يشكل شهر رمضان الأبرك في إسبانيا مناسبة خاصة لأفراد الجاليات المسلمة المقيمة بهذا البلد لدعم وتعزيز قيم التسامح والتضامن والعيش المشترك في بلد الاستقبال ويستغل المسلمون بإسبانيا الإفطارات الجماعية واللقاءات والأنشطة الاجتماعية والثقافية وكذا الليالي الرمضانية المنظمة للاحتفاء بهذا الشهر الفضيل من أجل تعزيز قيم التسامح والحوار والانفتاح وكذا لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام دين الوسطية والاعتدال وقيم التسامح والتآزر والإخاء. وعلى غرار باقي الجاليات المسلمة المقيمة بإسبانيا يشارك أفراد الجالية المغربية المقيمين بهذا البلد الذين يقدر عددهم ب812 ألفا و412 نسمة في هذه الأنشطة والتظاهرات المنظمة طيلة أيام هذا الشهر المبارك وذلك بهدف تسليط الضوء على قيم التضامن والتآزر والإخاء التي يدعو إليها الدين الحنيف ولتأكيد تشبثهم بالتقاليد العريقة لبلدهم وبقيم السلام السمحة والعيش المشترك والتي تشكل مجتمعة روافد أساسية ومحورية من الهوية المغربية. وتولي العائلات المغربية المقيمة في الدولة الأيبيرية لرمضان شهر الرحمة والتوبة والغفران اهتماما خاصا كما تسهر على تقاسم هذه اللحظات الحميمية فيما بينها على مائدة الإفطار التي يتحلق حولها الأقارب والأحباب وتضم كل ما لذ وطاب من وجبات وأطباق مغربية أصيلة في أجواء دافئة وودية تشبه أجواء الوطن الأم. ويتشبث أفراد الجالية المغربية المقيمين بمختلف مناطق وجهات إسبانيا خلال هذا الشهر الفضيل بالعادات والتقاليد المغربية العريقة سواء حسية كانت أو روحية تنعكس في المأكل والملبس وكذا في إحياء ليالي الذكر حيث ينظمون إفطارات جماعية تكون في الغالب مفتوحة للجميع حتى من باقي الديانات الأخرى وذلك بهدف دعم وتعزيز الحوار بين الأديان وتكريس قيم التعايش والتآخي والتآزر التي يدعو إليها ويحث عليها ديننا الحنيف. وموازاة مع هذه الإفطارات الجماعية تنظم الجمعيات التي يشرف عليها بعض أفراد الجالية المغربية طوال هذا الشهر المبارك أمسيات للأنشطة الدينية والثقافية والتحسيسية بالإضافة إلى لقاءات يؤطرها بعض الأئمة والمرشدين الدينيين الذين قدموا من المغرب بمبادرة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لتأطير أفراد الجالية وتوعيتهم وتعريفهم بقيم الوسطية والاعتدال التي يدعو إليها الإسلام. وإدراكا منها لتشبث المغاربة الذين استقروا في إسبانيا بقيم التسامح والاعتدال والانفتاح بعثت المملكة هذا العام مجموعة تضم 56 من الأئمة والمرشدات الدينيات بهدف التأطير الديني لأفراد الجالية المغربية المقيمين بإسبانيا عبر السهر على إمامة الصلاة وإلقاء المحاضرات والمواعظ الدينية بالمساجد وأماكن العبادة بمختلف مناطق وجهات إسبانيا وذلك بمناسبة شهر رمضان الأبرك. ويندرج وصول هذه البعثة من الأئمة والمرشدات والوعاظ والمشفعين في إطار مبادرة أطلقتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتعاون وتنسيق مع فدرالية اتحاد المساجد باسبانيا بهدف مساعدة أفراد الجالية على فهم دينهم الفهم الصحيح مع ضمان أمنهم الروحي وتقوية وتعزيز روابطهم بالقيم الدينية السمحة التي تميز المملكة وحمايتهم من كل غلو أو تطرف بالإضافة إلى تكريس الثوابت التي يمثلها المذهب المالكي والتصوف السني والعقيدة الأشعرية . وتشكل هذه اللقاءات التي تنظم في جميع مناطق وجهات إسبانيا فضاءات للتبادل الثقافي وللحوار بين الديانات كما تروم التأكيد على أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية التي تتميز بقيم المحبة والإخاء واحترام الآخر وتكريس العيش المشترك في بلد الإقامة. ويمثل شهر رمضان في إسبانيا إضافة إلى بعده الروحي فرصة لا مثيل لها لرفع مستوى الوعي بأهمية التشبث بالتقاليد والعادات المغربية الأصيلة المرتبطة بهذا الشهر الفضيل وكذا لتقوية وتعزيز العلاقات بين أفراد الجاليات المسلمة ولتكريس قيم التضامن والتعايش والتسامح التي ميزت على الدوام الهوية المغربية. *و.م .ع