حافظ المغرب على تموقعه السلبي في مؤشر حرية الصحافة، الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، باحتلاله المرتبة 135 للمرة الثانية على التوالي ضمن 180 بلداً، ليُصنّف بذلك في مراتب متأخرة مقارنة مع بعض دول منطقة شمال إفريقيا، وتدرجه المنظمة ضمن "المنطقة الحمراء"، في إشارة إلى كون حرية الصحافة في المملكة تبدو في وضع "صعب". واعتبرت "مراسلون بلا حدود" أن الصحافيين الذين يمثلون أمام القضاء في المغرب "يواجهون إجراءات ماراثونية لا نهاية لها"، مبرزة أن سنة 2018 تميّزت ب "ضغوط قضائية شديدة على الصحافيين"، في إطار القضايا المتواصلة ضدهم منذ سنوات، مشيرة إلى طرد عدد من الصحافيين الأجانب. صورة قاتمة المنظمة الدولية، التي رسمت صورة قاتمة عن حرية الصحافة بالمملكة، قالت إن "السلطات المغربية تتعمّد عرقلة عمل وسائل الإعلام الوطنيّة والأجنبية التي عملت على ملف حراك الريف أو ملف الهجرة الذي يُعتبر ممنوعًا". وأضافت: "لقد رُفعت دعاوى ضدّ صحافيين مواطنين وصحافيين محترفين، منهم عدد من المساجين حاليًا صدر ضدهم حكم بالسجن والغرامات المالية". وفي مقابل الصورة القاتمة التي تطبع حرية الصحافة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تقول "مراسلون بلا حدود"، تبقى تونس الاستثناء في المنطقة، حيث سجلت "انخفاضا ملحوظاً في عدد الانتهاكات"، بعدما حلّت في المرتبة 72 عالمياً، لتحرز بذلك تقدما ب 25 مركزاً مقارنة مع الموسم الفارط. على الصعيد المغاربي، جاءت تونس في المركز الأول، متبوعة بموريتانيا التي احتلت المرتبة 94 عالمياً، تلاها المغرب الذي حاز على تنقيط يصل إلى 45.75، ثم الجزائر التي صنّفها التقرير في المرتبة 141 عالمياً، وأخيرا ليبيا التي جاءت في المرتبة 162 عالمياً. تونس الاستثناء وضع التقرير كلا من تونس وموريتانيا ضمن "المنطقة البرتقالية"، ما يعكس الوضع الإشكالي الذي يعيشه البلدان، في حين صُنّف المغرب والجزائر في خانة "المنطقة الحمراء"، في إشارة إلى الوضع الصعب لحرية الصحافة، بينما أدرجت ليبيا في "المنطقة السوداء"، لتتذيل بذلك المراتب في تصنيف "مراسلون بلا حدود". وجاء المغرب في المركز العاشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، خلف تونس وموريتانيا، بالإضافة إلى إسرائيل صاحبة المرتبة 94، ثم لبنان التي احتلت المرتبة 101، والكويت التي حلّت في المرتبة 108، بينما حلّت قطر في المرتبة 128، وحاز الأردن المرتبة 130، فيما حلّت عمان في المرتبة 132، والإمارات في المرتبة 133، في حين أورد التقرير أن وضعية ستة بلدان في المنطقة تبقى خطيرة، وهي ليبيا ومصر والسعودية واليمن وسوريا وإيران. ووضع التصنيف النرويج في صدارة الدول التي تتمتع بحرية الصحافة، متبوعة بفنلندا، ثم السويد في المرتبة الثالثة، فهولندا والدنمارك. أما على صعيد حرية الصحافة في مناطق العالم، فيتضح أن "القارة العجوز" هي التي تحظى بأكبر قدر من الحرية، بينما مازالت منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط الأصعب على سلامة الصحافيين، في حين تحل دول المنطقة الأسيوية في المراتب الأخيرة في التصنيف. غياب الموضوعية في تعليق له على تقرير "مراسلون بلا حدود"، قال محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، إن "التقرير يكتنفه الغموض والإبهام، لأنه لا يرصد حالات معينة يمكن مناقشتها، ومن ثمة نسجل عدم الموضوعية وعدم الحياد"، مشيرا إلى أن "المغرب حقق مكتسبات مهمة في مجال الصحافة والنشر، بحيث نتوفر على المجلس الوطني للصحافة باعتباره مؤسسة مستقلة تدير المجال، الأمر الذي يجعلها مؤسسة كبيرة". وأضاف الأعرج، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "مجال الصحافة بالمغرب مُنظم من خلال المجلس الوطني للصحافة، إلى جانب المرسوم المتعلق بدعم كل ما يتعلق بالصحافة والنشر والطباعة وغيرها"، مؤكدا أن "الوزارة تشتغل على تنزيل جميع مكتسبات الدستور، لا سيما ما يتعلق بالصحافة والنشر". وأوضح المسؤول الحكومي أن "التقرير لا يستجيب للعديد من التقارير والبيانات والبلاغات التي ترسلها الوزارة إلى المنظمة، لأنها لا ترد على كل ما نرسله إليها من توضيحات، ما يجعل التقرير غير موضوعي، بوصفه لم يأخذ العديد من المكتسبات المؤسساتية والقانونية بعين الاعتبار، على أساس أن تلك المكتسبات من شأنها دعم حرية الصحافة والنشر بالمغرب".