ها أنذا أكتب إليك للمرة الثانية السيد الرئيس، لأقول لك : في حكومتك نحتاج إلى' الإنسان' ..! بعدي عن ربطات العنق ، تذكر، وأنت تجري مشاوراتك وحواراتك مع أحزاب أغلبها لا يشبهنا، أننا في حكومتك نحتاج إلى أن يكون الجميع إنسانا .. إنسانا .. فقط ! لا أقل .. ولا أكثر .. فقط إنسان ! فكل الذين تواتروا على أعصابنا لم يفهموا أننا نريد إنسانا، وليس رسما على ورق، ترسمه شهوة أو عصبية قبلية، أو تعيد بعثرة ملامحه أياد خفية. نحن لن نطلب الجنة من أحد غير الله ، ولن نطلب الخلود من أحد غير الله ، ولن نطلب من أحد أن يقلب العصى ثعبانا، أو يحول التراب إلى ذهب، أو نهر أم ربيعنا إلى بترول، هذه اللعنة السوداء على عرب اليوم ، لكن في المقابل نحن جميعا نحب الحياة : نعم .. نحب الحياة .. وتبقى الحياة في مغربنا : إلا قليلا ! إلا قليلا من الألم، والجوع، والعطش، والإهانة، والغربة .. وما أقسى غربة داخل الوطن ! . السيد الرئيس : .. الحياة صعبة عندما يحاصرها الظلم .. وتصير أصعب عندما تنتحر ' ضمائر' الإنسان على كراسي خشبية ! الكل يعرف أن وطننا لم يعد يشبه نفسه .. حتى الوجوه لم تعد تشبه مغربيتها .. فهل دخل الغرباء إلى جلدنا حقا ..؟ وآه عندما يدخل الغريب مثلا في سكرنا، وطحيننا، وشاينا، وسمكنا، وبطاطسنا، وطماطمنا، وفوسفاطنا، وصحتنا، وتعليمنا، وبطالتنا، ومائنا، وكهربائنا، بل حتى في فاتورات الهاتف الثابت والمحمول .. جغرافيتنا أصبحت غريبة عنا، أصبحنا غرباء في بلدنا يا وطني ..أما التاريخ فقد سقطت 'الخاء' قبل سنوات من الورق ! ما أقسى الغربة في وطني؛ حتى أصبحنا نتساءل في شك : هل سيقبل ترابه دفن جثتنا بعد الوفاة ؟! وإلا فأي أرض يتيمة ستقبل جثتنا. و تمنحنا أرواحا جديدة غير التي سرقت منا ...؟ أي أرض ستنتشلنا من بحيرات الدم و المداد، من وعود مسحورة بالخيانة .. إن لم تكن أرض الوطن .. يا سادتي ! لكل ما سبق، السيد الرئيس : في حكومتك .. نحتاج إلى ' الإنسان ' ! إلى أن يكون الجميع إنسانا .. إنسانا ... فقط ! يرفع عنا كل هذا الثقل .. وكل هذا الفشل . يمنحنا فرصة أخرى للحياة، بعدما أصبحت الحياة تحرق أمام ضمير الوطن. أو على الأقل يمنحنا محاولة أخرى للعيش .. فقط للعيش، لنلعن كل هذا الظلام والركام والكآبة التي تركها السابقون .. وننصرف إلى حياتنا الجديدة .. فنحن البسطاء لا نطلب سوى أن نعيش بكرامة .. ونموت بحسن خاتمة . ولأن كل هزائمنا كانت جماعية، وصراعاتنا كانت جماعية ..ولامبالاتنا أيضا كانت جماعية، فالآن فقط، من المحيط إلى الخليج، نحلم أن يكون الفرن الذي تفوح منه رائحة الخبز والحرية .. جماعي أيضا ! ولا دين حيث لا أمانة .. ولا دين حيث لا عدل .. ولا دين حيث لا حرية .. ولا دين حيث لا نهضة .. ولا دين حيث لا أمان .. ولا دين حيث لا توازن .. .. .. .. .. أو بجملة واحدة : لا دين حيث لا إنسانية .. لكل ما سبق، ولكل متفائل من بلدي، السيد الرئيس : في حكومتك .. نحتاج إلى الإنسان ! لا أقل .. ولا أكثر .. فقط إلى أن يكون الجميع في حكومتك إنسانا .. أو .. انصرفوا .. ! .. .. هذه بعض كلمات، لبعض من جراحنا .. فهل نستطيع ؟ والسلام .. صفحة الكاتب على الفيسبوك مدونة الكاتب [email protected]