المجلس الأعلى للسلطة القضائية يشدد على ضرورة احترام الأجل المعقول في القضايا    مندوبية التخطيط تسجل ارتفاع إنتاج الكيماويات والأدوية وتراجع إنتاج النسيج    الأمطار تنعش حقينة ‪سدود سوس    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    أسماء جديدة في قائمة أسود الأطلس لمواجهتي النيجر وتنزانيا    الركراكي: هدفنا تأهل مبكر إلى كأس العالم 2026    هذيان في منتصف الطريق    ما يستطيعه التاريخ اليوم؟    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    جامعة الرباط تحتفي بالفيلم الجامعيّ    ترقّب لمآسٍ بعد محاولات شباب وقاصرين السباحة إلى سبتة خلال العاصفة    الرفع من قيمة إعانات "دعم الفقراء" في 2025 ينتظر قرارا حكوميا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تفاصيل استماع القضاء لشقيق بعيوي    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقيف مغربية بمطار برشلونة بعد ضبط 187 كبسولة حشيش داخل جسدها    وهبي عن المسطرة الجنائية .. الواقع يفرض تقديم تنازلات للتوصل إلى صيغة توافقية    الجولة 25 من الدوري الاحترافي الأول : نهضة بركان على أعتاب التاريخ وصراع المقاعد الإفريقية يشتعل    السعدي يرد على منتقدي الأداء الحكومي ويثمن جهود زميله برادة للنهوض بقطاع التربية الوطنية    عصبة كرة القدم النسوية تعقد جمعها العام    توقيف سارق الأسلاك النحاسية الخاصة بشركات الاتصالات بأكادير    مندوبية السجون تكشف حقيقة حجز شحنة من مادة "الشباكية" كانت موجهة إلى السجن المركزي مول البركي بآسفي    الملاحة البحرية بين المغرب وإسبانيا تعود بحذر بعد توقف بسبب الطقس    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    مدرب المنتخب المغربي يوضح "تردد" لاعبين في حمل القميص الوطني    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    المغرب ‬و ‬إسبانيا :‬ تفاهم ‬تام ‬و ‬تطابق ‬مصالح ‬أساس ‬لشراكة ‬استراتيجية    المغرب يستضيف وزراء المالية الأفارقة    إصابة 12 شخصا بعد اندلاع النيران في طائرة أمريكية بمطار دنفر    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المغاربة ‬يبدعون ‬في ‬أشكال ‬التصدي ‬للارتفاعات ‬المهولة ‬في الأسعار    واشنطن تدرس مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب    شبهة تضارب المصالح تطيح بحكومة البرتغال    بلباو ولاتسيو إلى دور الربع وروما وأياكس يغادران الدوري الأوروبي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    منع مشجعي الوداد البيضاوي من التنقل إلى طنجة لمساندة فريقها    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    خبراء: تحديات تواجه استخدام الأحزاب للذكاء الاصطناعي في الانتخابات    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولد أرزين .. "شمعة" أعظم شعراء مدينة فاس في القرن الثامن عشر
نشر في هسبريس يوم 06 - 06 - 2019

الملحون "ديوان المغاربة" الذي يعكس غنى رؤاهم وتوجّهاتهم ومعيشهم وتجاربهم، وُيختزَن كلّ هذا في قصائد شفهيّة بدارجة رفيعة مقفّاة تمدح النبي صلى الله عليه وسلم، أو تعظ الناس وتشاركهم الحِكَمَ، أو تنبّههم إلى الأخلاق المذمومة، كما تتغزّل أو تتغنّى بالجمال أو بما تشتهيه النفس.
وجمعت لجنة المَلحون التابعة لأكاديمية المملكة المغربية في سلسلة "التراث" أهمّ دواوين الملحون وأعدّتها، فوضعت "موسوعةُ الملحون" على الرفوفِ، في السنة الجارية، جُزأَها الحادي عشر الذي نظمه الحاج أحمد سهوم، ليجاورَ دواوين: عبد العزيز المغراوي، والجيلالي امتيرد، ومحمد بنعلي ولد الرزين، وعبد القادر العلمي، والتهامي المدغري، وأحمد الكندوز، وأحمد الغرابلي، وإدريس بن علي السناني، والمولى عبد الحفيظ، ومحمد بن علي المسفيوي الدمناتي.
وتروم هذه السلسلة الرمضانية تقديم بعض من قصائد الملحون المغربية، والتعريف بناظِميها، وعمق وتبصّر مضامينها، وما تحمله من غنى وتميّز، انطلاقا من العمل التوثيقي المعنون ب"موسوعة الملحون"، الذي أشرف على إعداده عضو أكاديمية المملكة عباس الجراري، ومجموعة من الخبراء والمتخصِّصين.
"فاكهة الأشياخ"
"الشيخ محمد ابن علي ولد رزين يعدّ "أعظم شعراء فاس في القرن الثامن عشر"، حَسَبَ تقديم عباس الجراري ديوانَ هذا الشاعر الصادر ضمن موسوعة الملحون، وهو ناظم قصيدة "الشمعة" التي لا تزال متداولة لا بين أشياخ الملحون وحدهم بل بين المنشدين والمجموعات الموسيقية، التي تركت أداءات راسخة لها في الذاكرة المغربية من بينها على سبيل المثال لا الحصر أغنية "الشمعة" لمجموعة جيل جيلالة.
ويذكر الجراري أن المعتنين بهذا الشاعر يقولون إنه ولد بامسيفة عام 1154 للهجرة الموافق ل1742 الميلادية، في بلاد الغرفة بتافيلالت، وكان لوالده كتاب قرآني لتعليم الصبيان، وفيه تسنى له، تحت نظر أبيه، أن يحفظ القرآن الكريم، وينال قسطا من العلوم الأولية التي كان سريع الحِفْظِ لمتونها، وشديد الرغبة في نظم قواعدها، وهو ما أتاح له بعد انتقال أسرته إلى فاس أن يلتحق بجامع القرويين لمواصلة تعليمه، مما أكسبه ثقافة لم يلبث أن وظّفها في شعره.
ويرى المشرف على "موسوعة الملحون" أن المرحلة التي قطن فيها هذا الشاعر بفاس استفاد الكثير منها، خاصة فيما يتّصل بفن الملحون الذي كان من كبار أشياخه يومئذ الحاج محمد النجار، واتّخذه ابن علي أستاذا وصديقا، ولكنه لم يلبث أن فقد والدَيه، فضاق به الحال وأحسّ قسوة الوحدة، فعاد إلى مسقط رأسه لينظم قصيدة، غير معروفة، في مدح مولاي علي الشريف جد الملوك العلويين، ثم أخذه الحنين إلى فاس وأشياخِها، بعدما أقام فعاد إليها وقد اكتملَت شاعريته وتألّق إبداعه، ليلقّبَ بعد ذلك ب"المعلم" و"فاكهة الأشياخ"، و"شريف المعاني"، واستمر رافعا لواء الفن وعميدا للأشياخِ، إلى أن وافَتهُ المنية عام 1822، وعمره ثمانون عاما.
ويكفي للدلالة على مكانة محمد بن علي ولد أرزين، بالنسبة إلى الجراري، عددُ القصائد التي أبدعها، مضيفا أن هذا ما يبرزه هذا الديوان الذي يضمّ ثمانا وخمسين قصيدة أجمع عليها الأشياخ الحفّاظ واتفقت عليها الكنانيش، إلى جانب 11 قصيدة أخرى مشكوك في نسبتها إلى الشاعر أو غير مؤكَّدَة النِّسْبَةِ لهُ، ثم يستدرك مبيّنا أن شاعرية ولد أرزين تبرز "فيما تتّسم به هذه القصائد من نَفَس طويل وجودة فنية وتنوُّع في الموضوعات".
إبداع ومشكلات
يكتب الجراري أن من بين الظواهر التي تميّز إبداع ولد أرزين، وتدلّ على ما قد يكون له من سبق، أنه أول من نظمَ في السياسة، وهو ما تُثبِتُه قصيدته "المصرية"، التي نظمها حين تعرّضت مصر لحملة نابليون عام 1798، وتحدّث فيها عن مدى التجاوب الذي كان للمغاربة مع المصريين في هذه الحملة، مع استعراض بعض وقائعها وأحداثها ومشاركة عدد من المجاهدين المغاربة في مواجهتها.
كما يذكر المشرف على "موسوعة الملحون" أن هذا الشاعر قد يكون سباقا إلى قصائد "السولان" التي كان يوجِّهُها إلى خصومه متضمِّنَة أسئلة يفتخر باستعراضِها، قاصدا بذلك إظهار عجزهم عن الرد عليها وحلّ ألغازها ومعمياتها. كما أنه وضع وزنا للبحر المثلث في قصيدته "زينب"، وهو الوزن الذي يبدو أنه تطوير للمبيت المثنّى الذي وضعه الشاعر الجيلالي امتيرد في قصيدة "الساقي"، وقدّم كذلك تعديلا في "قياس لمشركي" ولا سيما في قصائده المطوَّلَة، كما اشتهر بطول قصائده مثلما يبدو في قصيدة "الدرة" التي تتضمّن 183 بيتا.
ومن بين المشكلات التي واجهها المشرفون على إخراج هذا الديوان، وفق المصدر نفسه، أن بعض القصائد التي تنسب إلى ابن علي ولد ارزين ليست له، بل يبدو أن ناظمها هو محمد بن علي المسفيوي، مثل قصيدتي "العباسة"، و"المحبوب"، كما أن قصيدتَي "لعشيق" و"الساقي" الّلتين نُسِبتا إليهِ قد تكونان للحاج إدريس بن علي، إضافة إلى رواج قصيدة في الجزائر باسم ولد ارزين، استنادا إلى الاسم المذكور في آخِرها، في حين أنّها للتّهامي المدغري، وِفْقَ ما هو متداول بين الحفاظ والمنشدين في المغرب.
ومن بين أسباب هذا الخلط، بالنسبة إلى الجراري، أن شعراء كثُرا معروفون باسم "ابن علي" أحصى منهم تسعة. كما يذكر أن بعض القصائد الواردة في ديوان محمد بن علي ولد رزين تعرّضَت، بحكم التداول الشفوي على ألسنة منشدين عديدين في مدن وأقاليم مختلفة وما يرتبط بذلك من تدوين في عدة كنانيش، إلى زيادة أو اختلاف أو تغيير في ألفاظ بيت أو مجموعة أبيات أو حتى تسمية القصيدة، مما قد يمسّ بصحّتها أو يوهم بعدم صحّتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.