قادماً من قرية القصيبة، في قلْبِ الأطلس المتوسط، يحثُّ محمد (64 سنة) الخُطى صوْبَ مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين و قدماء المحاربين بقصبة تادلة، للاستفادةِ من إعانة مادية تقدّمها له المؤسسة عِرفاناً لما قدّمه هذا المُحارب للوطن. بعدَ عشر دقائق قَضاها بينَ مكاتبِ المعاينة والتّدقيق، يخرجُ العسْكري المتقاعد مُنشرحَ الصّدر بعدَ قضاءِ حوائجه الإداريةِ. وسطَ مدينة قصبة تادلة، يوجدُ مقرّ المندوبية الجهوية للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين، الذي يستقبلُ يومياً حوالي 200 منخرطٍ حاصلٍ على بطاقة الصّفة. ويسهرُ على مساعدة المتقاعدين العسكريين على الاندماج في الحياة المدنية وتقديم المساعدات الصحية والمدنية والمواكبة النفسية للعسكريين والمحاربين المتقاعدين. داخل مكْتبها، تستعدُّ القبطان سهام عروب، المندوبة الجهوية للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بجهة بني ملال، لاسْتِقبال فوجٍ جديدٍ من المنخرطين في مؤسسة الحسن الثاني، والذي يبلغُ عددهم حوالي 22 ألف منخرطٍ في جهة بني ملال، يشدّون الرّحال إلى مدينة قصبة تادلة للاستفادة من الخدمات التي تقدّمها المؤسسة. ويصلُ عدد المنخرطين الحاصلين على بطاقة الصفة في جهة بني ملال، حسبِ إفادات القبطان سهام عروب، 22583 منخرطا؛ من بينهم 17188 من قدماء المحاربين، و4401 من قدماء العسكريين، و430 أرامل الشهداء، و261 مكفول أمة، و169 عائدا من الأسر، و134 معطوب حرب. وتوردُ المسؤولة العسكرية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "المندوبية الجهوية للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بجهة بني ملال تستقبلُ ما بين 200-250 منخرطا يومياً، حيثُ تسهرُ الأطقم الإدارية العسكرية على الاستماع إلى المنخرطين والاطلاع على متطلباتهم ومشاكلهم وتقديم المساعدة المطلوبة". فمنَ النّاحية الصحية، توفّر مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين، بتعاون مع تعاضدية القوات المسلحة الملكية، التأمين الصحي للأرامل، حيثُ أعطت المؤسسة تعليماتها لمندوبيتها الجهوية قصد تسهيل ولوج أرامل شهداء الصحراء وقدماء الأسرى إلى المستشفيات المدنية والعسكرية لتلقي العلاجات الضرورية، والتّكفل بمصاريف كل اللوازم الطبية من كشف بالمعدات الطبية إلى الجراحة والأدوية. وفي هذا الصّدد، تشرحُ القبطان سهام عروب، في تصريحات لهسبريس، أنّ "مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين تعملُ كذلك على تقديم الأدوية خاصة غير المتوفرة في السوق المغربية؛ وذلك بتنسيق مع تعاضدية القوات المسلحة الملكية. كما تعملُ على اقتناء اللوازم الطبية والأطراف الصناعية، خاصة بالنسبة إلى معطوبي الحرب، وكذا توفير وسيلة نقل للمرضى في الحالات المستعجلة قصد نقلهم إلى أقرب مستشفى عسكري". أما بالنسبة إلى الأمراض المزمنة، فتتكلف المؤسسة بتوفير الأدوية ومصاريف العلاج بمساهمة تعاضدية القوات المسلحة الملكية. كما تستوردُ المؤسسة بعض الأدوية من الخارج لأجل علاج المستفيدين وتلقي أيَّ مساعدة مستعجلة في هذا المجال مهما كانت الظروف والأحوال، إذ تضع على عاتقها صحة هذه الفئة. كما تستفيد أرامل الشهداء من التغطية الصحية والتكفل الصحي والمواكبة العلاجية والصحية في المستشفيات العسكرية واقتناء الأدوية والمستلزمات الطبية التي لا يشملها التعويض من طرف تعاضدية القوات المسلحة الملكية. أما من الناحية المادية، تعمل المؤسسة على تقديم مبالغ مالية كعزاء لأرامل العسكريين... وبشأنِ أسرى الحرب الذين عادوا إلى أرض الوطن، والذي يبلغُ عددهم 169 في جهة تادلة بني ملال؛ فقد تمّت تسوية وضعيتهم المادية، إذ منحت لهم تعويضات خاصة عن مدة الخدمة بالمنطقة الجنوبية، وصرفت لهم جميع أجورهم؛ بينها المعاش العسكري، ومعاش الزمانة، والإيراد مدى الحياة. كما تتكلّفُ مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بمصاريف الحج للديار المقدسة. ومن الناحية النفسية، تعملُ المؤسسة على مواكبة المنخرطين والإنصات لمشاكلهم بشكلٍ دوري، حتى يندمجَ المتقاعد العسكري مع الحياة المدنية في أفضل الظروف. كما تقومُ المصالح التابعة للمؤسسة بزيارات ميدانية بشكلٍ دائمٍ إلى مقر سكنى المنخرطين، للاطلاع عن وضعهم الصحي وتسهيل استفادتهم من خدمات المؤسسة. وفي هذا الصّدد، قامت القبطان سهام عروب، المندوبة الجهوية للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بجهة بني ملال، بمعية مُساعدتها، بزيارة تفقدية لوالدة أحد قدماء العسكريين، حيثُ تفقّدت وضعها الصحي وباشرت مع العسْكري المتقاعد الإجراءات الإدارية والمسطرية التي يجبُ اتباعها من أجل مواكبة العلاج المقدّم من طرف المؤسسة". وتشرحُ القبطان أنّ من شروط الاستفادة من خدمات المؤسسة أن يتوفر المتقاعد العسكري على شهادة حسن السيرة خلال الخدمة العسكرية، وأن تتوفر فيه شروط الخدمة العسكرية التي تتمثل في 5 سنوات على الأقل. وشكرتْ مُستفيدة، في حديثها مع جريدة هسبريس، مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين؛ لأنها "تساعدُ العسكريين المتقاعدين وتوفّر لهم كلّ ما يحتاجونه"، مشيرة إلى أنّ "المؤسسة تساهم في التخفيف من معاناة عائلات المتقاعدين العسكريين وتسهّل اندماجهم في المجتمع". من جانبه، أثْنى متقاعد عسكري قدمَ من نواحي مدينة قصبة تادلة، للاستفادة من إعانة مادية، على خدمات المؤسسة باعتبارها تقف إلى جانب العسكري المتقاعد وتوفّر له كل ما يحتاجه من مستلزمات طبية وإعانات مادية". كما وصفتْ مستفيدة أخرى، فقدت والدها العسكري وعمرها لا يتجاوز 16 سنة المؤسسة ب"أمها الثاني"، مشيرة إلى أنّها تستفيد من الخدمات الصحية من نقل وتحليلات ومصاريف العلاج بفضل مجهودات المؤسسة. كما عبر مستفيد عن ارتياحه من الخدمات التي تقدمها مؤسسة الحسن الثاني، خاصة أنه قضى سنوات في الجندية فقد من خلالها جزءا من أطرافه، وتسهر المؤسسة على توفير الدعم النفسي والمادي لكل معطوبي الحرب، كما تعمل المؤسسة على تقديم الأطراف الاصطناعية لصالح هذه الفئة". يذكر أنه جرى إحداث 22 مندوبية جهوية موزعة على مختلف جهات المملكة المغربية، وأربعة فروع طبية واجتماعية قائمة بالمستشفيات العسكرية، قصد تيسير الولوج الصحي لهذه الفئات التي تستحق كل العناية.