قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن المغرب يعيش "مرحلة رمادية" في مجال الإصلاح السياسي، أدّت إلى ضعف الأحزاب السياسية وتدهور قدرتها على لعب دور الوساطة بين الحكم والمجتمع، وفقدان المواطنات والمواطنين الثقة في العمل السياسي. وتفادى بركة تحميل النظام السياسي مسؤولية إضعاف الأحزاب السياسية، وقال، جوابا على سؤال حول وجود جهات تتحكم في الأحزاب طُرح عليه في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، اليوم الخميس، إن "الإشكال الحقيقي ليس هو معرفة مَن المسؤول عن هذا الوضع، بل ماذا يجب أن نفعل لتجاوُزه". وأضاف: "ليست هناك أياد خفية تتحكم في الأحزاب. كل ما في الأمر هو أن بعض الأحزاب تسعى إلى البقاء في نطاق الثنائية والقطبية المصطنعة، عبر التراشق بالكلام في قضايا هامشية، جاريةً خلف أهداف انتخابية محْضة، في حين يغيب النقاش حول المشاريع المجتمعية الكبرى، وتطوير بُعد النضال وتقديم مشروع فكري جديد". الأمين العام لحزب الاستقلال أبْدى امتعاضه من التقاطب السائد حاليا في المشهد السياسي المغربي، بين حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار، دون أن يذكرهما بالاسم، قائلا: "ثمة حاجة إلى تطور سياسي، عبر تجاوز بعض الإشكاليات، مثل القطبية المصطنعة التي ليست نتاج صيرورة مجتمعية". ودعا بركة الأحزاب السياسية المغربية إلى ممارسة النقد الذاتي من أجل إعادة الاعتبار إلى الشأن السياسي، محذرا من أن يؤدي استمرار عدم قيام الأحزاب السياسية بدورها المجتمعي إلى "تعاظم الشك في نفوس المواطنات والمواطنين، والشك في القدرة على بناء المستقبل وحل الإشكاليات التي يتخبط فيها المجتمع". وحمّل الأمين العام لحزب الاستقلال مسؤولية "الوضع الاجتماعي المتأزم" الذي يشهده المغرب، كما جاء على لسانه، إلى الحكومة، متهما إياها ب"الاشتغال ببطء وإهدار زمن الإصلاح بقوة، ما يجعل المواطنين لا يرون أي تفاعل للحكومة لتجاوز الأزمة الحالية ولا يستشعرون جدوى عملها". بركة حمّل الحكومة الحالية أيضا مسؤولية "تغذية الأزمة المجتمعية والشكّ في صفوف المواطنين، وخاصة الشباب، بسبب سياسية اللا إنصات واللا استباقية واللا حوار، وعدم قدرتها على تقليص نسبة البطالة المتفشية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وفشل المدرسة في النهوض بدورها في أن تكون رافعة للرقي الاجتماعي". وهاجم رئيسَ الحكومة، سعد الدين العثماني، بشكل غير مباشر؛ إذ عاد إلى التصريحات التي أدلى بها العثماني يوم الثلاثاء الماضي في مجلس المستشارين، والتي طمأن فيها الرأي العام بأن "الوضع في المغرب مُفرح ولا يوجد هناك يأس ولا إحباط". وقال بركة في رده على العثماني: "الحكومة رجعت إلى سياسة العام زين، عبر ترويج خطابات من قبيل أن المغاربة لا يحسون بالإحباط واليأس، وأن كل شيء على ما يرام"، مضيفا: "هل هذا خطاب مسؤول، وهل بهذه الطريقة يمكن استرجاع ثقة المواطنين في العمل السياسي؟". وواصل الأمين العام لحزب "الاستقلال" هجومه على الحكومة محمّلا إياها مسؤولية تدهور وضعية الطبقة المتوسطة، لعدم استثمارها للأموال التي وفّرتها من إصلاح صندوق المقاصة، والتي بلغت عشرين مليار درهم، دون أن يكون لها أثر على الطبقة المتوسطة التي يُقتطع جزء كبير من الدعم المخصص لصندوق المقاصة من مداخيلها، كما أن الأموال التي وفرتها الحكومة من إصلاح صندوق المقاصة، يضيف بركة، لم يكن لها أثر كبير على الفئات الهشة. وبخصوص الحوار الاجتماعي، حمّل بركة مسؤولية تعثره كذلك إلى الحكومة، قائلا إن الحكومة كان بإمكانها أن ترفع أجور الموظفين بمئتي درهم مباشرة، ثم تتفاوض بعد ذلك مع المركزيات النقابية في أفق التوصل إلى اتفاق حول زيادة معينة في الأجور، ذاهبا إلى القول إن "الحكومة تعاملت مع الموظفين بمنطق عقابي".