وجه صندوق النقد الدولي الخميس تحذيرا جديا للولايات المتحدةوالصين بسبب خلافاتهما التجارية وما تشكله من مخاطر حيال الانتعاش الاقتصادي العالمي المتوقع في النصف الثاني من عام 2019. ومطلع أبريل الماضي، خفض صندوق النقد توقعاته للنمو العالمي لعام 2019 إلى 3,3 في المئة، مشيراً إلى تباطؤ متزامن يؤثر على ما نسبته 70 في المئة من الاقتصاد العالمي. لكن بفضل هدنة طويلة بين أول قوتين اقتصاديتين عالميتين والأمل في تحقيق اتفاق، توقع الصندوق انتعاشا في النصف الثاني. كان ذلك قبل أن يكشف دونالد ترامب أن بكين عادت عن التزاماتها. وردا على ذلك، قرر الرئيس الأميركي في العاشر من ماي الجاري مضاعفة الرسوم الجمركية على سلع من العملاق الآسيوي بقيمة 200 مليار دولار. وكتبت كبيرة الاقتصاديين في الصندوق جيتا جوبيناث في مدونة مشتركة مع مساعدها أوجينيو سيروتي والاقتصادي عادل محمد، "رغم أن التأثير على النمو العالمي ضئيل نسبياً في الوقت الحالي، إلا أن التصعيد الجديد (في الحرب التجارية) يمكن أن يقوض بشكل خطير مناخ الأعمال وثقة الأسواق المالية، ويعطل سلاسل الإنتاج ويهدد الانتعاش المتوقع في الاقتصاد العالمي في 2019". وتعتزم الصين زيادة الرسوم الجمركية على واردات أميركية بقيمة 60 مليار دولار اعتباراً من الأول من يونيو المقبل. كما يخطط ترامب لفرض رسوم إضافية على حوالي 300 مليار دولار من الواردات من العملاق الآسيوي. وفي حال نفذ تهديده، ستصبح جميع واردات الصين (أكثر من 539 مليار في عام 2018) خاضعة لرسوم إضافية. يسعى الرئيس الأميركي إلى تخفيض العجز التجاري مع الصين بشكل كبير (378,73 مليار دولار في عام 2018). وأضافت جوبيناث أن "الرسوم الجمركية أدت إلى خفض المبادلات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين، ولكن العجز التجاري بينهما لم يتغير بشكل كبير". كما أشار خبراء صندوق النقد الدولي أيضاً إلى أن التوتر التجاري بين الصينوالولاياتالمتحدة بدأ يؤثر سلباً على المستهلكين وكذلك العديد من المنتجين في كلا البلدين. يأتي هذا التحذير من صندوق النقد الدولي في الوقت الذي كثف الصناعيون والمزارعون وتجار التجزئة الأميركيون في الأيام الأخيرة المناشدات لإنهاء حرب الرسوم الجمركية. وفي حين يواصل العديد من المزارعين دعم الرئيس الجمهوري في محاولاته لوضع حد للممارسات التجارية الصينية التي تعتبر "غير عادلة"، إلا أنهم يقومون حاليا بتقييم حصيلة الحرب التي بدأت منذ أكثر من عام. لكن واشنطن أعلنت الخميس حزمة مساعدات بقيمة 16 مليار دولار لمساعدة المزارعين. وقال وزير الزراعة ساني بيردو إن الجزء الأكبر من الأموال سيخصص للدفع مباشرة للمزارعين، بينما سيتم استخدام جزء صغير للمساعدات مثل برامج الغذاء المدرسية. وأضاف للصحافيين أن "الخطة التي نعلنها اليوم تضمن ألا يتحمل المزارعون وطأة الرسوم الانتقامية الجائرة التي تفرضها الصين وشركاء تجاريون آخرون". وتابع الوزير "يفضل المزارعون التجارة بدلا من المساعدات لكنهم بحاجة إلى بعض الدعم من دون التجارة". توتر شديد وعلى سبيل المثال، انهارت صادرات فول الصويا إلى الصين العام الماضي حيث بلغت قيمتها 3,1 مليار دولار، مقابل 12,3 مليار دولار في عام 2017. أقر وزير الخزانة ستيفن منوتشين الأربعاء تزايد أسعار بعض السلع الاستهلاكية ما يتناقض مع تصريحات الرئيس ترامب. كما ناشد كبار مصنعي الأحذية وموزعوها مثل "أديداس" و "نايكي" و "بوما" و"ستيف مادن" ترامب أن يسحب "فورا" الأحذية من قائمة المنتجات المصنعة التي قد تتأثر بالرسوم الجمركية الإضافية. وقالوا في خطاب موجه إلى الرئيس إن "التعريفة الإضافية المقترحة بنسبة 25٪ على الأحذية ستكون كارثية بالنسية للمستهلكين، وشركاتنا والاقتصاد الأميركي". وفي ختام المحادثات التجارية التي جرت يومي 9 و 10 ماي الجاري في واشنطن، اتفق الجانبان على مواصلة الحوار. وقد أعلن ترامب عن اجتماع مع نظيره الصيني شي جينبينغ في أواخر يونيو 2018 خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان. لكن نظرا لأن التوتر الشديد بلغ ذروته، فقد اتخذت الإدارة الأميركية أيضًا إجراءات ضد قطاع التكنولوجيا الصيني. في وقت سابق من هذا الأسبوع، اتهم سفير الصين لدى الولاياتالمتحدةواشنطن "بتغيير رأيها مراراً بين عشية وضحاها"، ما أدى إلى إحباط الاتفاقات التي يمكن أن تنهي النزاع بين الطرفين. *أ.ف.ب