رئيس اللجنة سالفة الذكر، أكد أن "كل شيء بات جاهزا" لانتخابات "ستضمن شفافيتها؛ حتى في غياب مراقبين". *أ.ف.ب