يواجه الزعيم الديني الأمريكي المثير للجدل لويس فرخان، الذي يعتبره البعض غوغائيا عنصريا وأصوليا خطيرا، بينما يرى فيه آخرون بطلا مدافعا عن حقوق السود، صعوبات متزايدة في إيصال رسالته. وحظر موقع "فيسبوك" حساب رئيس جمعية "أمّة الإسلام"، الممنوع منذ سنوات من دخول بريطانيا ومن الظهور على وسائل الإعلام التقليدية، نظرا إلى سجله الطويل كمروّج لمعاداة السامية ورهاب المثليين. ومنح فرخان دفاعه عن السود وشعاره في الاعتماد على الذات قدرا من الشرعية على مدى سنوات، عززها الدور الذي لعبه قبل ربع قرن في تنظيم "مسيرة المليون رجل"، التي شارك فيها مئات آلاف الأمريكيين المتحدرين من أصول إفريقية في واشنطن. وفيما لا يمكن إنكار نفوذه المتواصل، إلا أن منتقدي فرخان (86 عاما) يشيرون إلى أنه شبّه اليهود ب"النمل الأبيض"، ووصف هتلر ب"الرجل العظيم"، بينما اعتبر العرق الأبيض من صناعة ساحر شرير. وكما كان متوقعا، ردّ أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ أمريكا الحديث على حظره من "فيسبوك" في الثاني من مايو بإظهار نفسه على أنه ضحية، وبأن قوى نافذة تسعى إلى إسكاته. وقال فرخان أمام جمهور ضم أكثر من ألف شخص في كنيسة "سانت سابينا" بشيكاغو الخميس "ماذا فعلت لتكرهوني هكذا؟" وعلى وقع تصفيق المشاركين المتحمسين في التجمع، ومعظمهم من أعضاء جمعيته، نفى فرخان كراهية النساء والمثليين والعنصرية، قائلا للحشد: "لا أكره اليهود. لم يرتكب شخص من أتباعي يوما جريمة بحق اليهود". بدورهم، يصر أنصار فرخان على أنه تم تحريف كلامه. وقال أنوش محمد (40 عاما)، وهو من أعضاء جمعية "أمّة الإسلام"، "لو أنهم سمعوا فعلا ما كان يقوله بدلا من الاستماع إلى مقتطف صوتي لساعد ذلك للغاية". معادي السامية الأكثر شعبية لكن ما لم يؤخذ بكل تأكيد خارج سياقه هو تصريحات فرخان بأن اليهود لعبوا دورا أساسيا في تجارة العبيد، وأنهم اضطهدوا السود بشكل منظم في الولاياتالمتحدة. وليلة الخميس أدلى فرخان مجددا بتصريحات مشابهة لتلك التي أوقعته في مشاكل في الماضي، فانتقد تأثير الفكر الديني اليهودي على الكنيسة الكاثوليكية. وقال مشيرا إلى فمه "هذا هو الذي يخافون منه. لا جيش لدي. كل ما في الأمر هو أنني أعرف الحقيقة. وأنا هنا للتفريق بين اليهود الأخيار واليهود الشياطين". وبينما خبا نجمه خلال العقود الأخيرة، فإن الحقبة الحالية من جرائم الكراهية واسعة النطاق سلطت الأضواء عليه مجددا على ما يبدو. والشهر الماضي، فتح مسلّح مراهق، كتب منشورا يعج بالكراهية عبر الإنترنت، النار على كنيس في باواي بكاليفورنيا، مما أسفر عن مقتل مصلٍّ. وقبل ستة أشهر على ذلك، قتل مسلح آخر متعصب للبيض ومعاد لليهود 11 شخصا في كنيس ببيتسبرغ. وقال أورين سيغال من "رابطة مكافحة التشهير" إن "فرخان قد يكون الشخصية المعادية للسامية الأكثر شعبية في الولاياتالمتحدة". وأضاف "يحصل عادة على تصريح مرور لانتقاداته اللاذعة نظرا إلى الطريقة التي حاول من خلالها تقديم مكانته في المجتمع". صوت جريء ولد فرخان في ثلاثينيات القرن الماضي بنيويورك باسم لويس يوجين والكوت، وترعرع وفقا للتقاليد المسيحية الأصولية في بوسطن. ونسب إليه الفضل في جلب الأمل إلى الأمريكيين من أصول إفريقية. وحرس أنصاره الأحياء ضد عنف العصابات، وقدموا الرعاية للمدانين في السجون الذين يشكل ذوو الأصول الإفريقية غالبيتهم. وبينما تعرض الرئيس السابق بيل كلينتون لانتقادات بسبب جلوسه بجانب فرخان خلال جنازة المغنية الأمريكية أريثا فرانكلين العام الماضي، لا مشكلة لدى الكثير من الأمريكيين الشباب في أن يتم ربطهم بالداعية. وفي أبريل، قاد فرخان حشدا في لوس أنجلوس حيث ألقى خطابا في الموقع الذي قتل فيه مغنّي الراب الشهير نيبسي هاسل. وقال للحشد: "يريد العدو أن يتواصل هذا القتل. وطالما أننا نواصل قتل بعضنا البعض، سيتمكن من المحافظة على السلطة في إطار ما نسميه استبداد تفوق العرق الأبيض". من جهته، أشار أستاذ التاريخ والدراسات الإفريقية-الأمريكية في كلية "مالكوم إكس" بشيكاغو، مصباح الدين أحمد رفاعي، إلى أن جمعية فرخان تخاطب "الألم الذي يشعر به الكثير من الأمريكيين من أصول إفريقية". وكان مغني الراب الشهير سنوب دوغ بين أبرز الشخصيات التي سارعت للدفاع عن فرخان، فنشر تسجيلا مصورا غاضبا على "إنستغرام"، داعيا متابعيه البالغ عددهم 31 مليونا إلى نشر مقاطع من خطابات رئيس "أمّة الإسلام" ردا على حجب "فيسبوك" للأخير. وقال سنوب دوغ: "أظهروا ما كان يتحدث عنه في الواقع، إنه يعلّم الحقيقة. لا يمكن حظرنا جميعا". وكان بين أنصاره كذلك الأب مايكل فيلغر، وهو قسّ من شيكاغو دعا فرخان إلى التحدث ليلة الخميس في كنيسته "سانت سابينا". وأعطى هذا الدعم دفعة لفرخان، بينما انتقد متحف "الهولوكوست" بإلينوي القس علنا. وقال فيلغر إن "فرخان كان صوتا جريئا ضد الظلم الذي تعرض له السود في هذا البلد، ويستحق أن يُسمع صوته، ويجب أن يُسمع". أ.ف.ب