تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، العديد من أشرطة الفيديو التي توثق لمناوشات بين العناصر الأمنية والمواطنين، ما جعل المغاربة منشطرين بين تيار غاضب من الممارسات التي يُقدم عليها بعض رجال ونساء الأمن، وآخر يعتبر أن هذه الأشرطة تُظهر الأمني هو "الظالم" بينما تغيب ملابسات الحادث الحقيقية عن المشاهد. وباتت تحولات العصر الرقمي تطرح إشكالية الحماية الجنائية لصورة الشرطي، لاسيما في ظل إصدار مديرية الأمن الوطني لمذكرة داخلية نصت على توقيف كل شخص يحاول تصوير رجال ونساء الأمن أثناء تأدية واجبهم، في ظل زيف بعض الأشرطة التي يتداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. في هذا الإطار، قال محمد أكضيض، إطار أمني سابق خبير في القضايا الأمنية، إن "الصور وأشرطة الفيديو غير كافية لتكوين قناعة لدى القضاء في بعض الأحيان، لأنها ليست دليلا قاطعا من أجل إدانة الشخص، بل يمكن أن تكون على سبيل الاستئناس بجانب حجج أخرى ضمن الملف". وأضاف أكضيض، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الصورة في واقعة رجل الأمن والشاب بالدارالبيضاء مُلتبسة إلى حدود الساعة، لكن لا يمكن الجزم باعتبارها دليلا قاطعا لإدانة الشرطي، ما يجعلنا ننتظر حيثيات الحكم والقرار النهائي للقضاء، لأن الجميع سواسية أمام القانون في حالة الخصومة"، معتبرا أن "القوانين شرحت ملابسات تصوير رجال ونساء الأمن أثناء مزاولة مهامهم، آخرها القانون 103-13 الذي أضاف بعض المواد المتعلقة بالصورة". وأوضح الخبير الأمني أن "رجل الأمن يعمد غالبا إلى تطبيق القانون بحذافيره، لكن الطرف الآخر من المفترض أن يكون بدوره في وضعية قانونية موازية؛ أي تفادي الاستفزاز وغيره من السلوك المشين، لاسيما أن المخالفات بالمغرب تعتريها مجموعة من الإشكاليات، ما يجعل البعض يدخل في شنآن مع شرطي المرور". وتابع: "الموضوع يثير أيضا علاقة التكنولوجيات الرقمية بالجسم الأمني، حيث صارت تفرض نفسها على أرض الواقع، ما يستدعي ملاءمة المستجدات مع القوانين المؤطرة للمجال، فضلا عن التحولات التي تعرفها الظاهرة الاجتماعية بالمملكة، خصوصا أن العنف بات السمة البارزة للمجتمع، نتيجة تعرض رجال ونساء الأمن للاعتداءات"، مردفا أن "الواقع والميدان مشتل لمعاناة رجل الأمن". وأكد أكضيض أن "الإدارة العامة صارمة للغاية في مراقبة عناصرها الأمنية، حيث تتوفر على نظام صارم للعقوبات، على اعتبار أن هذه الوظيفة مختلفة كليا عن باقي المهن الأخرى"، مشيرا إلى كون "الشرطي يعمد ما أمكن إلى التطبيق الصارم للقانون والابتعاد عن الشبهات، ما يجعله يقدم خدمة الأمن والاستقرار للبلاد، ومن ثمة وجب الصلح بين المواطن والشرطي". وأشار المتحدث في الأخير إلى "مسؤولية المعهد الملكي للشرطة، الذي يجب أن يلقن لرجاله كيفية بناء السياسة الأمنية بالمغرب، عبر تطوير البرامج والتكوينات حتى تستجيب للرهانات الجديدة في الميدان، وكذلك ضرورة انتقاء الكفاءات اللازمة بعناية شديدة لمواجهة تحديات الواقع".