باتت ظاهرة غياب البرلمانيين في الغرفة الأولى تؤرق بال لحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، الذي عقد اجتماعاً مع رؤساء الفرق البرلمانية، بداية الأسبوع الجاري، كان الغياب محوره الأساسي. وسبق لرئيس مجلس النواب أن عقد لقاءً مماثلاً، الأسبوع الماضي الماضي، مع رؤساء اللجان الدائمة، أعلن فيه بدء إجراء الاقتطاع عن الغياب في أشغال اللجان، بالإضافة إلى الجلسات العامة، لمحاصرة هذه الظاهرة التي باتت تطبع المؤسسة التشريعية. وحسب بلاغ صدر اليوم الثلاثاء، اعتبر مجلس النواب أن "ظاهرة الغياب أصبحت مسيئة إلى العمل النيابي وتمس في العمق الرسالة النبيلة القائمة على تمثيل المواطنات والمواطنين ومناقشة انشغالاتهم وتطلعاتهم". وأكد البلاغ أن "تفعيل مقتضيات النظام الداخلي في شأن الحضور في اجتماعات اللجان النيابية واستحضار فصول الدستور، وخاصة الفصل 69 الذي أكد على واجب المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة والجزاءات المطبقة في حالة الغياب". ويواجه البرلمانيون المتغيبون عن الجلسات العامة للبرلمان اقتطاعاً يصل إلى 1300 درهم عن كل يوم بدون عذر مقبول، ورغم ذلك تشهد مختلف الجلسات غياباً واضحاً للبرلمانيين عن جميع الفرق، غير آبهين بقرارات الاقتطاع التي تطال تعويضاتهم الشهرية. وكإجراء لفضح البرلمانيين المتغيبين، اعتمد البرلمان منذ مدة قرار تلاوة أسمائهم بداية كل جلسة عمومية، كما يتم نشر أسمائهم في الجريدة الرسمية الخاصة بمجلس النواب؛ ورغم ذلك يعمد عدد من البرلمانيين إلى الحضور خلال الدقائق الأولى ثم الانصراف. كما تشهد اللجان الدائمة غيابات واضحة، فرغم أن أشغالها تعتبر أبرز محطة في المسطرة التشريعية لتعديل مواد مشاريع القوانين والمصادقة عليها، إلا أن كثيراً منها تُمرر في اللجان ببضعة برلمانيين وبدون مناقشة مستفيضة كما هو مطلوب. ويطرح التساؤل حول أسباب استمرار ظاهرة غياب البرلمانيين رغم التوجيهات الملكية الداعية إلى ضرورة تخليق العمل البرلماني، ورغم كل الشروط التي يوفرها البرلمان من إيواء ومأكل وتعويض لكل البرلمانيين من خارج الرباط. وتُلقى المسؤولية في هذه الظاهرة أيضاً على الأحزاب السياسية، وهو ما يُوجِب عليها ضرورة ضبط برلمانييها وإجبارهم على الامتثال لحضور أشغال البرلمان، لتفادي تدهور أكثر لصورة وسمعة المؤسسة التشريعية في نظر المواطن.