موضوع هذه الورقة هو قراءة قانونية لما عرفته من أحداث وما آلت إليه من نتائج مباراة كرة القدم التي جرت بين نادي الوداد الرياضي المغربي والترجي الرياضي التونسي برسم إياب نهاية كأس عصبة الأبطال الإفريقية. وسأحاول الوقوف من جهة، على مختلف الخروق والتجاوزات المرتكبة من طرف كل من الفريق المضيف بجميع مكوناته، وطاقم التحكيم، ومسؤولي "الكاف"، في حق الكثير من مقتضيات القوانين المرتبطة بالموضوع، وفي مقدمتها قوانين لعبة كرة القدم، الصادرة عن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم ''IFAB'' والقانون التنظيمي لمسابقة كأس عصبة الأبطال الإفريقية، وكذا القانون الأساسي للكاف، ومن جهة ثانية، على الآثار القانونية والجزاءات التي ينبغي ترتيبها على ضوء القوانين المذكورة، وهي الآثار التي لا يمكن أن تخرج عن إحدى النتائج المتعلقة بالفرضيات والحالات الواردة أدناه والتي تصب كلها في اتجاه إعلان بطلان تتويج الترجي التونسي بطلا للكأس. أولا: الغش والتدليس أفرزت الوقائع التي عرفها ملعب رادس مجموعة من الأدلة والقرائن التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك معدل إخلالات خطيرة بمبادئ النزاهة التي يجب أن تطبع المنافسات الرياضية، تتمثل على وجه الخصوص في لجوء عدة جهات من فريق الترجي الرياضي، ومن مسؤولي الكاف، بالإضافة لطاقم التحكيم إلى الغش والتدليس من أجل ضمان فوز الفريق المضيف بالكأس. وأهم تلك القرائن والمعطيات التالية: كان هناك حرص من الجهات المذكورة على أن تلعب المباراة بدون طاقم تحكيم الفيديوVAR، وهكذا كان، بحيث لم تكن هناك أية غرفة مخصصة لطاقم التحكيم المذكور، وحتى إن وجدت، فإنها كانت فارغة، وهوما يستفاد من عدم عرض أية لقطة للغرفة المذكورة أثناء نقل المقابلة، ومن تصريحات بعض لاعبي فريق الترجي الرياضي بكون حكم المقابلة أشعر عميدي الفريقين قبيل انطلاق المقابلة بعدم توفر أجهزة تقنية الفيديو. لم يتم إطلاقا إشعار الفريق الزائر بتعطل تقنية الفيديو في الاجتماع الذي يعقده مندوب المباراة قبل تاريخها بيوم واحد أو صبيحة يوم إجرائها طبقا للبند 4 من الفقرة الثالثة من المادة 08 من القانون التنظيمي للمسابقة. واكبت هذا الحرص على إجراء المقابلة بدون تقنية الفيديوVAR، مناورات تدليسية للتمويه، تمثلت من جهة في وضع اللجنة المنظمة للمباراة جهازا صوريا غير مشغل على جانب الملعب في المكان المخصص لجهاز مراجعة الحكم (RRA)، للإيهام بأن المباراة تجري باستعمال تقنية الفيديوVAR، ومن جهة ثانية، في وضع الحكم بعض المرات أصبعه على سماعة الأذن المفروض أنها مربوطة عن بعد بغرفة VAR وذلك للإيهام بوجود تقنية الفيديوVAR وبأنه على اتصال بطاقمها، ثم توجهه لاحقا إلى الجهاز الصوري على جانب الملعب، وهو يعلم علم اليقين أنه لم يكن مشغلا، هذا بالإضافة إلى أمره تنفيذ خطأ التسلل بعد الهدف المشروع بسرعة وذلك لتفادي الوقوع تحت ضغط اللجوء إلى الفيديو الذي يعلم أنه غير متوفر. تعرض بعثة الوداد الرياضي ولاعبيه لخدعة رخيصة أثناء توقف المباراة نتيجة مطالبة لاعبي الوداد الرياضي بتشغيل الفيديو للتأكد من مشروعية الهدف المسجل تتمثل في إيهامهم بأن اللجنة المنظمة للمباراة بصدد العمل على إصلاح جهاز الفار VAR في الوقت الذي يعلم المنظمون أن تجهيز المباراة بتقنية الفار VAR بات غير ممكن أو على الأقل أنه لم تكن لهم أية نية للقيام بذلك. تضارب التبريرات التي قدمت عقب انفضاح أمر عدم توفر تقنية الفيديوVAR في المباراة، بين زعم أن أجهزتها كانت مشغلة لكنها تعطلت أثناء المباراة، وبين رواية أن ثلاثة قطع الجهاز كانت منتظرة أن تصل إلى تونس من السعودية، وأن اثنتان فقط هما اللتان وصلتا، مما تعذر معه تشغيل التقنية، وبين ادعاء أن التجهيزات لم تكن متوفرة، وأنه تم إشعار الفريقين بذلك، وهذا التضارب يعكس الارتباك الحاصل للمنظمين نتيجة فشلهم في تقديم مبرر مشروع ومقبول لعدم توفر تقنية الفيديو ويشكل الدليل على أن تعطيل التقنية كان متعمدا. تصريح رئيس الكاف بأنه كان ضحية تهديد من طرف المسؤول الأول عن الفريق المضيف أثناء توقف المباراة. طول وقت توقف المباراة لما يفوق مدة التوقف القانونية في مثل هذه الحالات، يعكس الضغط الرهيب الذي مارسه مسؤولو الفريق المضيف ومن يواليهم من مسؤولي ''الكاف''، من أجل عدم ترتيب الأثر القانوني على ما حصل، وهو إعلان فوز الوداد أو على الأقل الإعلان عن إعادة المباراة لاحقا، وهو الضغط الذي امتد إلى حين خروج لاعبي نادي الوداد الرياضي من رقعة الملعب في انتظار حل المشكل، ليجد التونسيون في هذا الخروج ضالتهم فدفعوا بها كمبرر للقول بأن الأمر يتعلق بانسحاب والإعلان عن فوز فريقهم، وهوما تحقق لهم. تصريح رئيس فريق الوداد الرياضي بأنه تعرض لمساومة رخيصة لثنيه عن التصعيد مقابل وعد بمساعدته على الحصول على لقب السنة المقبلة. تصريح رئيس ''الكاف'' بأنه لا يفهم كيف أن جهاز الفار VAR يشتغل دائما ولا يحصل له أي عطب إلا في تونس، وأن هذا المعطى تم تداوله من طرف العديد من رؤساء الفرق التي شاركت في المسابقة حسب ذكر الرئيس نفسه. سابقة مماثلة حصلت عندما سهر الفريق المضيف نفسه في مباراة سابقة له ضد الأهلي المصري على تعطيل تقنية الفار VAR ولعب المباراة بدونها. ترؤس التونسي طارق البوشماوي للجنة الدائمة لتنظيم المنافسات بين الأندية '' بالكاف'' وتداول أخبار عن استغلاله لمركزه هذا من أجل تسهيل تتويج الترجي الرياضي. نحن إذن أمام معطيات خطيرة وصادمة تفيد بشكل قاطع أنه حصل غش دبره الفريق المضيف وشارك فيه مسؤولون ''بالكاف'' وكذا طاقم التحكيم من أجل بقاء الكأس بتونس. وهوما يستدعي تفعيل مقتضيات المادة 16 من القانون التنظيمي لمسابقة كأس عصبة الأبطال التي تنص على أنه "إذا ارتكبت إحدى الفرق المشاركة غشا يمس بالنزاهة الرياضية، فيجب مباشرة فتح تحقيق (الفقرة الأولى) وفي حالة ثبوت ارتكاب الغش في مباراة نهائية من طرف الفريق المعلن فوزه بالكأس، فإن هذا الأخير يطالب بإرجاع الكأس لتسليمها للفريق الآخر، مع حرمان الفريق المرتكب للغش من جميع منافسات الكاف لمدة ثلاث سنوات" (الفقرة 04).كما أنه إذا ثبت أن الجامعة الوطنية المنتمي إليها الفريق المرتكب للغش، قد شاركته أو ساعدته في الغش، فإنها تتعرض لعقوبة الحرمان من جميع مسابقات الكاف المتعلقة بالأندية لمدة ثلاث سنوات (الفقرة 05).وتطبيقا لذلك، فإن أول قرار يجب أن يتخذه المكتب التنفيذي ''للكاف'' في اجتماعه الطارئ ليوم 04 يونيو2019 هو فتح تحقيق في الموضوع. ثانيا: عدم اكتمال نصاب طاقم التحكيم بإدخال تقنية المراقبة بالفيديو(VAR) في قوانين لعبة كرة القدم، أصبح طاقم تحكيم أي مباراة مشكلا من مكونين اثنين هما "حكام المباراة على أرضية الملعب" وهم الحكم والحكمان المساعدان، والحكم الرابع، والحكمان المساعدان الإضافيان، والحكم المساعد الاحتياطي، من جهة، و"حكام المباراة بالفيديو" وهو الحكم المساعد بالفيديو ومعاون مساعد الحكم بالفيديو من جهة ثانية. وهذا ما نصت عليه صراحة مقدمة القانون رقم 06 من قوانين اللعبة المعنونة ب "الحكام الآخرون". في صيغتها بعد إدخال التعديلات المتعلقة بإدخال تقنية المراقبة بالفيديو. وعلى ضوء القانون المذكور يعتبر طاقم التحكيم المساعد للحكم الرئيسي بتقنية الفيديو جزءا لا يتجزأ من طاقم تحكيم المباراة ككل شأنه في ذلك شأن باقي مكونات الطاقم التحكيمي التي تتمتع بنفس الوضعية القانونية من حيث اعتبار حضورها كلها ضرورة أساسية لإجراء المقابلة، بحيث يكون تخلف أي مكون من مكونات طاقم التحكيم بمثابة تخلف للطاقم بكامله، وبالتالي مانعا من إجراء المباراة وذلك تحت طائلة تطبيق الجزاء المنصوص عليه في البند 15 من الفقرة 02 من المادة 08 المتعلقة برسميي المباراة، والتي تقضي بأن الفريق المضيف يعتبر مسؤولا عن أي تخلف لطاقم التحكيم المعين من طرف الكاف عن المباراة، ويتم إعلان الفريق المضيف في حالة حصول ذلك منهزما بنتيجة اثنين لصفر، ويتم إقصاؤه بغض النظر عن النتيجة الفعلية للمباراة. وتطبيقا للمقتضى المذكور، يكون فريق الوداد الرياضي باعتبار النتيجة الجزافية المذكورة ونتيجة الذهاب هو الفائز بالكأس، ويبقى إعلان فريق الترجي فائزا بها إجراء باطلا. ثالثا: صدور قرار إنهاء المباراة عن غير ذي صفة تطاولا على اختصاص الحكم ينص القانون رقم 05 من قوانين اللعبة على أن حكم المباراة يملك وحده كل السلط من أجل السهر على تطبيق قوانين اللعب، (الفصل الأول) ويتخذ قراراته بشكل منفرد وباستقلال عن أي كان، وبناء على قناعته الشخصية وقراراته تكون نهائية ويجب احترامها (الفصل 2). كما نص البند 09 من الفقرة 03 من الفصل الثامن من القانون التنظيمي للمسابقة المتعلق برسميي المباراة على أنه بمجرد انطلاق المباراة يصبح الحكم هو المؤهل الوحيد للإعلان عن توقيف المباراة أو إعلان انتهائها قبل انصرام وقتها القانوني. وتنص الفقرة الرابعة من المادة 8 من القانون الأساسي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم المتعلقة بلجنة الحكام على أن الحكام يتمتعون باستقلال تام في ممارسة مهامهم، ولا يمكن أن يكونوا موضوع أي ضغط. ومفاد هذه القواعد، أن حكم المباراة يبقى صاحب الكلمة الأولى والأخيرة داخل رقعة الميدان ولا يمكن التدخل في عمله إلا بعد انتهاء المباراة وذلك بالتقييم والمحاسبة. وبالرجوع إلى شريط أحداث المباراة أثناء توقفها، نجد أن عددا من مسؤولي الكاف ومسؤولي الفريق المضيف وجامعة الكرة التونسية اقتحموا رقعة الملعب حيث جرت نقاشات بالرغم من أنه لم يعلن ساعتها عن فحواها، ولكن تبين لاحقا أنها كانت تهدف إلى ثني رئيس فريق الوداد الرياضي عن المطالبة بتقنية الفار قبل مواصلة اللقاء بعد أن لم يف هؤلاء بالوعد الذي قدموه للفريق المذكور بالعمل على إصلاح تجهيزات الفيديو وتشغيلها. ولما باءت كل هذه المحاولات بالفشل نتيجة تمسك الفريق الزائر بحقه المشروع في تشغيل تقنية الفيديو تحقيقا لمبدأي العدل وتكافؤ الفرص، صدرت تعليمات من المنصة الرسمية إلى حكم المقابلة بإنهاء اللقاء وإعلان فوز الفريق المضيف، وهوما يعتبر خرقا سافرا للمقتضيات القانونية المذكورة أعلاه التي تكرس استقلالية الحكم المطلقة في اتخاذ قراراته داخل رقعة الملعب ومسؤوليته وصلاحيته وحده في تطبيق قانون اللعبة بدون تدخل أية جهة كانت داخل ''الكاف''، باعتبار أن تفعيل مساطر تقييم أداء الحكم ومراقبته لا تبتدئ إلا بعد انتهاء المباراة وبعد رفع تقارير هذا الأخير وتقارير مندوب المباراة والمنسق العام ومفتش الحكام عند الاقتضاء. وترتيبا على ذلك، يكون قرار إنهاء المباراة قد اتخذ من غير ذي صفة ومن طرف جهة لا يخولها القانون ذلك، مما يبقى معه قرارا باطلا تبقى معه الكأس من نصيب فريق الوداد الرياضي، مادام أن المسؤولية في كل ما حصل يتحملها الفريق المضيف لكونه، بمعية اللجنة المنظمة السبب في توقف المباراة وعدم تحقق شروط مواصلتها. رابعا: عدم صلاحية وجاهزية الملعب قانونا لإجراء المباراة بالرجوع إلى قوانين لعبة كرة القدم 19/2018 الصادرة عن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم IFAB وبالتحديد إلى القانون رقم 01 المتعلق بملعب كرة القدم، نجده حدد المواصفات التي يجب توفرها في الملعب ليكون قابلا لإجراء مباراة لكرة القدم، وكذا التجهيزات والمرافق التي يجب أن يشتمل عليها. وقد أورد أن من بين هذه المرافق والتجهيزات، التجهيزات المتعلقة باستعمال تقنية "الفيديو لمساعدة الحكم Assistance vidéo à l'arbitrage") ومنها على وجه التحديد غرفة تشغيل الفيديو(VOR)، حيث يعمل حكم الفيديو المساعد (VAR) ومساعد حكم الفيديو المساعد (AVAR)، وعامل مشغل الإعادات (RO)، وكذا منطقة مراجعة الحكم (RRA) التي تكون في الغالب على جانب رقعة الملعب في موقع ظاهر ومحددة بوضوح، وقد جاء التنصيص على ضرورة تزويد الملعب بهذه المعدات بصيغة الوجوب، إذ جاء في المادة 14 من القانون رقم 1: "في المباريات التي يتم فيها استخدام تقنية مساعدة الحكم بالفيديو يجب أن تكون هناك غرفة لتشغيل الفيديوVOR إلخ...'' الأمر يتعلق إذن بقاعدة آمرة لا يمكن الاتفاق على مخالفتها ترتب عدم جواز إجراء مباراة في كرة القدم تقرر استخدام تقنية VAR فيها دون توفير التجهيزات التقنية المذكورة وتشغيلها فعلا. وتستمد هذه القاعدة صبغتها الآمرة من كون الهدف من وضعها كان هو تكريس النزاهة والعدل في مسابقات كرة القدم ومحاربة الفساد والتلاعب بنتائج المباريات. وعلى ضوء ذلك، يكون إجراء مباراة النهاية إياب بملعب رادس رغم عدم توفر تجهيزات استخدام تقنية VAR باطلا لمخالفته لمقتضيات المادة 16 المذكورة، ولا يمكن الاعتداد بنتيجة المباراة سواء توقفت أو استنفذت وقتها القانوني بالكامل، وكان على اللجنة المنظمة أن تبادر إلى إرجاء إقامة المباراة إلى حين تدارك الأمر وصيرورة ملعب المباراة مستوفيا للشروط القانونية الواردة بالمادة 16. وما دام أنه تقرر إنهاء المباراة قبل وقتها القانوني، وأن السبب الرئيسي في ذلك هو عدم توفر تجهيزات طاقم تحكيم VAR التي طالب بها الفريق الزائر رغم محاولات اللجنة المنظمة إحضارها، فإنه كان يتعين ترتيب الأثر القانوني المنصوص عليه في الفقرة 04 من المادة 12 من القانون التنظيمي للمسابقة التي تقضي بأنه إذا توقفت المباراة بعد إعطاء انطلاقتها من أجل سبب قاهر وخصوصا منه ما يتعلق بعدم صلاحية الملعب لإجراء المباراة، فإنه يعاد إجراء المباراة في تاريخ لاحق بعد إصلاح ما يمكن إصلاحه، وذلك انطلاقا من نفس الدقيقة التي توقف فيها، وبنفس النتيجة المسجلة وبنفس اللاعبين، وبنفس الوضعية التي توقفت عندها المباراة (الاحتفاظ بحالات الإنذار، والطرد، وعدد التغييرات المتبقية لكل فريق...).ويجدر التأكيد هنا على أن النتيجة التي يجب احتسابها قانونا هي نتيجة التعادل ( هدف لهدف)، لكونها النتيجة القانونية والتي كان سيؤكدها تسجيل الفيديو لو تم تشغيله، ولا يمكن أن يشكل عدم إمكان تشغيل الفيديو مبررا للقول بعدم احتساب الهدف المشروع ما دام أن الفريق المسجل للهدف لا يد له في تعذر إجراء مراقبة بالفيديو، مما لا يمكن معه أن يؤاخذ بجريرة خطأ، بل غش ارتكبه الفريق الأخر. وبناء على هذا المقتضى، يكون إعلان نهاية مباراة رادس بفوز فريق الترجي الرياضي باطلا لخرقه للفقرة 04 من المادة 12 المذكورة. خامسا: تعسف قرار إنهاء المباراة بترتيب جزاء لا يسمح به القانون تنص الفقرة 17 من المادة 11 من القانون التنظيمي لمسابقة عصبة الأبطال الإفريقية على أن رفض فريق مواصلة المباراة أو انسحابه من المباراة قبل انتهاء وقتها القانوني يجعله خاسرا للمباراة ويتم إقصاؤه، وذلك باستثناء حالة القوة القاهرة، وبالنظر لكون فريق الوداد الرياضي لم يصدر عنه أي رفض لمواصلة اللقاء، وأنه لم يعبر عن أي انسحاب، فإن جزاء الإقصاء المنصوص عليه في النص المذكور لا يمكن أن ينطبق عليه، خصوصا وأن سبب عدم مواصلة اللقاء هو تعذر توفير تقنية الفيديو، وهو سبب خارج عن إرادة فريق الوداد الرياضي ولا يمكن إلا اعتباره من قبيل القوة القاهرة التي تبطل جزاء الإقصاء في حقه. وبناء على ذلك، يكون إعلان فوز فريق الترجي الرياضي قرارا باطلا لعدم قابلية تطبيق الجزاء المذكور على حالة الوداد الرياضي، باعتبار أنه جزاء يطبق فقط في الحالة التي يكون فيها الانسحاب أو رفض مواصلة اللقاء بمحض إرادة صاحبه ودون تدخل أي عنصر خارجي دفعه إلى ذلك، هذا بطبيعة الحال إذا افترضنا أن فريق الوداد الرياضي انسحب من المباراة أو رفض مواصلتها وهوما لم يحصل إطلاقا. سادسا: عدم مشروعية إقامة المباراة بملعب مهدد بالانفلات الأمني راجت أخبار أكدتها بعض التصريحات مفادها أنه تم تخويف رئيس ''الكاف'' من مغبة وقوع انفلاتات أمنية خصوصا إذا لم يفز الفريق المضيف بالكأس، وعلى افتراض صحة وجود خطر حصول انفلات أمني فعلا واقتناع مسؤولي ''الكاف'' بوجوده، فإن قرار اللجنة المنظمة بإجراء المباراة رغم ذلك برادس، يعتبر قرارا مخالفا للقانون وبالتحديد لمقتضى المادة 13 من القانون التنظيمي للمسابقة الذي جاء فيه أنه "في حالة وجود قلاقل أو قوة قاهرة أو وضعية في بلد من شأنها تهديد الأمن بمناسبة إجراء مباراة ما، فإنه يجب على جامعة البلد المعني أن تعين بلدا آخر لاحتضان المباراة، وإلا عينته اللجنة المنظمة (الفقرة 01 و02 من المادة 13 المذكورة) أو تقرر هذه الأخيرة إجراء مباراة واحدة عوض مباراتي الذهاب والإياب، وذلك ببلد الفريق الخصم". وحيث إن عدم تفعيل مسؤولي ''الكاف'' واللجنة المنظمة لهذا المقتضى عندما أشعرا بخطر الانفلاتات الأمنية، يعتبر خرقا للقانون، مما يكون معه إجراء المباراة، رغم ذلك بتونس، باطلا ولا يمكن أن ترتب أي أثر بما في ذلك النتيجة المعلنة، مما يتعين معه إعادة إجراء المقابلة بالمغرب أو ببلد آخر غير تونس. سابعا: خرق رئيس الكاف لواجب التحفظ وتجاوزه لاختصاصاته يعتبر حضور رئيس الكاف في مباراة لكرة القدم حضورا بروتوكوليا لا أقل ولا أكثر ينحصر في مشاهدة المقابلة رفقة باقي الوفود الرسمية والإشراف على مراسيم تسليم الكأس والميداليات، إلا أن رئيس ''الكاف'' خرج عن هذا الإطار عندما نزل إلى رقعة الملعب وشارك بل قاد النقاشات التي جرت أثناء توقف المباراة والتي تعتبر كلها عبثا لا محل له من إعراب قوانين اللعبة ولا قوانين ''الكاف''، بل أكثر من هذا كان وراء التعليمات المملاة على الحكم بإنهاء المباراة وتتويج الفريق المضيف، أو على الأقل زكى التعليمات التي صدرت بهذا الشأن من أحد مرافقيه، مع العلم أن مجال عمل رئيس ''الكاف'' وممارسة اختصاصاته ليس بالملعب ولكن خارجه بمكاتبه وبدواليب الكونفدرالية، ولا توجد من بين اختصاصاته المسطرة بالفصل 24 من القانون الأساسي ''للكاف'' أية إشارة إمكانية ممارسته لصلاحية مهما قل شأنها داخل ملعب لكرة القدم. ولا شك أن تصرف رئيس ''الكاف'' الأرعن هذا، يشكل إساءة بليغة للكاف ولكرة القدم الإفريقية، وإخلالا بالقواعد والمبادئ المسطرة بالفصل الثاني من القانون الأساسي للكاف، وفي مقدمتها تكريس قيم الحكامة الكروية الجيدة، والنزاهة والروح الرياضية وصيانة واحترام الأنظمة والقوانين ومحاربة كل الممارسات التي من شأنها المس بسمعة كرة القدم الإفريقية. *محامي وحقوقي