استطاع الرئيس النيجيري محمد بخاري أن يفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية، متقدّماً بفارق شاسع يناهز خمسة ملايين صوت عن أقرب منافسيه، نائب الرئيس السابق عتيق أبو بكر؛ وهو الفوز الذي يُعزز علاقات الرباط وأبوجا وسط معارضة نيجيرية شديدة كانت تُعول على نتائج عكسية للوقوف ضد قرار انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو"، وعرقلة مشروع أنبوبِ الغاز الرّابط بين المغرب ونيجيريا. وتعززت العلاقات المغربية النيجيرية خلال فترة الرئيس النيجيري محمد بخاري بشكل غير مسبوق، توج بأضخم مشروع للغاز في القارة الإفريقية وبداية التقارب في ملف الصحراء وقضايا إقليمية أخرى. وقدم المغرب في الانتخابات الرئاسية النيجيرية الحالية دعما للرئيس بخاري من خلال الزاوية التيجانية في نيجيريا، المقربة من المملكة، وفق ما كشفته مصادر نيجيرية. كما سبق للملك محمد السادس أن دعم الرئيس النيجيري الحالي خلال رئاسيات 2015، وذلك عن طريق رفض العاهل المغربي إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان. الخبير في الشؤون الإفريقية الموساوي العجلاوي قال إن فوز بخاري بولاية ثانية يحصن فعلا العلاقات المغربية النيجيرية، ويمكن أن يدفع بها إلى مستويات جديدة من التألق على جميع المستويات، مشيرا إلى أن "هذا النجاح يعزز التحولات الكبيرة في منطقة غرب وشمال إفريقيا، وعنوانها الأبرز مشاريع الغاز". ويرى الباحث في معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، في تصريح لهسبريس، أن "ظفر الرئيس النيجيري بولاية جديدة وتوجهه نحو منطقة غرب إفريقيا من خلال منظومة "سيدياو"، وتعززيه لعلاقات أبوجا مع الرباط، يعززه معطى آخر يتعلق باكتشاف ملايير من أمتار الغاز على الحدود الموريتانية السنغالية". ويُشير العجلاوي إلى أن دور المغرب في هذه التحولات الإفريقية محوري ويتماشى مع بعده الإفريقي الجديد الذي يدعو إلى بناء منظومة اقتصادية متكاملة، خصوصا على مستوى مشاريع الغاز، مضيفا: "الغاز النيجيري أو الموريتاني السنغالي لا يُمكن أن يمر إلى أوروبا إلا عبر المملكة المغربية، دون أن ننسى الحديث عن اكتشافات غازية جديدة في بلادنا". "نحن اليوم أمام تحول جيوسياسي مبني أساسا على إنتاج الغاز ونموذج تكامل اقتصادي جديد بين الشمال والجنوب"، يورد الأكاديمي المغربي، معتبرا أن هذا التوجه ليس من مصلحة دولة الجزائر، خصوصا على مستوى مشروع أنبوب الغاز بين الجزائرونيجيريا، بالنظر إلى وجود أسباب مالية وأمنية تحول دون إخراجه إلى حيز الوجود. وبخصوص الصحراء المغربية ودور نيجيريا، أوضح العجلاوي أن تدبير هذا النزاع من داخل المشهد السياسي النيجيري المتناقض "ليس أمرا سهلا في ظل وجود لوبيات نقابية ودبلوماسية قوية مرتبطة بجنوب إفريقيا تلعب دورا كبيرا في النزاع الجزائري المغربي". وأضاف المصدر ذاته: "اللوبي النيجيري يقف ضد مصالح المغرب لأنه يخشى من قوة المملكة على مستوى الاختراق الاقتصادي في القارة السمراء؛ ولذلك لا أعتقد أن موقف نيجيريا من الصحراء سيشهد تغيرات كبيرة". يشار إلى أن مشروع أنبوبِ الغاز الرّابط بين المغرب ونيجيريا يتجه إلى التنزيل بشكلٍ رسمي بعد إعلان السلطات الحكومية النيجيرية انطلاق أشغال المرحلة الأولى التي تهمُّ التصميم الأولى والهندسي، ومن المرتقب أن تكتملَ خلال نهاية الربع الأول من سنة 2019. ويثيرُ هذا المشروع المرتقب أن يُكلف ما بين 15 و20 مليار دولار سجالاً إعلامياً كبيراً بعدما عبّرت الجزائر عن انزعاجها، خصوصا أنها كانت تسعى منذ عام 2002 إلى الفوز بصفقة الغاز النيجيري. غير أن إعلانَ السلطات الحكومية النيجيرية بدء أشغال المرحلة الأولى من المشروع جعلَ الأنظارَ تتجهُ مجدداً صوبَ هذا "الانتصار الدبلوماسي المغربي".