ستكون زعيمة الحزب الاشتراكي-الديمقراطي الدنماركي، ميت فريدريكسن، الفائزة غير المفاجئة في الانتخابات التشريعية أول أمس الأربعاء، قد أقامت ببراعة الحجة على أن الأسس الإيديولوجية يمكن أن تتكيف بسهولة مع "تغير المفاهيم". وبالنظر إلى نتائج الاقتراع (25.9 في المئة)، فلربما لم يعد هناك تنافر بين كونك اجتماعيا ديمقراطيا ومعاديا للهجرة في الآن ذاته. "بالنسبة لي، من الواضح بشكل متزايد أن ثمن العولمة غير المتحكم فيها والهجرة الجماعية وحرية حركة العمال تدفعها الطبقات الدنيا"، تقول فريدريكسن في سيرة ذاتية نشرت حديثا. ومن قبيل الصدفة، فقد كانت البالغة من العمر 41 عاما تخضع للعلاج في المستشفى بسبب تسمم غذائي في اليوم الذي أعلن فيه رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لارس لوك راسموسن، إجراء انتخابات عامة في الخامس من يونيو. وبسرعة كبيرة، ومع كل الزخم الذي حققته، قامت بتسجيل حضورها على موقع "فيسبوك" بمقطع فيديو، تقوم فيها بشبك أزرار سترتها وترتيب قصة شعرها على صوت موسيقى الروك الصاخبة. وأمام الكاميرا أعلنت: "أنا مستعدة مرة أخرى". ومع كتلة يسار الوسط التي تنتمي إليها، كانت تعمل بثبات في الواجهة الأمامية، تقود حملة تتماشى مع مواقف يسارية في الاقتصاد ويمينية في الهجرة، إلى درجة أن استطلاعا أجرته مؤسسة "فوكسمتر"، نشر الاثنين، قد رجح حصول المعارضة بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين على نسبة 59.2 في المئة من الأصوات. وفي ظل قيادتها، دعا الاشتراكي الديمقراطي إلى الحد من "المهاجرين غير الغربيين"، وطرد طالبي اللجوء إلى مركز استقبال في شمال إفريقيا، والتزام جميع المهاجرين بالعمل لمدة 37 ساعة في الأسبوع مقابل الحصول على فوائد. وخلال العام الماضي، أجرت محادثات مع حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف) وناقشت معه سبل التعاون المحتمل داخل الحكومة، بينما صوتت إلى حد كبير لصالح قانون مكافحة الهجرة الأكثر صرامة في تاريخ الدنمارك بقيادة حكومة ائتلاف يمين الوسط. كل شيء كان يمر خلال هذه الفترة: من القانون الذي يسمح بمصادرة مجوهرات اللاجئين إلى حظر البرقع والنقاب، مرورا بإجبارية المصافحة للحصول على الجنسية وخطة إسكان المتقدمين للجوء المتورطين في جرائم في جزيرة تستخدم لأغراض البحث عن الأمراض الحيوانية المعدية. وكان مسك الختام، في فبراير الماضي، دعمها ما وصفه الحزب الشعبوي اليميني المتطرف بأنه "تغيير النموذج"، وهو تحفيز للترحيل، عوض الاندماج، كهدف لسياسة اللجوء. صحيح أن العديد من الديمقراطيين الاجتماعيين انتقدوا انجراف زعيمتهم إلى اليمين فيما يتعلق بمسألة الهجرة، إلا أن رئيسة الوزراء المستقبلية لهذه لبلاد الشمالية لا تكترث. لقد كانت فريدريكسن عصية جدا على المعارضة الداخلية، كما كان الحال مع زميلتها في الحزب، ميت غييرسكوف، الوزيرة السابقة، التي عارضت بشدة الحظر المفروض على البرقع. وتم فصلها من منصبها كمتحدثة باسم الحزب من أجل التنمية الدولية. وقالت في سيرتها الذاتية: "كنت أدرك أن تغيير المواقف داخل الحزب سيستغرق الكثير، لكنني علمت أنه يجب علي الفوز في هذه المعركة"، مضيفة أنه "في العادة، كان علي أن أقدم تنازلات، ولكن ليس حول سياسة الهجرة". سيكون انتصار الاشتراكيين الديمقراطيين الدنماركيين بمثابة نعمة لنظرائهم الأوروبيين، خاصة وأن فريدريكسن دافعت عن نهجها في اجتماع عقد في لشبونة في دجنبر الماضي. وفي مرافعتها، انتقدت رفاقها لأنهم فقدوا ثقة ناخبيهم عندما فشلوا في منع العولمة من تقويض حقوق العمال، وتعزيز عدم المساواة من خلال تعريض الطبقات العاملة للهجرة غير المنضبطة. وقالت لهم: "لسنوات قللنا من أهمية تحديات الهجرة الجماعية"، مؤكدة أن "السياسة الاقتصادية والخارجية في أوروبا كانت ليبرالية للغاية. لقد فشلنا في المحافظة على العقد الاجتماعي، الذي هو الأساس للنموذج الديمقراطي الاجتماعي". وفي سن 41 عاما، ستكون ميت فريدريكسن أصغر رئيسة للوزراء في البلاد؛ إلا أنها أبعد ما تكون على أنها مغمورة في السياسة. *و.م.ع