عاشت مدينة القصر الكبير، مساء أمس السبت، أجواء احتفالية بمناسبة تنظيم النسخة السادسة لكرنفالها التربوي، وسط متابعة واسعة من طرف ساكنة المدينة. وجسّدت العروض، التي أبدع شباب وأطفال مدينة القصر الكبير في أدائها، من تلاميذ المؤسسات التعليمية وفاعلين في الجمعيات، العمق الحضاري للمدينة. كما أبدعوا في تجسيد عدد من الانشغالات الراهنة، خاصة قضايا الشباب والأطفال. وفي أحد المشاهد الاستعراضية يتقدم مجموعة من الأطفال والشباب قارَبا مصنوعا من القصب، ترفرف فوقه راية بيضاء يتوسطها رمز خطر الموت، دلالة على المصير الذي ينتظر المهاجرين الذين يغامرون بأنفسهم للعبور نحو أوروبا عبر قوارب الموت. وفي مشهد آخر يعالج مجموعة من الأطفال إحدى إشكاليات العصر، والمتمثلة في إدمان استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، وتهميش الكتاب، حيث حملوا مجسمات مواقع التواصل الأربعة الأكثر شهرة، ومعها كُتب، في إشارة إلى أن مكانة الكتاب، وإن كان مهملا اليوم، لا يمكن تجاوزها، كوسيلة أساسية لا مندوحة عنها، لكسب المعرفة. وقد أبدع الأطفال، الذين جسدوا المشهد في صمت ودون حاجة إلى كلام، في إيصال رسالة بليغة إلى الجمهور فحواها أن مواقع التواصل الاجتماعي بقدر ما لها منافع بقدر ما تشكل خطرا حقيقيا على مستعملها، إن هو تعاطى لها بإفراط. كرنفال القصر الكبير التربوي لم يكن مناسبة للبهجة والمرح فقط، بل كان مناسبة لنشر التوعية بخصوص عدد من القضايا الراهنة، مثل قضية حماية البيئة، حيث شارك في الكرنفال عدد من عمال النظافة، ومعهم أطفال جسدوا أيضا دور عمال النظافة، تحت يافطة كتب عليها "كلنا معنيون بنظافة مدينتنا". العمق الحضاري والتاريخي التليد لمدينة القصر الكبير كان حاضرا بقوة في مهرجانها التربوي، من خلال ارتداء الأطفال أزياء تقليدية كانت سائدة في عهد أجدادهم، وحمل لافتات تعرّف بأهم المعالم التاريخية للمدينة. وحرص منظمو مهرجان القصر الكبير التربوي كذلك على إبراز التنوع والتعدد، اللذين يسمان المجتمع المغربي منذ القِدم إلى الحين، وانفتاحه على ثقافات أخرى، عبر استعراضٍ أدّاه مجموعة من الشباب والأطفال، جسدوا فيه عرضا للأزياء المغربية بمختلف أنواعها، وكذلك أزياء شعوب أخرى من القارات الخمس. محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، الذي أعطى انطلاقة كرنفال القصر الكبير التربوي، قال إن هذه الاحتفالية تعبّر عن أصالة وتنوع الإبداع الثقافي والفني المغربي بمختلف تلاوينه، مبرزا أن قوة المغرب تكمن في التعدد والتنوع اللذين يشكلان سمته الأساسية. وأوضح الأعرج، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن كرنفال القصر الكبير التربوي يجسّد تعبير وحرص المواطن المغربي على ترسيخ هويته وثقافته العريقة المتسمة بالتعدد والتنوع والانفتاح. من جهته، قال محمد شعشوع، رئيس "منتدى أوبيدوم للإعلام والتواصل"، إن كرنفال القصر الكبير التربوي يشكل فرصة للتنمية على الصعيد المحلي، كونه يساهم في خلق أنشطة مدرة للدخل، ويساعد على تشجيع الفن والإبداع في المدينة. وأضاف شعشوع أن الفعاليات المشاركة في الكرنفال تحرص على تناول تيمات ومواضيع هادفة، ترمي إلى تربية النشء على القيم والأخلاق الحميدة، وتعزيز التماسك والتعاون بين المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية لتطوير عملهما المشترك. وسجّلت الدورة السادسة من كرنفال القصر الكبير التربوي مشاركة مؤسسات تعليمية من العالم القروي، وهو ما اعتبره محمد شعشوع دليلا على توسع دائرة إشعاع الكرنفال، وتجاوزه حدود المدينة إلى ضواحيها، وإلى العالم القروي. تجدر الإشارة إلى أن كرنفال القصر الكبير التربوي ينظمه "منتدى أوبيدوم للإعلام والتواصل"، بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالعرائش، والمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير، ودعم من مقاولات مواطنة.