انتقدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل "العجز الحكومي البَيّن في تنقية المناخ السياسي الوطني، بسبب افتقار المسؤولين إلى ثقافة الحوار البناء والمثمر الذي يُفضي إلى نتائج ملموسة"، مؤكدة "اصطدام الحاجة الوطنية للحوار الوطني بإرادة سياسية متعنتة تسير عكس انتظارات الطبقة العاملة وعموم المواطنين والمواطنات". وسجلت النقابة سالفة الذكر، خلال ندوة صحافية شرحت فيها دواعي عدم توقيعها على اتفاق 25 أبريل 2019، صباح الثلاثاء، "الهجوم الكاسح على الحقوق والمكتسبات، وكذلك الحريات العامة والحريات النقابية، فضلا عن المحاكمات السياسية للناشطين والفاعلين السياسيين والحقوقيين والمسؤولين النقابيين". "نحن، اليوم، أمام وضع اجتماعي كارثي بكل المقاييس بعد تعطيل الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف لسنوات طويلة، واستمرار الحكومة الحالية على نهج سابقتها في تنفيذ إملاءات المؤسسات المالية الدولية، والانفراد بتمرير القوانين الاجتماعية، وضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وكذا إغلاق المؤسسات الإنتاجية وتسريح العمال، ثم ضرب المرفق العمومي"، تقول النقابة العمالية. وأبرز أعضاء المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذين قدموا التصريح الصحافي الذي يسرد مبررات عدم توقيعهم على الاتفاق الاجتماعي، أنه "في ظل تفاقم الاحتقان وتنامي الاحتجاجات، قام وزير الداخلية بحلحلة موضوع الحوار الاجتماعي، حيث قدم مقترحا في موضوع تحسين الدخل". وعرجت المركزية العمالية على سيرورة المفاوضات التي جمعتها ب "أم الوزارات"، بدءا من الاجتماع الأولي الذي اقترحت فيه الوزارة رفع سقف الزيادة في الأجور من 300 إلى 400 درهم بالنسبة للمرتبين في السلم العاشر الرتبة 5 فما تحت، ومن 400 إلى 500 درهم بالنسبة للمرتبين في السلم العاشر الرتبة 6 فما فوق، لتطالب بعدها بتفعيل هذه المقتضيات في فاتح ماي الحالي. الكونفدرالية الديمقراطية للشغل واصلت بعدها الحوار مع وزارة الداخلية، لتعقد اجتماعا في 11 أبريل تم التوافق فيه على عرض تحسين الدخل، ثم توصلت بمسودة مشروع الاتفاق لإبداء الرأي، لتُرسل جوابها الذي يطالب أساسا بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، إلى جانب استبدال كلمة "التشاور" بعبارة "التفاوض والحوار الاجتماعي"، وغيرها من المطالب الأخرى. وأوضحت النقابة عينها أن "وزارة الداخلية التزمت باستشارة رئاسة الحكومة في شأن المطالب، لتتم دعوتها بعد يوم واحد إلى حضور اجتماعي ثلاثي الأطراف من قبل رئيس الحكومة، لكن النقابة لاحظت عدم إدراج مقترحاتها وتعديلاتها"، مشيرة إلى "رفض رئيس الحكومة إدراج تلك القضايا ضمن الاتفاق"، لتقرر بعدها عدم التوقيع والانسحاب من جلسة الحوار الاجتماعي. في هذا الصدد، قال عبد القادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن "التفاوض مع وزارة الداخلية جاء بدعوة منها، لأنه حينما يصل الاحتقان الاجتماعي إلى درجة التوتر دائما ما تتدخل الدولة، من أجل حلحلة الأوضاع الحالية"، مبرزا أن "تلبية المطالبة بهذه الكيفية فيها تلاعب". وأضاف الزاير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحوار لو بقي لدى وزارة الداخلية لوصلنا إلى حل معين، لكن الوزير لفتيت أصيب بوعكة في لحظة معينة، ليذهب إلى باريس من أجل العلاج، ليُكمل الوزير المنتدب التفاوض بعدها، لكن العثماني لم يستطع قبول مطالبنا في نهاية المطاف". وأوضح الفاعل النقابي أنه "من دعاة التنسيق مع المركزيات النقابية، لاسيما أمام التشتت الكائن، حيث أقدمنا على المبادرة، لكن سجلنا غياب النوايا الطيّبة". وزاد: "الدولة لا تريد نقابات قوية، بل مقسمة على غرار الأحزاب السياسية، بعدما صار لكل حزب نقابته، ما جعلنا نصل اليوم إلى ما يقرب 26 نقابة مُصرحا بها"، مبرزا أنه "سيتم تأسيس جبهة اجتماعية يشارك فيها الفاعل النقابي والسياسي في المستقبل لإصلاح الأوضاع".