لا ينقص هناء الدكاري لا العزيمة ولا الإصرار لتشق طريقها نحو العالمية، فصوتها الحسن وإتقانها للطريقتين المغربية والمشرقية يغنيان رصيدها لتمثيل المغرب في محافل دولية تعنى بالقرآن الكريم عقب تتويج وطني، قبل 5 سنوات من الآن، بجائزة مواهب في تجويد القرآن الكريم التي تبثها القناة الثانية. كانت بداية هناء الأولى من "المسيد" (كتّاب قرآني)، غير بعيد عن منزل أسرتها بحي العدير، حيث تلقت أبجديات وقواعد التجويد؛ فقد كان عرفا داخل أسرتها أن يلج الطفل الصغير "المسيد" قبل المدرسة، وهناك خطت هناء أولى الخطوات لتتوالى التنويهات والتشجيعات والإشادة بصوتها وطريقة الإلقاء التي تشنف الآذان. ظهرت موهبة الطفلة هناء منذ الصغر وبدا تأثرها واضحا بالشيوخ والفقهاء الذين تتلمذت على أيديهم، وهي التي كان تواظب على الذهاب إلى "المسيد" بصفة دورية كأي طفلة "بوزان المحافظة"، وقد لعب والدا هناء دورا مهما في وصول ابنتهما إلى ما حققته وراكمته من مشاركات في مهرجانات وملتقيات تعنى بكتاب الله عز وجل. "علاقتي بالقرآن الكريم علاقة وطيدة منذ الصغر"، تقول هناء الدكاري، مشيرة إلى ترعرعها وسط أسرة محافظة ومحبة للقرآن الكريم بمدينة وزان، مضيفة أن "مرحلة المسيد شكلت علامة فارقة في هذا المضمار، واستمر المسار من مرحلة ما قبل الابتدائي إلى الإعدادي، ثم مرحلتي الثانوي والجامعي". توفقت هناء في المسار التعليمي وزاوجت بين الموهبة والتحصيل العلمي، محرزة تميزا في ترتيل القرآن الكريم على الطريقة المغربية "التي أجد نفسي فيها، وتميزني عن باقي المقرئات والمجوّدات، زد على ذلك إتقاني للقراءة المشرقية"، تقول أستاذة مادة التربية الإسلامية بالمديرية الإقليمية للتعليم بوزان. وأضافت هناء في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "لم تتح لي الفرصة للمشاركة وتمثيل المغرب في مسابقات دولية، وذلك بالرغم من تتويجي بمسابقة وطنية لتجويد القرآن الكريم سنة 2014، مع العلم أنها درجة كافية تخول ترشيح المقرئ أو المقرئة من طرف الوزارة الوصية دوليا"، مؤكدة في هذا السياق جهلها للصيغة التي تمكن من ترشيح المجودين والمقرئين على الصعيد الدولي. تفضل هناء إتقان قواعد التجويد مع حرصها على المُراجَعة بين الفينة والأخرى، وتدعو الله أن يجعل القرآن في قلبها لا في صوتها، وتؤكد أن "قارئ القرآن الكريم عندما يعطيه الله الموهبة يمكن له القراءة بكل الصيغ وكل التلاوين التي تناسب صوته، وهذا راجع إلى قدراته الشخصية"، مفضلة القراءة المغربية التي تعبر عن الثقافة وخصوصية المملكة المغربية. "قارئ لا ينتظر التكريم من الناس بقدر ما يتنظره من الله، فهو مكرم من عند ربه غدا يوم القيامة"، تقول هناء الدكاري، قبل أن توجه رسالة إلى الأمهات بضرورة تربية الأطفال الصغار على القرآن الكريم وتنشئتهم عليه عبر المصحف واللوح والفقيه؛ "فهو الأصل حفظا وتدبرا، وكتاب الله مداوٍ للروح من الأحزان والهموم، وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم وصراطه المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، من تركه من جبار قسمه الله ومن ابتغى الهدي من دونه أظله الله، أي من تمسك به نجا ومن أعرض عنه هلك، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم"، تختم المقرئة الشابة حديثها لهسبريس.