دور الشباب بالمغرب لها تعاريف واختصاصات وتدابير عدة، حيث تعتبر مؤسسات عمومية تربوية ثقافية واجتماعية تحتضن كل النشاطات الثقافية والرياضية، وتسعى إلى الاهتمام بالشباب والطفولة، وتخدم أنشطة الجمعيات التربوية والثقافية في إطار القوانين والأنظمة العامة العاملة على تسهيل عملية ترتيب التدبير الإداري وفق الإمكانيات والمؤهلات التكوينية على مستوى المديرين والمساعدين والمنشطين وكذا الجمعيات النشيطة بها. مؤسسات دور الشباب لها أدوار عدة للطفولة والشباب لاستثمار مؤهلاتهم وإبراز طاقاتهم وتمكينهم من خوض تجارب العمل الجماعي داخل فضاءاتها ومساعدتهم على التعبير عن أفكارهم، وخلق جو ملائم لتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف شرائح الشباب، هنا نتحدث عن دورها في تمكين الشباب لقيادة مجتمعاتهم وفك العديد من القضايا الاجتماعية بوجود شباب واع ومدرك لواجباته تجاه مجتمعه، قادر على المشاركة في صناعة القرار في مختلف المستويات. الاستراتيجيات الدولية لتمكين الشباب: اعترفت اليونسكو بضرورة تسيير ودعم مشاركة الشباب في ما يتعلق بإدارة الحكم ووضع البرامج وصنع السياسات ورصدها، إذن الشباب هم أصحاب المصلحة الأساسية في جميع جوانب التنمية. وبالتالي، فإن طاقاتهم ودوافعهم ورؤيتهم هي العوامل الأساسية للتغيير الاجتماعي الايجابي، وفي السنوات الأخيرة كان هناك اعتراف متزايد بأنه من الضروري وضع الشباب في صميم جدول أعمال التنمية. ومع ذلك مازال لدينا الكثير لنفعله إذا ما أردنا ضمان أن لا يكون الشباب فقط موضع اعتبار، ولكن أن تكون لديه فرصة أيضا للمشاركة كشريك على قدم المساواة في عملية صنع القرار والعمل على جميع المستويات. نستحضر هنا تأكيد الأممالمتحدة دائما وأبدا أهمية تمكين الشباب حول العالم وإتاحة الفرصة له للعب دور حيوي في منع نشوب الصراعات وضمان السلام المستدام حول العالم. مجالات تمكين الشباب عدة؛ منها: التعليم، التدريب وبناء القدرات، التشغيل، الصحة، الاندماج الاجتماعي والثقافي، سياسات الشباب، وحقوق الشباب. اليوم وأمام تنصيص الدستور الجديد على حقوق الشباب والطفولة وإقرار الآليات المؤسساتية لبلورة هذه الحقوق في إطار مجلس وطني للشباب والعمل الجمعوي، ومجلس وطني للأسرة والطفولة، وهو اعتراف صريح بأهمية الاستراتيجية لهذه الشريحة الأساسية التي تيسر الولوج الفعلي لمشاركة الشباب في اتخاذ القرار وتوجهها ديمقراطيا، يروم تقوية العمل الجمعوي والشبابي والتربوي كشريك أساسي في العملية التنموية في جميع أبعادها ومستوياتها (الفصول 12، 13، 33) (توسع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية والسياسية للبلاد)، 139،170). أهمية وأهداف دور الشباب: فضاءات الطفولة والشباب، وعلى رأسها مؤسسة دار الشباب، لها أهمية كبرى، لما لها من وظائف على مستوى التأطير والتأهيل حيث ساهمت في إنتاج نخب فكرية وفنية وسياسية راكمت تجارب تربوية، فنية وثقافية، كل ذلك مكن أولا من إثارة الانتباه إلى دافع هذه الفضاءات وطبيعتها، ثانيا إبراز أهمية مؤسسة دار الشباب كفضاء حيوي وضروري تتطلب إعادة المقاربة وتجديد الرؤية لتساير التحولات الراهنة والمستقبلية. ومن أهداف مؤسسات دور الشباب تبعا للدور الذي تقوم به لفائدة الشباب والطفولة والجمعيات النشيطة بها ثم الوسط الاجتماعي عبر مجالات عدة: 1. تقوية قدرات الشباب وتكوينهم: بهدف إعداد كفاءات قادرة على تحمل المسؤولية وضمان استمرارية الأنشطة بالمؤسسة. 2. مجال التربية على حقوق الإنسان: عن طريق نشر ثقافة حقوق الإنسان وسط شباب المدينة، عبر إنجاز برامج تحسيسية الهدف منها المساهمة في توسيع المعرفة بالمنظومة الحقوقية. 3. مجال المواطنة والتنشيط بالمؤسسة: باعتبارها فضاء للحوار وتبادل الخبرات والانفتاح على تجارب أخرى على المستوى الجهوي، الوطني والدولي. 4. مجال المرافعة: وهو المجال الاستراتيجي المهم لترجمة مطالب الشباب بالمدينة إلى توصيات ومقترحات يتم تقديمها إلى الجهات المعنية من أجل تفعيلها وذلك عن طريق اعتماد آلية الترافع بكل مستوياتها. استراتيجيات التدبير: لتحقيق هذه الأهداف بالتدبير المحكم للبرامج وصياغتها وتسييرها المعقلن، مما يضمن إمكانية التفعيل والإنجاز والاستمرارية في إطار طبيعة قدرات دور الشباب البشرية والمادية، وتعتمد استراتيجية التدبير على: 1. التخطيط للمدى القريب والبعيد: بتجديد الأهداف ووضع برمجة الإنجاز والتحقيق عبر تحديد القضايا المطروحة والحاجات الملحة، تحديد الفاعلين والمستفيدين، تحديد المؤشرات والمسؤوليات. 2. مرحلة الأجرأة: عبر التنظيم والهيكلة وتوزيع الأدوار والمهام والموارد البشرية والمالية. 3. مرحلة مواكبة التدبير: وتكون أثناء الإنجاز (التنفيذ) للتأكد من تطابق العمليات وتناسقها في اتجاه الأهداف والغايات. 4. مرحلة التتبع والتقييم: باعتبارها لحظات التفكير والتمعن في مراحل إنجاز وتحقيق النتائج وبلوغ الأهداف المتوخاة منها. الصعوبات وآفاق مؤسسات دور الشباب: تواجه مؤسسات دور الشباب صعوبات مثلها مثل جميع القطاعات الأخرى في شتى المجالات، وتنقسم إلى قسمين: أولها مرتبطة بالنظام الداخلي المؤسساتي والتدبيري، وترتكز أساسا على الاختلاف حول تدبير وأجرأة وقيادة البرامج. القسم الثاني مرتبط بالمحيط، وذلك بعزوف الشباب عن الانخراط بدور الشباب، وعدم الإيمان بها كمؤسسة تربوية. وارتباطا بكل ما سبق ذكره، نجد أن مؤسسات دور الشباب، إن اعتمدت على الآليات والاستراتيجيات سالفة الذكر، ستشتغل بنوع من الاحترافية من خلال تطوير معارف ومهارات الشباب في مجال العمل المدني، وستكون فرصة كذلك أمام الجمعيات المحتضنة لها وكذا الديناميات الشبابية قصد الدفاع عن استحضار المقاربات التنموية في تدبير السياسات العمومية المحلية، باستثمار مقاربة النوع، وقوة الاعتماد على المقاربة التشاركية عبر التشاور والاستماع للرأي الآخر والمشاركة الفعالة في اتخاذ القرار الجماعي وتجسيد قيم المواطنة، ثم لا ننسى الاهتمام الكبير للشباب بالجانب الإعلامي والتواصلي، ولا سيما الوسائل الجديدة في التواصل، للدفاع عن حق الشباب في الاستفادة من الخدمات الاجتماعية التي تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية. ختاما لا يسعني إلا أن أختم مقالي بسؤالين أساسيين حول مؤسسة دور الشباب ودورها في الإدماج الاجتماعي للشباب: أليس من الضروري تمكين هذه المؤسسة من اعتمادات خاصة تمكنها من الاستقلالية في التدبير والتسيير والتوفر على عنصر بشري كفء ومؤهل وإرساء تدبير تشاركي؟ كيف نتصور مستقبل هذه المؤسسة وأدوارها ودرجة مساهمتها في ترسيخ الجيل الثالث من الحقوق في بعدها الثقافي، الاجتماعي، اللغوي والبيئي؟ * باحثة في القانون الدولي وحقوق الإنسان فاعلة جمعوية