وضع خطر ذاك الذي ترزح تحته المصحات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث أدى توقّف نسبة كبيرة من الأطباء عن مزاولة عملهم داخل المصحات المذكورة، بسبب عدم صرْف أجورهم منذ ستة شهور، إلى تسجيل مجموعة من الوفيات، خاصة في صفوف المواليد الجدد. الوضعية المزرية التي آلت إليها مصحات الضمان الاجتماعي دفعت بالجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي التابعة للاتحاد المغربي للشغل إلى الدعوة إلى إضراب عام بمختلف مصحات الضمان الاجتماعي يوم الخميس المقبل، "نظرا للحالة السيئة التي أصبحت عليها هذه المصحات". عز الدين زكري، الكاتب العام للجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي، وهو أيضا عضو بمجلس المستشارين عن الاتحاد المغربي للشغل، قال إن الوضع داخل مصحات الضمان الاجتماعي أضحى خطرا للغاية. وفي هذا الصدد، أشار الكاتب العام للجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي إلى أن مريضين توفيا، الشهر الجاري، في مصحة الزيراوي بالبيضاء، بسبب توقف أطباء الإنعاش عن العمل. زكري كشف هسبريس معطيات صادمة حول الوضع الذي تعيشه مصحات الضمان الاجتماعي؛ فقد أفاد بأن مصحة الحي الحسني بمدينة الدارالبيضاء، التي تتوفر على مصلحة إنعاش الأطفال الخدّج، سجّلت وفاة ما بين 20 إلى 30 مولودا؛ لأن طبيب الأطفال غير موجود، بسبب عدم صرف أجور الأطباء والممرضين. في المقابل، قال مصدر مسؤول من إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إن الوفيات التي تُسجل داخل مصحات التابعة للصندوق لا يعود سببها إلى غياب الأطباء أو ضعف التجهيزات الطبية، مضيفا "الوفيات المسجلة عادية، وتحصل في جميع المصحات والمستشفيات بالمغرب". ولم ينف المصدر ذاته تسجيل وفيات في صفوف المرضى والأطفال بمصحات الضمان الاجتماعي، قبل أن يستدرك: "ولكن ما يمكنش نربطو هاد الوفيات بغياب الأطباء، حيتْ لا ما كانش الطبيب ما يمكنش أصلا نستقبلو المريض". وتحمّل الجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي مسؤولية تردي وضع مصحات الضمان الاجتماعي إلى الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية ووكيل الحسابات بالضمان الاجتماعي، بسبب عدم صرْف أجور الأطباء والممرضين منذ ستة شهور؛ وهو ما أدّى إلى إغلاق مصحة مدينة أكادير قبل أيام، حسب إفادة عز الدين زكري. ودعت الهيئة النقابية ذاتها إلى خوض إضراب إنذاري في مختلف مصحات الضمان الاجتماعي، وعددها 104 مصحات، وكذا المديريات الجهوية والإدارة المركزية، بعد غد الخميس، متوعّدة بتصعيد احتجاجاتها في حال عدم حصول رد فعل إيجابي من طرف الحكومة، حيث تعتزم خوض إضراب عام. وتُعد مصحات الضمان الاجتماعي من الرافعات الأساسية للقطاع الصحي في المغرب، حيث يستفيد من خدماتها سبعة ملايين مستفيد؛ وبالأرقام، فإن عدد حصص تصفية الدم لمرضى الكلي داخل هذه المصحات تصل إلى 70 ألف حصة في السنة، وتسجِّل أزيد من 64 ألف ليلة إنعاش للحالات المستعجلة، وأزيد من 24 ألف ولادة سنويا، علاوة على مئات الآلاف من عمليات الفحص المتنوعة. ومنذ لجوء الحكومة إلى إدارة مصحات الضمان الاجتماعي عن طريق التدبير المفوض الذي تتولاه إحدى الشركات، عقب فتح المجال أمام الأطباء والممرضين الراغبين في المغادرة الطوعية، أصبحت النسبة الأكبر من الأطباء والممرضين يعملون بعقود، حيث يصل عدد الممرضين المتعاقدين إلى 700 ممرض وممرضة. وأوضح عز الدين زكري أن الأطباء والممرضين العاملين في مصحات الضمان الاجتماعي بعقود يشتغلون في ظروف سيئة، فعلاوة على كونهم لم يتوصلوا بأجورهم منذ ستة شهور، فإنهم محرومون من التغطية الصحية والتقاعد، على الرغم من أنهم يشتغلون بدوام كامل تحت الضغط، بسبب قلة الموارد البشرية. وتقول الجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي إن الإهمال والتهميش الذي يطال هذه المصحات، التي أنشئت أوّل مرة بتوصية من المكتب الدولي للشغل، التابع للأمم المتحدة، من طرف الحكومة ووزارة المالية، "يدخل في إطار مخطط يستهدف الدفع بها نحو الإفلاس لتقديمها لتجار الصحة، لما تتميز به من إمكانات، حيث تعتبر من أحسن المنشآت العقارية الصحية بالمغرب".