بنَشَاطِها المعْهودِ دَاخلَ مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين وقدماء العسكريين بسلا، تتنقّلُ الليوتنان كولونيل إلهام التباع، المندوبة الجهوية للمؤسّسة، بينَ أرْوقة المكاتبِ والمَصالح الطّبية التابعة للمندوبية، تتفقّدُ أحوالَ العسْكريين المُستفيدين من خدَمات المؤسّسة، والذينَ يأتون بالآلاف إلى المركز الطّبي التابع للمؤسسة للاستفادة من إعانات طبيّة مجانية ومُستدامة. وسطَ مدينة سلا، بالقرب من القاعدة الجوية، يوجدُ مقرّ المندوبية الجهوية للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين، الذي يستقبلُ يومياً حوالي 120 منخرطاً حاصلا على بطاقة الصّفة، ويسهرُ على مساعدة المتقاعدين العسكريين على الاندماج في الحياة المدنية، وتقديم المساعدات الصحية والمدنية والمواكبة النفسية للعسكريين والمحاربين المتقاعدين. ولعلَّ ما يميّز المندوبية الجهوية بسلا عن باقي المندوبيات كونها تتوفّر على مركز سوسيو طبي يحتوي على عدة اختصاصات، من بينها الطب العام ومركز للترويض انطلقت الأشغال به منذ شتنبر 2014، وقسم خاص بطب الأسنان يقدم مهامهُ منذ سنة 2017، وجناح خاص بالطب الخاص بالغدد وأمراض السكري وطب الأطفال. وقد استفاد أزيد من 11500 شخص من خدمات المركز خلال سنة 2018. ويصلُ عدد المنخرطين الحاصلين على بطاقة الصفة بمدينة سلا والنواحي، حسبِ إفادات الكولونيل إلهام التباع، 18533 منخرطا؛ من بينهم 9182 من قدماء العسكريين، و9013 من قدماء المحاربين، و152 شهيداً، و73 مكفول أمة، و61 عائدا من الأسر، و45 معطوب حرب، و7 من ضحايا الزيوت السامة. وتؤكّد الكولونيل التباع، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، أنّ "الهدف الرئيس لهذه المؤسسة هو إعادة إدماج قدماء العسكريين والمحاربين في الحياة المدنية، وتنمية التعاون العائلي والاجتماعي لفائدتهم ولفائدة مكفولي الأمة"، مضيفة أنّ "المندوبية تتكون من إدارة ومركز سوسيو طبي، وتشملُ خمس جماعات حضرية، هي تابريكت، باب مريسة، لعيايدة، حصين وبطانة، إضافة إلى دائرتين قرويتين هما سهول وبوقنادل". وتتكون الإدارة من ثلاثة أقسام مهمة: قسم مكلف بما هو إداري، وقسم مكلف بالخدمات الاجتماعية والسوسيو طبية، وقسم مكلف بالخدمات السوسيو اجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومقصف لضمان مبيت أعضاء الجمعيات غير القاطنين بسلا والرباط، ويتكون من عشرة أسرة. وتتوفّر هذه المندوبية على 3 ضباط و13 ضابط صف و16 جندياً، بالإضافة إلى عنصرين من الدفاع الوطني و5 متطوعين، يقدّمون الخدمات لقدماء المحاربين وقدماء العسكريين وذوي حقوقهم ومكفولي الأمة، تبعاً للشروط والمعايير التي ينصُّ عليها القانون 97-34. وتستقبلُ المندوبية ما بين 100 و120 شخصاً أو أكثر؛ فخلال شهر ماي، مثلاً، تم استقبال في اليوم الثاني من الشهر 170 مستفيداً، وفي اليوم الثالث تم استقبال 79 مستفيدا، أما في اليوم السادس فتم استقبال 118 مستفيداً. ويعملُ قسم الأعمال السوسيو صحية التابع للمندوبية على دراسة طلبات تحمّل مصاريف الأدوية غير المدعومة من طرف تعاضدية القوات المسلحة الملكية. كما يعملُ على دارسة طلبات تحمّل مصاريف العلاج للأشخاص غير المستفيدين من التغطية الصحية، وكذا معالجة طلبات تحمّل مصاريف الأجهزة والمعدات الطبية بمختلف أنواعها (السمعية تقويم العظام...)، بالإضافة إلى التكلف بجميع الطلبات التي لها علاقة بتعاضدية القوات المسلحة الملكية. وبخصوص خدمة الترويض التي تقدّم مجاناً للعسكريين المتقاعدين، تورد المسؤولة العسكرية أنها "تعتمدُ على عدة تقنيات يوظفها المركز في العلاج مثل العلاج الفيزيائي، حيث يستعمل الآلات الكهربائية والعلاج الميكانيكي باستخدام آلات ميكانيكية تنمي العضلات لتصبح أكثر مرونة، إضافة إلى التقنيات اليدوية التي تتمثل في التدليك الطبي". وأضافت التباع أنّ "أكثر من 3187 عسكرياً استفادوا من خدمات الترويض سنة 2018؛ وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2019 بلغ العدد 955 شخصاً، أما في شهر أبريل الماضي، فقد استفاد 238 شخصاً من خدمات وحصص الترويض التي يقدمها المركز السوسيو طبي". ومن شروط الاستفادة من خدمات المؤسسة بالنسبة إلى العسكري القديم، أن يكون مغربياً قضى 5 سنوات في الجيش متصلة أو منفصلة، وأن لا يكون قد عزل أو حذف من الأطر لأسباب تأديبية، وأن لا تكون له صفة قدماء المقاومين أو أعضاء جيش التحرير. أمّا بالنسبة للمحارب القديم، فيجب أن يتوفّر على نفس شروط العسكري القديم، بالإضافة إلى أن يكون قد شارك ضمن تشكيلة محاربة بالقوات المسلحة الملكية أو عملية حرب مُعلنة أو غير معلنة، أو تمّ إجلاؤه بسبب جروح أصابته أثناء الخدمة أو أسره أثناء انتمائه إلى وحدة محاربة، أو أنعم عليه بالوسام العسكري، وكذلك بالنسبة إلى رجال القوات المساعدة المشاركين في العمليات المذكورة أكثر من 6 أشهر. ويقول مستفيد عسكري قضى سنوات في الجندية: "تعرضتُ لحادث سنة 1978، وبعد التقاعد أحسستُ بألم في ركبتي، وقرّرت بعد استشارة الطبيب أن أقصد هذا المركز الطبي الذي يقدّم خدمات جليلة للأسرة العسكرية"، منوهاً بجودة الاستقبال والمتابعة الإدارية التي تلقاها طيلة مقامه في المركز الطبي. وشكرتْ مستفيدة كانت تشتغلُ في الجندية برتبة أجودان، في حديثها مع جريدة هسبريس، مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين؛ لأنها "استقبلتني بحفاوة وأشكر المؤسسة على كل ما تقدمه للمتقاعدين العسكريين". وقال عسكري متقاعد من ذوي الاحتياجات الخاصة إن "المؤسسة تقدم لي الحفاظات وتقدم لنا الدواء بالمجان وتشخص أمراضنا ونتلقى معاملة جيدة". وأضاف "المؤسسة وقفت معي في الجانب الطبي. الناس يستقبلوننا بحفاوة ويسألون عن أحوالنا الاجتماعية، وما إن كنا بحاجة إلى المساعدة. وقال عسكري متقاعد ينتمي إلى الأقاليم الجنوبية: "قدمتُ إلى المؤسسة لأن ابني مريض نفسيا، وأنا بحاجة إلى الدعم حتى يستفيد من حقوقه؛ بغيتوهم يعاونوني باش يداوا والمؤسسة جيدة عاونتنا". يذكر أنه تم إحداث 22 مندوبية جهوية موزعة على مختلف جهات المملكة المغربية، وأربعة فروع طبية واجتماعية قائمة بالمستشفيات العسكرية، قصد تيسير الولوج الصحي لهذه الفئات التي تستحق كل العناية.