يبدو أن الاحتقان الاجتماعي قد بلغ أشدَّه، بعدما قررت مجموعة من التنظيمات الحقوقية والتعليمية والنقابية والطلابية الدخول في تصعيد جديد مطلع الشهر الجاري، لينضاف إليها البرنامج النضالي الذي أعلن عنه الاتحاد العام الوطني لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة، الذي من المزمع أن ينخرط في إضراب وطني سوف يشمل جميع الإدارات العمومية والمؤسسات العامة والجماعات الترابية، الخميس المقبل، للتنديد ب "تبخيس النخب المغربية الناشئة الحاصلة على شهادة الدكتوراه". ويتضمن البرنامج التصعيدي الذي سطَّره اتحاد دكاترة الوظيفة العمومية، حمل الشارات السوداء داخل مقرات العمل بدءاً من الرابع من مارس إلى حدود منتصف الأسبوع المقبل، ومسيرة وطنية بالعاصمة الرباط يوم الأحد 17 مارس. وقال الاتحاد إنه "يتابع بقلق شديد المستجدات الأخيرة التي يعرفها ملف دكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة، ويستغرب الجمود الحاصل الذي يعرفه هذا الملف منذ سنوات، وما تتعرض له هذه الفئة من غبن وإقصاء، بما لا يتناسب مع رهانات بلدنا في مجال تجويد الخدمات العمومية، والنهوض بالتنافسية الاقتصادية، والاهتمام بالبحث العلمي، وكذا مع الشعارات التي يرفعها في مجال حقوق الإنسان". وأضاف المصدر ذاته، في بيان توصلت جريدة هسبريس بنسخة منه، أنه "يحذر الحكومة من الاستمرار في تهميش الدكاترة الموظفين، ويطرح علامات استفهام حول سياسة الدولة في الرقي بالبحث العلمي"، معتبرا أن "تهميش هذه الفئة وتركها للمجهول، يضيع على المغرب فرصة كبيرة للاستفادة من أبنائه في مجال التأطير والبحث العلمي وتجويد خدمات الإدارة، خاصة وأن سياسة الحكومات المتعاقبة جعلت المغرب في مرتبة متدنية أمام باقي دول العالم في التصنيف الدولي للجامعات المغربية، وكذلك في البحوث العلمية المنتجة في المغرب". وطالب دكاترة الوظيفة العمومية الحكومة ب "خلق إطار دكتور باحث داخل نظام الوظيفة العمومية وأنظمة المؤسسات العمومية، كما هو معمول به داخل مجموعة من الدول المتقدمة، مما سيساهم في تعزيز البحث العلمي داخل الإدارة المغربية وتطويرها، والاستغناء عن مكاتب الدراسات التي تستنزف أموالا طائلة بدون جدوى"، مشددين على أن ذلك قد "جعل الإدارة المغربية متخلفة ولا تواكب مستجدات العصر ولا يستفيد منها المواطن المغربي، وذلك تبعا لما دعا إليه الملك في خطابات عديدة، مع خلق مختبرات بحثية داخل القطاعات الوزارية ترفع عجلة النمو داخل هذه الإدارات التي تضم خيرة الدكاترة الموظفين من تخصصات مهمة لا يمكن الاستهانة بها". وفي هذا الصدد، قال إحسان المسكيني، رئيس الاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب، إن "هذه الخطوة التي يقدم عليها الاتحاد، المتمثلة في إضراب وطني يوم الخميس القادم ومسيرة وطنية بالرباط يوم الأحد 17 مارس وحمل الشارات السوداء، تعبير على غضب الدكاترة تجاه وضعيتهم؛ إذ لا يعقل أن مطلب الدكاترة هو الدفع برقي المغرب في البحث العلمي وتحسين جودة التأطير داخل الجامعات المغربية ومراكز تكوين الأطر، إلا أن الحكومة تتجاهل هذا المطلب الذي فيه خير للمغرب". وأضاف المسكيني، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذا المطلب لا يتطلب أي اعتمادات مالية من طرف الحكومة، بل هو ترشيد تدبير موظفي الدولة الحاملين للدكتوراه في مواقع تخدم الشأن العام، لأن اليوم عدد الدكاترة الموظفين بالمغرب لا يتعدى 2200 دكتور، وهو عدد هزيل جدا مقارنة مع الدول المجاورة التي استثمرت مؤهلات هؤلاء الدكاترة وفتحت لهم الأبواب". "نحن في الاتحاد نستغرب هذا الجمود الحاصل في الملف الذي يعتبر من أسهل الملفات التي عرفتها منظومة الوظيفة العمومية بالمغرب"، يورد المتحدث، مضيفا أن "جميع الوزارات تضم مراكز تكوين الأطر والمعاهد العليا، وتغيير إطار دكتور موظف إلى أستاذ باحث داخل وزاراتهم سيرفع جودة البحوث العلمية والتأطير والتكوين المستمر لفائدة باقي الموظفين".