أكد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومدير إدارة مراقبة التراب الوطني، أن السادس عشر من شهر ماي من كل سنة يشكل مناسبة دورية متجددة تستحضر فيها أسرة الأمن الوطني ما تحقّق من منجزات في سبيل ضمان أمن الوطن وسلامة المواطنين، وما تعكف على تنفيذه من مشاريع مهيكلة لتحسين الخدمات الأمنية وتجويدها، وما تصبو إليه من أوراش مستقبلية في سياق تطوير المنظومة الأمنية بالمغرب. وشدد حموشي، في كلمة له بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، الذي شهد تخليد الذكرى ال63 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، والتي تلاها نيابة عنه مدير المعهد الملكي للشرطة، عبد العزيز زكريا، على أن احتفالية السنة الحالية لها سمات خاصة، ودلالات متفردة؛ "فهي تأتي في أعقاب التشريف الملكي السامي لأسرة الأمن الوطني، وفي ركاب الزيارة الملكية الميمونة لإعطاء انطلاقة أشغال بناء المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني، وتدشين المختبر الصحي المندمج للفحص بالأشعة والتحليلات الطبية لفائدة منتسبي المؤسسة الأمنية". واعتبر المسؤول الأمني أن المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني هو أكثر من مجرد مجمع إداري وبناية أمنية، "إذ إن الهدف المنشود منه هو تمكين المؤسسة الأمنية من منشآت حديثة ومندمجة، بوسعها مواكبة تزايد الطلب العمومي على الحق في الأمن، وبمقدورها أيضا مسايرة التطور المتنامي الذي تعرفه المؤسسة الأمنية ببلادنا"، وأضاف: "تدشين جلالته الكريمة لمختبر الفحص بالأشعة والتحليلات الطبية لموظفي الأمن الوطني هو بمثابة التفاتة ملكية غالية تصدح بكثير من المعاني والمقاصد والعبر، وتُجسد العناية السامية الموصولة بهذه الفئة من خدامه الأوفياء، وتؤشر على تعليماته السديدة القاضية بخلق مناخ اجتماعي سليم يُوّفر لموظفي الأمن الوطني ظروف حياة كريمة، وخدمات صحية مندمجة، ويضمن لهم مكتسبات مادية ومعنوية تمكنهم من أداء واجبهم المهني النبيل، المتمثل في خدمة أمن الوطن والمواطنين". واسترسل حموشي: "وإذ تعتز المديرية العامة للأمن الوطني، قيادة وأطرا وموظفين، بهذا التشريف الملكي، الذي يختزل في ثناياه سابغ العطف الملكي، وينطوي في أبعاده على سامي الرضا المولوي، فإنها تجدد العهد، صادقة الوعد، على التفاني في خدمة أهداب العرش العلوي المجيد، والإخلاص للثوابت العليا للمملكة المغربية، مع تأكيدها الراسخ على جعل خدمة أمن المواطن في طليعة أولويات مخططات عملها، وتحييد المخاطر المحدقة ببلادنا في قائمة الرهانات التي تتطلع لتحقيقها". وذكر عبد اللطيف حموشي أن السنة المنصرمة شكلت محطة مهمة ومفصلية في سياق استكمال مشروع الإصلاح الشامل والعميق للمرفق العام الشرطي، إذ تم تطوير مجموعة من الهياكل الشرطية القائمة وخلق مرافق أمنية جديدة؛ وذلك ضمن رؤية إستراتيجية قوامها تقريب الأمن من محيطه المرفقي والمجتمعي، وجعله محركا للتنمية، ومُسديا لخدمات أمنية مطبوعة بالجودة. وفي هذا السياق فقد تم إحداث "معهد للعلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني"، كبنية حاضنة لمختلف فروع وتخصصات الشرطة التقنية والعلمية، وذلك تزامنا مع حصول مختبر الشرطة العلمية على شهادة الجودة العالمية. كما تم إسناد مصالح الشرطة القضائية بفرق لمكافحة الشبكات الإجرامية في كل من سلاوالرباط، ومدينة فاس في الأمد المنظور، كما تم أيضا خلق عشرين فرقة جديدة للاستعلام الجنائي على المستوى الجهوي، مهمتها تنشيط قنوات الاستخبار في قضايا الجرائم، فضلا عن دراسة وتحليل الأساليب الإجرامية المستجدة، يقول المسؤول الأمني. وفي سياق متصل، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني مسلسل توفير التغطية الأمنية في الأقطاب الحضرية الجديدة، ومواكبة الامتداد العمراني والنمو الديموغرافي في مختلف المدن المغربية، يؤكد المدير العام للأمن الوطني، موردا أنه تحقيقا لهذا الغرض، تم إحداث ست وعشرين (26) بنية شرطية جديدة، من بينها منطقة الرحمة بالدار البيضاء، والمرسى بالعيون، وقرية ابا امحمد بتاونات، ومنطقة العطاوية بإقليم قلعة السراغنة، فضلا عن خلق دوائر جديدة للشرطة ومصالح لحوادث السير ومجموعات نظامية للمحافظة على النظام العام وحماية المواقع الحساسة، بالإضافة إلى ملاءمة الهيكلة التنظيمية لبعض القيادات الأمنية المحلية مع التقسيم الإداري والجهوي للمملكة؛ وذلك في إطار المرامي الساعية إلى تقريب الخدمة الشرطية من المواطنين. وتوطيدا لمزيد من الشفافية في العمل الأمني، يقول حموشي، تعكف المديرية العامة للأمن الوطني حاليا على تزويد الموظفين الذين يعملون في خط التماس الأمامي مع المواطن، في شرطة المرور والهيئة الحضرية، بكاميرات محمولة لتوثيق كافة التدخلات الشرطية، والقطع مع الانزلاقات الشخصية المحتملة، التي قد تصدر عن الموظف أو المرتفق على حد سواء، وذلك في أفق تعميم هذه التجهيزات الرقمية على كافة الأعوان والموظفين في المستقبل القريب. وفي الجانب المتعلق بالتكوين الشرطي، افتتحت مصالح الأمن الوطني خلال السنة المنصرمة وبداية السنة الجارية مدارس جديدة للتكوين والتدريب الأمني، بكل من فاس والعيون ووجدة؛ وذلك في سياق تصورها المندمج لمعاهد التكوين الشرطي، التي تحرص على توزيعها جغرافيا على مختلف جهات المملكة، تحقيقا للقرب من المتدربين من جهة، وتجسيدا لمرتكزات الجهوية المتقدمة ببلادنا من جهة ثانية. كما تنكب المصالح المركزية المكلفة بتدبير الموارد البشرية، بتنسيق مع مديرية نظم المعلوميات والاتصال، على وضع اللمسات الأخيرة لبوابة إلكترونية خاصة باجتياز مباريات الشرطة، سوف تسمح بالتسجيل المعلوماتي لطلبات الترشيح لاجتياز المباريات، وذلك في خطوة تروم تبسيط المساطر في وجه الراغبين في اجتياز هذه المباريات، وكذا تسمح بالتفاعل الإيجابي مع الإقبال الكبير على هذه المباريات، والتي يناهز عدد المرشحين لاجتيازها سنويا أكثر من 150 ألف مرشح. وفي السياق نفسه، شدد حموشي على ضرورة التأكيد على أن الاستثمار في الموارد البشرية الشرطية شكّل ولازال قطب الرحى في مخططات عمل المديرية العامة للأمن الوطني، "إذ شهدت بداية السنة الجارية اعتماد مسطرة جديدة لتقييم أداء الموظفين وتنقيطهم وترقيتهم، وهي المسطرة التي راهنت على إذكاء الموضوعية، وإرساء الحياد والتجرد، ودعم تكافؤ الفرص عند تقييم سلوك وأداء الموظفين؛ وذلك في معرض الترشيح للاستفادة من الترقية أو لشغل مناصب المسؤولية". وتم أيضا تشكيل لجنة مركزية مختلطة لمعالجة تظلمات موظفي الأمن الوطني، وهي اللجنة التي أنيطت بها صلاحيات واسعة، وروعي في تركيبتها البعد التشاركي في الاقتراح ورفع التوصيات؛ وذلك بغية تحقيق الإنصاف وضمان المعالجة السليمة والعادلة للتظلمات الإدارية الصادرة عن الموظفات والموظفين. وفي ما يخص الانفتاح والتواصل، شدد المدير العام على مواصلة تدعيم الانفتاح المؤسساتي والمجتمعي، وتعزيز مقاربة المديرية التواصلية مع مختلف فعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وذلك عبر الانفتاح على منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ تم إحداث حساب رسمي على موقع "تويتر"، فضلا عن إطلاق تطبيق معلوماتي لمجلة الشرطة، وكذا ترصيد تجربة الأبواب المفتوحة التي انتقلت من مرحلة المبادرة إلى محطة التثبيت والتكريس، وذلك عبر جعلها مناسبة سنوية منتظمة يتم تنظيمها في جهات مختلفة من أرجاء المملكة. وختم عبد اللطيف حموشي كلمته بالتشديد على أن الاحتفال بأفراح ذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني "مناسبة أيضا لاستحضار أَتراح أسرة الأمن الوطني، وذلك للترحم على الأرواح الزكية والطاهرة لشهداء الواجب المهني، الذين قدّموا أنفسهم فداءً في سبيل تحقيق أمن الوطن والمواطنين، سائلين الله عز وجل، بأفضال ما قدموا من حسن العمل لهذا البلد الأمين، أن يحتسبهم في عداد المنعم عليهم بالفردوس الأعلى، ممن يصدق فيهم قوله تعالى "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا"". وحضر الحفل أعضاء الحكومة ومسؤولون قضائيون وأعضاء الهيئة الدبلوماسية المعتمدة بالمغرب؛ فضلا عن عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية وضيوف أجانب. وتميز الحفل باستعراض لمختلف وحدات الشرطة وعرض لوسائل وتجهيزات لوجستيكية تتوفر عليها عناصر المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب، للقيام بمهامهما في أفضل الظروف. وشاركت في هذا الاستعراض وحدة لأفراد شرطة متدربين ينحدرون من جمهورية إفريقيا الوسطى وجزر القمر، والذين يستفيدون من تكوين بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، في إطار التعاون مع البلدان الإفريقية. وتابع الحضور أيضا عروضا تبرز خبرات عدد من الوحدات الأمنية في فنون الحرب واستخدام الأسلحة والدفاع الذاتي، ومختلف تقنيات التدخل، والدراجين والحماية المقربة.