على بُعد نحو مائة كلم من أراكاجو، عاصمة ولاية سيرجيبي (شمال شرق) عند نهاية طريق ملتوية تحفها أشجار النخيل توجد إيتاباينينها، وتتميز المدينة الواقعة وسط منطقة شبه قاحلة بأقصى شمال البلاد بخصوصية قوامها جالية مسلمة في ذروة تزايدها. وفي هذه الحاضرة التي تضم 40 ألف نسمة، أسس خوسي ريناتو دي خيسوس فييرا، القس الإنجيلي السابق، الملقب ب"ديدي"، مسجدا وكرس نفسه إلى نشر كتاب الله. واستقطب المسار غير التقليدي للقس السابق اهتمام وسائل إعلام محلية كرست تغطيات للجالية المسلمة المقيمة بإيتاباينينها، المعروفة باحتضانها لعدد كبير من الأشخاص قصيري القامة. ووفقا لرجل الدين البالغ من العمر خمسين عاما، فإن فكرة رب واحد هو الله كانت حاسمة في خياره باعتناق الإسلام، أحد الأديان التوحيدية الثلاث الذي يدين به 24.1 في المائة من ساكنة العالم بعد المسيحية (31.2 في المائة)، وفقا لدراسة أنجزها مركز "بيو ريسورتش سانتر" بالولايات المتحدةالأمريكية. وكانت الشكوك تنتاب "ديدي"، الذي دعاه أحد أصدقائه بأراكاجو للتعرف على الإسلام، فهو قس قبل كل شيء؛ لكن بعد هذه المحادثة الأولى التي يجريها مع مسلم، يؤكد رجل الدين أنه وجد نفسه في الدين الجديد، بل ومفتونا به وهو الذي لم يكن يعرف عنه إلا النزر القليل. وقد قضى خيسوس فييرا عامين يعمق فيها بحثه في الدين الإسلامي، من خلال تصفح الشبكات الاجتماعية على الأنترنيت ودراسة الكتب المقدسة. وفور اعتناقه الإسلام، شرع "ديدي" في الحديث عن دينه الجديد بمحيطه، وواجه في بداية هذه المهمة العسيرة بعض المقاومة من الساكنة التي تدين تقليديا بالكاثوليكية. وأثارت الأفكار الجديدة ل"ديدي" تساؤلات عدة من قبل ساكنة المدينة التي وصفته ب"الأحمق" وحتى من قبل زوجته روزينيدي ألفيس فيريرا فييرا (49 عاما)، التي اعتنقت الإسلام حاليا، إذ تؤكد أن سلوك زوجها كان "غريبا" آنذاك. وبعد فترة، سجل القس السابق تغييرا في وعي وفكر الأشخاص، قائلا بهذا الخصوص: "أتوقف للحظة وأعود من جديد إلى مخاطبة طبائعهم، حيث بدا الجميع في فهم وقبول الحاجة إلى أداء الصلوات خمس مرات يوميا وصوم رمضان". واستمر هذا الانتقال عامين، وكان أول اعتناق جماعي للإسلام يوم 24 يوليوز 2017، ومن يوميها باتت إيتاباينينها تضم 37 شخصا يدينون بدين الإسلام الذي يتهيأ لاعتناقه 8 أطفال و10 بالغين. ومن أجل إمامة هذه الجالية الإسلامية الجديدة، وجّه "ديدي" الدعوة إلى الشيخ علي مومادي (الموزامبيق) للإقامة بالمدينة والعمل كسلطة دينية وتقديم دروس حول دين الإسلام. ومنذئذ، يجوب "ديدي" وعلي أحياء المدينة للتعريف بالقرآن الكريم ونقل رسالة السلام والحب التي تشكل جوهر الإسلام. ويقول الشيخ علي (36 عاما) بهذا الخصوص: "يتعين علينا مكافحة الأحكام المسبقة، من خلال إرساء المعرفة وتسليط الضوء على الصورة الحقيقية للإسلام.. إن الجهل يدفع إلى تشكيل أحكام مسبقة وتأويل سيء لممارسة الإسلام". وشدد الشيخ الموزامبيقي على أن العديدين قد اكتشفوا، من خلال البحث عن من هم المسلمون، تعاليم السلام والحب الذي تشكل جوهر الإسلام واعتنقوا هذا الأخير، مشيرا إلى أن الإسلام "نمط حياة في مختلف المجالات"، فضلا عن كونه دينا. ويضيف المتحدث ذاته: "إن الاهتمام المتزايد حاليا من قبل المواطنين المحليين بهذا الدين يمكن المدينة من الظفر بلقب "أرض الإسلام" الواقعة بأقصى شمال البرازيل". *و.م.ع