في قلب العاصمة الرباط، يقع مسجد صغير يحمل اسم إسماعيل فرج، طاقته الاستيعابية لا تتعدى بضع عشرات من المصلين، لكنّه يستقطب طيلة ليالي شهر رمضان أفواجا هائلة من المصلّين، تمتلئ بهم جنبات الشوارع المحاذية للمسجد عن آخرها. السرّ في الإقبال الكبير للمصلين على مسجد إسماعيل فرج، الذي شيّده ويُشرف عليه أحد المحسنين، يكمن في حنجرة إمام المسجد، الشاب ياسين كصوان، الذي يحرص خلال الركعات الثماني لصلاة التراويح على القراءة في كلّ ركعتين بطريقة مختلفة. بسلاسة وبدون تكلّف، يتنقل الإمام الشاب من طريقة إلى طريقة، مزاوجا بين القراءة المشرقية، وخاصة الطريقة التي يقرأ بها إمام المسجد الحرام، عبد الرحمان السديس، وبين الطريقة المغربية، بصوت جميل يُوصل مضمون الآيات القرآنية إلى شغاف قلوب المصلين. القراءة بطرائقَ متنوعة، وبصوت "ذهبي" لا تعوزه المقامات، تشدُّ المصلين خلف الإمام ياسين كصوان إلى أماكنهم إلى غاية إتمام الركعة الأخيرة من صلاة التراويح طيلة شهر رمضان الكريم. بعد مغرب كل يوم من أيام رمضان، يتم إغلاق منافذ الشوارع المؤدية إلى مسجد إسماعيل فرج، الواقع في حي ديور الجامع، في وجه العربات، تحت إشراف عناصر الأمن، وتُحوَّل الشوارع إلى فضاء للصلاة بعد أن تُبسَط عليها الحصائر. ليلة أمس السبت غصّت الشوارع المحاذية لمسجد إسماعيل فرج عن آخرها بالمصلين الذين أحيوْا ليلة القدر وسط جو من الخشوع، مهّد له الإمام ياسين كصوان قبل الشروع في الصلاة بدعوة المصلين إلى الحرْص على تنظيم أنفسهم، تيسيرا لمهمّة مصالح الأمن واللجنة الساهرة على تنظيم شؤون المُصلّى. لا يُخفي هذا الإمام الشاب الذي يحظى باحترام وإعجاب كبير من طرف المصلّين سعادته بإقبال المغاربة على إعمار بيوت الرحمان خلال شهر رمضان، متمنيا أن يستمر هذا الإقبال على المساجد طيلة أيام السنة، وألا يقتصر فقط على هذا الشهر الفضيل. ويضيف الإمام، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قبيل صلاة التراويح ليلة أمس السبت، أنّ "نعمة الأمن والأمان والوسطية والاستقرار التي يتمتع بها المغرب فضل عظيم يزيد منه التزايد المطرد لإقبال جموع المصلين على بيوت الله في شهر رمضان". يتمسك ياسين كصوان بالوسطية والاعتدال، ويَعتبرهما السبيل ليتمسّك الناس بالدين، وخاصة الشباب، لذلك لا يتردد في البسْط مع الناس، والحديث معهم بعفوية، من أجل تكريس صورة جميلة وإيجابية عن الدين الإسلامي، دين الوسطية والاعتدال. قبل أن يكبّر للركعتين الأخيرتين من صلاة التراويح التي خُتم فيها القرآن ليلة أمس السبت، حرص الإمام الشاب على إخبار المصلّين بأنَّه سيُطيل في الدعاء، داعيا مَن لم يستطع المواصلة قائما أن يجلس، فالدين الإسلامي دين يُسر وليس دينَ عسر.