نشطة جدا ومثابرة للغاية لتطوير تجارتها، فخورة بأصولها المغربية، تعد السعدية طاليس بحق خير نموذج للمرأة المغربية المهاجرة بآثينا، سيدة مفعمة بالحيوية تحدوها رغبة أكيدة لخدمة وطنها الأم. لدى حديثهم عنها، يجمع معارفها على كون السعدية سيدة مكافحة وذكية ودينامية، تواجه اختبارات الحياة بعزم وإصرار، وتشق طريقها بثبات لتقديم إضافتها للجهد الجماعي ورفع التحديات حيثما وجدت. بابتسامة واثقة، السعدية ليست بالمرأة التي تهاب الصعاب، على العكس من ذلك فهي في الفترات العصيبة تظهر قدرة كبيرة على التكيف، فتتراجع خطوة إلى الوراء لتحقيق أفضل قفزة نحو الأمام. وفي تصريح صحافي بمناسبة اليوم العالمي المرأة، الذي يحتفل به العالم في 8 مارس من كل عام، قالت السعدية إنه "بالرغم من السياق العام الذي يطبعه عدم اليقين جراء الأزمة الاقتصادية التي شهدتها اليونان في السنوات الأخيرة، قررت الصمود أمام هذا الوضع الذي كان صعبا للغاية". وأضافت أن ارتفاع معدلات البطالة، وإعلانات الإفلاس المتتالية، والتراجع الحاد في أرقام المعاملات، والتقشف في اليونان، عوامل أثرت سلبا على غالبية التجار، ولا سيما المهاجرين، الفئة التي عانت من الأزمة، لكنها حاولت بجهد كبير تجاوزها بسلام. ولدى حديثها عن قصتها مع البلد المضيف، تتذكر السعدية أنه بعد رحلة إلى اليونان مع بعض الأصدقاء سنة 1990، "قررت أن أقيم في أثينا دون أن أقطع صلتي مع بلدي الأم". وتقول السعدية، التي تدرك الدور القيادي الذي تضطلع به بين أفراد الجالية المقيمة باليونان، إن "الحب الذي أكنه للمغرب يشكل بالنسبة لي ذلك المعين الذي لا ينضب، أستمد منه قوتي لمواصلة السير في الطريق والعيش بسلام". وأضافت أنه "منذ نحو خمس سنوات، أنشأت شركتي (مروكو ماركت) المتخصصة في بيع منتوجات الحرف اليدوية المغربية"، ملاحظة أن الأمور لم تكن سهلة في البداية، ولكن "بفضل إصراري ودعم الأسرة، قاومت الأزمة، والآن تحسن الوضع كثيرا". وأكدت قائلة: "أسافر دائما إلى المغرب لجلب منتوجات الصناعة التقليدية والملابس التقليدية وغيرها من المواد المصنعة في المملكة لبيعها هنا في آثينا"، مسجلة أن "اليونانيين يقبلون كثيرا على منتجات الصناعة التقليدية المغربية". وأضافت: "هذه الجهود لم تذهب سدى، ففي سنة 2016 حصلت على جائزة أفضل رواق خلال المهرجان الإفريقي لفنون الطهي والموسيقى والصناعة التقليدية، وهو حدث من تنظيم السفارات الإفريقية في أثينا"، مذكرة بأنه في ذلك الوقت كانت مسؤولة عن تنظيم جناح المملكة في هذا الحدث السنوي الهام الذي يتيح للزوار فرصة التعرف على التقاليد والتراث غير المادي المتعدد والغني للمغرب. السعدية لها أيضا اهتمامات بمشاريع أخرى، فهي تعبئ جهودها وتخطط لتنظيم، في المستقبل القريب بأثينا، عرض للقفطان المغربي لتسليط الضوء على الزي التقليدي المغربي العالمي. وكشفت السعدية عن تطلعها الكبير لتحقيق هذا المشروع، الذي تبحث له عن التمويل الضروري بغية تنظيم دورته الأولى، مشيرة إلى أن هذا الحدث الثقافي والفني سيقدم للجمهور اليوناني عرض أزياء للقفطان المغربي ومهرجان لمختلف الأطباق المغربية. العمل الاجتماعي مجال يحظى كذلك باهتمام السعدية، ومن أجل ذلك تعمل جاهدة لتأسيس جمعية تحمل اسم "يدا في يد"، لتقديم يد العون لمغاربة اليونان الذين يحتاجون إلى المساعدة. وقالت: "تهدف جمعيتنا إلى تشجيع تعلم اللغة العربية، والتشبع بالثقافة المغربية، مع التركيز على فئة الشباب لتعزيز تمدرس الأطفال". أم لطفلين، تعي السعدية جيدا تحدي الحفاظ على التراث الثقافي، وواجب وضع هذا الإرث الثمين بين يدي شباب المهجر بغية تعزيز ارتباط الأجيال الصاعدة بوطنهم الأم والحفاظ على صلاتهم بالمغرب. *و.م.ع