فوق خشبة المسرح انطلقت أولى تجاربها، وعلى شاشة التلفزيون والسينما استكملت مشاورها الفني، وبتكوين أكاديمي في مجال التمثيل المسرحي والتنشيط الثقافي صقلت موهبتها. خلود البطيوي ممثلة مغربية تعمل بمنطق الانتقائية في الأدوار التي تعرض عليها، متخذة الجودة هدفها والحبكة في الأداء أسلوبها. حصدت جوائز وطنية أهمها جائزة أفضل دور نسائي في مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة في دورته الحادية والعشرين، عن فيلم «أنديكو»، تتويجا لمجهودها المتميز في أداء دور يرصد الأبعاد النفسية والاجتماعية داخل علاقة تربط بين أم عانت من مشاكل واضطرابات في حياتها وابنتها. البطيوي، على الرغم من مشاركاتها في أعمال تلفزيونية وسينمائية، واختيارها لأدوار مسرحية لكبار المسرحيين أمثال الراحل الطيب الصديقي، فإن حضورها في الساحة الفنية الحالية ضئيل، بالنظر إلى عدد الأعمال التي اشتغلت فيها في السنوات الأخيرة. في هذا الحوار، التقت هسبريس بخلود البطيوي وسألتها عن سبب غيابها عن الساحة الفنية المغربية بينما أدت أدوارا وازنة في بداياتها، وعن رأيها في المشهد السينمائي المغربي، وأيضا عن موهبة الغناء التي تمارسها بعيدا عن الأضواء. حصلت على جائزة أفضل دور نسائي في مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال21، ما الذي يميز هذا الدور عن غيره من الأدوار؟ تميزُ هذا الدور يكمن في قساوته، اعتدنا الأم دائما أن تكون حنونة وترأف على أبنائها؛ لكنها هذه المرة تمارس نوعا من اللامبالاة في علاقتها مع ابنتها، إضافة إلى غياب الحوار والتواصل بينهما.. إن الجمهور يخال له أن الأم لا تؤدي دور الأمومة؛ لكن الحقيقة هي أن هذه الشخصية نتاج تراكمات لأوضاع مأساوية عاشتها في وقت سابق. ما سبب غيابك عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة، بالمقارنة مع بداياتك في التمثيل؟ عوامل عدة تتحكم في غيابي عن المشهد الفني المغربي، أهمها قلة العروض التي أتلقاها، وعلى الرغم من قلتها أجد نفسي انتقائية جدا في اختيار الدور الذي يناسبني والذي يمكن أن يشكل نقطة إضافة إلى مسيرتي الفنية.. وشخصيا، لا أبحث عن تسجيل الحضور من أجل الحضور فقط بقدر ما يهمني أن يكون حضوري بصورة مشرفة. ما رأيك في المشهد السينمائي المغربي الحالي؟ تغيرات كثيرة لحقت بالمشهد السينمائي المغربي، يمكن أن نسميها فوضى اكتسحت المجال أو ربما نشاز في المواضيع المطروحة وكذلك معايير اختيار الممثلين في بعض الأحيان، هذا لا ينفي أن هنالك مجموعة من الأعمال في مستوى عال من الجودة؛ لكن للأسف الأغلبية تسير على هذا النهج. بعد تخرجك من المعهد العالي للتمثيل المسرحي والتنشيط الثقافي، كانت الانطلاقة من المسرح مع الراحل الطيب الصديقي، لماذا توقفت عن المسرح في مقابل السينما والتلفزيون؟ توقفي عن المسرح لم يكن اختياريا، المسرح قدم إلى مساري الكثير، واشتغلت في عدد كبير من المسرحيات آخرها مسرحية "شقائق النعمان" من إخراج نعيمة زيطان، لكن تعدد التجارب أمر محمود كذلك. خلود، هل تعتبرين أنك لم تنالي حقك من الفن بالقدر الذي تستحقينه؟ حقيقة، الفن لم يعطني حقي.. ربما هذا نصيبي ماذا عساي أن أفعل؟ خاصة أني لست من الأشخاص الملحاحين الذين يطرقون الأبواب، لا أقترح اسمي على المخرجين، ولا أتطفل على أحد لأحصل على دور من الأدوار، عزة نفسي لا تسمح لي بفعل ذلك. هل يمكن اعتبار أنك تشكلين سببا رئيسيا في غيابك عن الساحة الفنية، بحكم أنك لا تبحثين عن الفرص وتنتظرينها؟ نهائيا، ليس هنالك أي تقصير من جهتي، عرضت علي بعض الأعمال ورفضت بحكم أنها لا تناسبني شخصيا، المسؤولية أحملها لجهات مسؤولة عن الإنتاجات الفنية. أنت عضو في المكتب الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، ما هي الأهداف التي تسعي إلى تحقيقها من خلال عضويتك؟ نحاول قدر الإمكان أن نجد حلولا للمشاكل التي يعاني منها الفنان، خاصة على مستوى الحماية الاجتماعية بالنسبة إلى الرواد بالدرجة الأولى، ففي حالة مرض فنان تدخل جلالة الملك يكون الحل. حضورك على مواقع التواصل الاجتماعي ضئيل جدا، هل اختيار شخصي من أجل الحفاظ على حياتك الخاصة بعيدا عن الأنظار أم أنك لا تهتمين بالعالم الافتراضي؟ لست جد متخفية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولست عنصرا نشيطا، أرى أن أمورا أخرى أهم من هذا العالم الافتراضي الذي اتخذ اليوم وسيلة لاستعراض العضلات والصور. ألا ترين أن هذه المواقع أصبحت ضرورة وأداة من أجل نجاح الفنان، تساعده على الظهور والتفاعل مع الجمهور؟ لا أعتقد، خاصة بالنسبة إلى الجيل الذي أنتمي إليه؛ فتأثيرها سلبي أكثر باعتبار أنها منحت فرصة الظهور لأشخاص لا علاقة لهم بالفن. إلى جانب التمثيل لديك موهبة الغناء، لماذا لم تجربي حظك كمغنية؟ غنيت في مجموعة من السهرات والحفلات الخيرية. ظهرت في البداية كممثلة، وأريد أن أظل كذلك.. لا أريد أن أحترفهما معا، تكويني الأكاديمي في التمثيل وليس في شيء آخر.. للأسف، الجميع أصبح اليوم يحترف كل شيء. *صحافية متدربة