قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية وتحليل السياسات، إن "المغرب حقق تراكما لم تستطع العديد من الأمم الأخرى إنجازه، حيث ارتقت الدولة المغربية إلى مفهوم الأمة، وهي التي تضمن رابطة اعتقاد مشترك بالوحدة بين جميع المواطنين مهما تباعدت المسافات بينهم"، لافتا إلى أن "ملف الصحراء يبقى مسألة قوية ومن ثوابت البلد". وأضاف اسليمي، في لقاء مساء الخميس مع تلاميذ معهد غوستاف إيفل بمكناس، أن "الجزائر خلقت مشكل الصحراء جنوب المغرب من أجل ضمان عدم اكتمال نهضة المملكة على عدة أصعدة، خصوصا على المستوى الاقتصادي"، مشددا على أن "العقيد معمر القذافي والهواري بومدين كانا أصل مشكل الصحراء القائم إلى حدود اللحظة، لكن من غذّاه بشكل كبير هو الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وهو في الحقيقة انتقم من الدولتين الجزائرية والمغربية بهذا الصراع". وأشار أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط إلى أن "الجارة الجزائر صرفت الكثير لصالح استدامة الصراع، ومنذ فترة بومدين إلى غاية اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، أنفقت 250 مليون دولار على جبهة البوليساريو"، مشددا على أن "السياق الحالي يفرض على المغرب مباشرة تنزليه لمقترح الحكم الذاتي على أرض الواقع". بدوره، قال عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إن "مقترح الحكم الذاتي ورقة تفاوضية قوية لصالح المغرب"، مسجلا أن "بدايات صراع الصحراء غذّته الثنائية القطبية التي كانت بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، فالمغرب اتجه نحو الخيار الثاني وحرية السوق والديمقراطية، فيما اختارت الجزائر الاشتراكية". وأضاف البلعمشي، في الندوة ذاتها، أن "الصحراء كلفت المغرب حربا مع الجزائر استمرت لعدة سنوات، مشددا على أن مقترح الحكم الذاتي يجنب المنطقة العديد من المخاطر الأمنية المحدقة"، وزاد: "جميع القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة إلى حدود اللحظة هي في صالح مقترح الحكم الذاتي، كما أنه يلاقي ترحيبا دوليا كبيرا، وفي المقابل تعاني جبهة البوليساريو والجزائر طوال سنوات من ارتباط اسميهما بالنزاع المفتعل". وقال سعيد خومسي، باحث في التواصل السياسي، إن "قضية الصحراء تهم المغاربة أجمعين، لكن للأسف لا يتم التعاطي مع الأمر بشكل استراتيجي، لتبقى حبيسة مناضلين يدافعون عنها"، وطالب ب"ضرورة توفير لغة ومواقف واضحة وبسيطة للعموم وللمهاجرين من أجل الترافع عن القضية الوطنية". ولفت خومسي إلى أن "المغاربة ينتظرون أن تغير الجزائر مواقفها العدائية لتجاوز الخلافات، وكذلك كان عندما توفي العقيد القذافي وانسحبت ليبيا من ملف الصحراء"، مسجلا "وجود مجهودات كبيرة تبذل على المستوى الدبلوماسي للتعريف بالقضية". من جهته، قال صبري لحو، خبير متخصص في قضية الصحراء، إن "فشل مسلسل تقرير المصير غير مرتبط برفض المغرب، بل باستحالة مهمة الأممالمتحدة، وهي الخلاصة التي وصلت إليها بعد أن أرادت الجبهة دس أناس ليس لهم الحق في التصويت"، مشددا على أن "مجلس الأمن اتجه نحو الآلية التفاوضية بعد أن لمس لدى القوى الإقليمية رغبة في عدم حل المشكل". وأوضح لحو أن "المجتمع الدولي بات يرفض الانقسامات والانفصال، والدليل هو ما يجري في منطقة كردستان وكاتالونيا"، لافتا إلى أن "مبادرة الحكم الذاتي ليست متحجرة ويمكن فهمها بشكل واسع". بدوره، قال الحسين اعبوشي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، إن "قيام دولة جنوب المغرب أمر مستحيل، وكل المؤشرات القادمة من المخيمات تفيد بأن لا علاقة للجبهة بقضايا التحرر الوطني، بل هي أداة للحرب بالوكالة تصرفها كل من الجزائر وليبيا وكوبا ضد المغرب". وشدد اعبوشي، خلال اللقاء ذاته، على أن "المجتمع الدولي يراعي خطر الإرهاب المنتشر في منطقة الساحل والصحراء، وبالتالي لن يسمح بدويلة جنوب المغرب".