بشجاعة وتصميم راسخ، وعزم لا يلين وطموح جارف، استطاعت نجاة بنشيبة، البريطانية من أصل مغربي، فرض نفسها عن جدارة واستحقاق في أوساط الأعمال اللندنية . فإذا كان ليس من السهل التموقع على رأس مقاولة في قلب العاصمة البريطانية، حيث تشتد المنافسة الاقتصادية، وتتخذ أشكالا أكثر شراسة، فإن الصعوبات بالنسبة لهذه المغربية المتحدرة من المنطقة الشرقية للمملكة ليست سوى اختبارات تدفع نحو السير قدما في الحياة. سلكت نجاة بنشيبة، متسلحة بشجاعة وإرادة لا تلين، طريق النجاح باقتحامها مجالا يسيطر عليه الرجال، بخطوات ثابتة، مجسدة نموذج المرأة المغربية اليوم. ولا شك أن هذه المقاولة الشابة التي جمعت بين الجدية والمسؤولية، وتشبعت بقيم مستمدة سواء من ثقافتها الانجلوساكسونية، أو جذورها المغربية، تمتلك كل مؤهلات التفوق في مسارها كباحثة، ثم كسيدة أعمال. فقد أنجزت نجاة بنشيبة، خريجة جامعة أكسفورد، التي حصلت منها على دبلوم العلوم الاجتماعية في مادة اللسانيات التطبيقية، قبل أن تحرز دكتوراه من جامعة الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن، العديد من الدراسات التي نشرت في عدد من المجلات المتخصصة والأكاديمية، ونجحت في انتزاع موطئ قدم في أوساط البحث التي نادرا ما يهيمن عليها أكاديميون من أصول أجنبية. وراكمت نجاة بن شيبة، عبر قطعها أشواطا بالتدرج، خبرة كبيرة من خلال اشتغالها في مكاتب الاستشارة مثل "ماكينزي أند كو" و"إن .بي . اس كونسيلتينغ"، قبل أن تلتحق بفريق مجموعة التفكير المرموقة "أوكسفورد ستراتيجيك كونسيلتين"، حيث برزت كمستشارة مكلفة بالبحث الاقتصادي والاجتماعي. وساهمت تجربة نجاة في هذا المكتب الدولي للاستشارة، الذي ينجز دراسات لفائدة كبريات المنظمات الخاصة والحكومية، في تعزيز ثقتها وتوسيع شبكة معارفها، التي عبدت لها الطريق من أجل إطلاق مقاولتها الخاصة في مجال الاستشارة، التي تحمل اسم "غازيل ادفايزوري غروب". وتطمح نجاة من خلال عملها في هذه المجموعة التي تتخذ من لندن مقرا لها إلى تعزيز فرص استثمار البلدان العربية، وردم الهوة بين الرأسمال الاستثماري ورأسمال المخاطر، والعقار والاستثمارات المباشرة لفائدة عدد من المكاتب العربية، خاصة بلدان الخليج وبلدان أخرى بالمنطقة. كما تتطلع نجاة عبر مؤسسة "غازيل ادفايزوري غروب" إلى إنشاء أرضية تفاعلية بين المقاولات والمستثمرين من أجل توفير أكثر لفرص الاستثمار بالبلدان الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، من خلال تشجيع العمل المقاولاتي لدى شباب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وترى نجاة بنشيبة من ناحية أخرى أن إشكالية المناصفة، وضعف تمثيلية النساء في المجالس الإدارية، وفي مناصب المسؤولية، تتطلب الكثير من العمل. ومن أجل تشجيع النساء المغربيات المقاولات على الانخراط في هذا المجال التنافسي، تبادر نجاة بنشيبة، عبر مقاولتها، إلى تنظيم دورات تكوينية لفائدة النساء الشابات، تساعدهن في مسارهن الجامعي وتوجيههن المهني؛ كما لم تفتأ تثير في مختلف المحاضرات التي تلقيها عبر العالم ضرورة النهوض بوضع المرأة وتعزيز دورها داخل المقاولة، وتدعو إلى إعادة النظر في السياسات الحكومية والمقاولاتية على مستوى المناصفة وتمثيلية النساء والمساواة في الأجر بين الرجال والنساء. وفضلا عن ذلك تمكنت نجاة بنشيبة من خلال عملها ببلدان مختلفة، من إغناء شخصيتها، وتوسيع آفاقها، حيث اشتغلت بكل من الدارالبيضاء والقاهرة والرياض وأبوظبي، قبل أن تستقر منذ خمس سنوات بين لندن وسنغافورة، التي تعد اليوم أكبر قطب مالي عالمي. وتعمل نجاة، الأم لطفلين، أحدهما مزداد بلندن والثاني بسنغافورة، كل ما في وسعها من أجل التوفيق بين طموحها المهني وواجباتها كأم وامرأة. ولا تخفي هذه المقاولة البريطانية من أصل مغربي انشغالها بنقل "أخلاقياتها القوية" في العمل إلى طفليها، اللذين تحرص على أخذهما معها في كل تنقلاتها. وحرصت نجاة بنشيبة على توجيه رسالة إلى النساء المغربيات بمناسبة ثامن مارس، مفادها أن "التربية هي أساس كل المجتمعات، ذلك أنها تمكن النساء من التحرر والنمو انطلاقا من أرضية متينة"، وأضافت أن المغرب يتطلع إلى أن يكون في طليعة المشهد الدولي، داعية في هذا الصدد النساء إلى عدم التردد في المساهمة في تحقيق هذا الطموح. *و.م.ع