أطلق محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، رفقة نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، اليوم الثلاثاء في العاصمة الرباط، نشاط هيئات التوظيف الجماعي العقاري (OPCI) ؛ ليكون بذلك المغرب أول بلد في المنطقة يطلق هذه الهيئات. وقد أحدث النظام القانوني لهذه الهيئات الجديدة في غشت 2016 طبقاً للقانون 70.14 كما تم تأطيره بنصوص تنظيمية وجبائية ومحاسبية، وتُشكل هذه الهيئات أدوات استثمار مقننة تهدف أساساً إلى بناء أو اقتناء مبان موجهة حصرياً إلى الاستعمال عن طريق الإيجار. ويتوخى من هذه الهيئات، وفقاً للقانون المنظم لها، أن توفر للفاعلين الاقتصاديين، وخصوصاً المقاولات، أدوات جديدة لتمويل أنشطتها وبالتالي المساهمة في نموها وازدهارها، كما توفر منتوجاً مالياً جديداً في مجال توظيف الأموال بالنسبة إلى المستثمرين والمدخرين. كما ستسمح هذه الهيئات أيضاً للمقاولات بتعبئة موارد جديدة وإعادة هيكلة وضعيتها المالية، من خلال نقل أصول ملكية لهيئات التوظيف الجماعي العقاري بغرض كرائها. وتعد هذه الهيئات ذات استثمار جيد وقليل المخاطر. وقال بنشعبون، في حفل افتتاح هذا النشاط، إن الحكومة أعلنت في قانون مالية سنة 2019 وضع أُسُس نمو شامل ومستدام بالاعتماد على مثالية الإدارة وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار والميثاق الجديد للاستثمار الجاري الإعداد له، إضافة إلى إصلاح المنظومة الضريبية. وأشار بنشعبون إلى أن الحكومة تعوّل أيضاً على انخراط قوي للقطاع الخاص وتحريك دينامية سوق الرساميل، مورداً أنه في تم هذا السياق إعادة استئناف برنامج الخوصصة والمصادقة على القانون الخاص بالشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي سيحال على البرلمان قريباً، إضافة إلى إطلاق صكوك إسلامية. وأكد الوزير أن نشاط هيئات التوظيف الجماعي العقاري سيساهم في تمويل وعصرنة أساليب وأدوات تمويل الاقتصاد، وإحداث دينامية في سوق الرساميل؛ حتى يتمكن من لعب دوره الكامل في تعبئة المدخرات وتخصيصها بكفاءة لصالح الاستثمار. وشدد بنشعبون على أن هذه الهيئات تشتغل بقواعد صارمة من حيث الحكامة والإشراف والاستثمار؛ وهو ما يجعل منها أدوات استثمار حديثة وعالية الجودة. وأضاف أنها تلبي احتياجات بعض المستثمرين فيما يتعلق بالاستثمار الطويل الأجل المدعوم بأصول عقارية والمعتمد على إيرادات الإيجار، كما توفر مرونة من حيث الوصول إلى أسواق العقارات المختلفة. ويتوخى من هذه الهيئات، حسب الوزير، أن تساهم في تطوير عرض كافي وجيد فيما يخص العقارات المستأجرة في مجالات التجارة والخدمات والصناعة والفنادق، إضافة إلى تعبئتها لموارد جديدة للشركات وإعادة هيكلة أوضاعها المالية. وأفاد الوزير بأن إمكانات هيئات التوظيف الجماعي العقاري في المغرب تقدر ب200 مليار درهم في قطاع سوق المكاتب، كما أن المراكز التجارية والفنادق والمساكن السياحية والمستودعات والمراكز الصناعية توفر هي الأخرى فرصاً لا تقل أهمية. من جهتها، قالت نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، إن إطلاق هذه الأدوات الاستثمارية الجديدة يندرج في إطار إستراتيجية تنويع الأدوات المالية التي تستجيب للحاجيات المالية للفاعلين الاقتصاديين. وتشكل هذه الآليات، حسب حيات، رافعة أساسيةً مهمةً لتمويل القطاع العقاري المهني. كما تعتبر مرحلة أساسية في إطار تنفيذ الرؤية الجديدة الخاصة بتنمية سوق الرساميل الهادفة للمساهمة في تمويل الاقتصاد الوطني بشكل فعال. وأشارت المسؤولة إلى أن المغرب يُعدّ اليوم البلد 38 عالمياً الذي يضع نظاماً لهيئات التوظيف الجماعي العقاري، والثالث في القارة الإفريقية والأول في المنطقة؛ وهو ما سيساهم في تعبئة الادخار طويل الأمد وتوجيهه نحو التمويل والاستثمار. وبعد إطلاق نشاط هذه الهيئات في المغرب، تدرس الهيئة المغربية لسوق الرساميل طلبات وضعها عدد من الفاعلين للحصول على ترخيص مؤسسات تدبير ضمن هيئات التوظيف الجماعي العقاري، ومن المنتظر أن تمنح التراخيص في الأسابيع المقبلة. وأطلقت هذه الهيئات لأول مرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب اعتماد نظام Real Estate Investment Trusts. وقد عرفت نجاحاً كبيراً، حيث بلغت رسملتها في سنة 2017 حوالي 1000 مليار درهم؛ ما يمثل الثلثين من الرسملة الدولية في هذا المجال. وفي أوروبا، تم اعتماد هذه الآليات الاستثمارية في العقار مؤخراً، بحيث صادقت فرنسا على نظام هيئات التوظيف الجماعي العقاري سنة 2007، ومنذ إطلاقها عرفت نمواً كبيراً سجل زيادة ب700 في المائة ما بين سنتي 2014 و2018.