بعيدا عن المواضيع السياسية والاجتماعية قررت اليوم أن أتطرق لقضية آلمتني كثيرا وخاصة عندما تفتت أمامي هرم شامخ على الأرض وأصبح بركة موحلة تحيط بها القذارة من كل جانب ... "" تأسفت كثيرا لشخصية نجيب محفوظ التي كثيرا ما تفاخرنا بأنه منا ونحن منه ، كاتب كبير عربي مسلم ترجمت له العديد من رواياته إلى لغات أجنبية كالفرنسية والإنجليزية . أعجبت بأفكاره في رواياته العديدة كمصر القديمة، همس الجنون ، خان الخليلي، بداية ونهاية، قصر الشوق وغيرهم من الروايات. إلا أن روايته )أولاد حارتنا( كانت حالة خاصة ،فقد تمت مصادرتها ووقف نشرها من طرف لجنة مكونة من مشايخ الأزهر من جهة ومن جهة أخرى نالت جائزة نوبل سنة 1988. تناقض كبير ما بين أن تمنع رواية من النشر وفي نفس الوقت تنال أحسن جائزة عالمية . دفعني فضولي أن أبحت عن هذه الرواية ،ومما أجج حماسي هو تعرض الكاتب ،بسببها، لطعنة سكين من طرف من اعتبره ملحدا لابد من قتله . قرأت صفحاتها 364 وكنت أتوقف ما بين الصفحة والأخرى، لأستغفر لهذا الملحد الذي أخذ القرآن الكريم بما فيه من قصص أنبياء ليجسدهم في أشخاص عاديين بل تجرأ على الله عز وجل وجسده في شخصية سماها الجبلاوي. وملخص الرواية أن الجبلاوي ،وهو رب أسرة يعيش رخاءا ويسرا،في بيته المحاط بسور عالي يمتد على مساحة واسعة نصفها الغربي عبارة عن حديقة ما رأت العين أجملها ،يجمع أبناؤه ببهو المنزل ويزف ليهم خبر تكليف ابنه الصغير أدهم (وهذا الاسم واضح المعنى إذا أزلنا حرف الهاء الزائد للتمويه) ليدير الوقف لكون أدهم على دراية بطباع المستأجرين ويعرف أكتر أسمائهم . جميع الإخوة تقبلوا الخبر بصدر رحب إلا إدريس الذي رفض القرار بشدة وأظهر جحودا وعقوقا للجبلاوي فتم طرده من المنزل . يعيش أدهم مقسما حياته بين إدارة الوقف والجلوس في الحديقة يمتع عينه بسحرها الغلاب والعزف على الناي. )إلى أن وقف يوما ينظر إلى ظله الملقى على الممشى بين الورود ،فادا بظل جديد يمتد من ظله وأشياء بقدوم شخص من المنعطف خلفه ،بدأ الظل الجديد كأنما يخرج من موضع ضلوعه ،والتفت وراءه فرأى فتاة سمراء وهي تهم بالتراجع.....( صفحة 10 كان الظل لأميمة أبنة أحد أقاربه الدين يسكنون بالبيت ،يحبها أدهم ويتزوجها ويعيشان في سعادة ..... إلا أن إدريس يتقرب منه في إحدى المرات وهو خارج الدار، ويطلب منه مستعطفا أن يفتح أحد الصناديق، المحرم على الجميع رؤية ما بداخله ،ويستطلع من أوراق الجبلاوي عن الوصية حتى يستكشف له إذا كان أبوه قد خصه بميراث أو حرمه. يتردد أدهم كثيرا في دخول محراب أبيه وفتح الصندوق ،إلا أن أميمة زوجته تشجعه على القيام بذلك ،هدفها الإطلاع على ما في الوصية حتى تطمأن هي الأخرى على مستقبلهما بعد وفاة الأب. يكتشف أمر أدهم وهو داخل المحراب ويتم طرده وزوجه خارج الدار وينصبان كوخ في الخلاء قرب البيت الكبير طامعين أن يغفر لهما الجبلاوي ويعيدهما . فيجاوران كوخ إدريس الذي رقص فرحا وهو يرى أدهم وزوجته يطردان من النعيم . يشتغل أدهم بائع خضر على عربة متنقلة ،فتقصى عليه الظروف وهو الذي تعود على حياة الرخاء ،فيوجه كلامه إلى الجبلاوي في صمت. ) لمادا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة ؟لمادا كانت كبرياؤك أحب إليك من لحمك ودمك ؟وكيف تنعم بالحياة الرغيدة وأنت تعلم أننا نداس بالأقدام كالحشرات ؟والعفو واللين والتسامح ما شأنها في بيتك الكبير أيها الجبار؟ ( صفحة 193 تمر الأيام وتلد أميمة طفلين قدري وهمام وينشأن على تربية الأغنام إلى أن يقتل قدري أخوه ويدفنه غيرة على ابنة عمه إدريس..... ويستمر نجيب في تجسيد شخصيات عديدة،و إعطائها أسماء،أصغر طفل يستطيع أن يفهم لمن ترمز... كجبل الذي عاصر نفس الظروف التي عاصرها نبي الله موسى ، ولقاءه مع جده الجبلاوي الذي أمره بمواجهة الأفندي (فرعون) وتحرير أبناء حارته من الظلم. لينتقل بعده إلى قصة رفاعة والتي تتطابق مع قصة سيدنا عيسى عليه السلام وقاسم مع خاتم النبيين . وما استفزني كثيرا قول الكاتب نجيب محفوظ في افتتاحيته: )إن الذين حاولا قتلي فسروا الرواية حسب هواهم الشخصي ثم قرروا طبقا لهذا التفسير إنني مرتدا يجب إباحة دمه دون محاكمة ( . لا يمكن لأحد أن يخفي الشمس بالغربال ...فالكاتب حول أشرف خلق الله وأسماهم إلى صعاليك وفتوات . بصفة عامة الرواية تحريف للقرأن من الجلدة إلى الجلدة مع إدخال كلمات نابية وسفيهة ، ومجملها نسخا شبه مطابق لقصة الخلق والأنبياء ،كما سبق ذكره، تتعرض بشكل واضح للذات الالهيه في صورة بطل الرواية الجبلاوي الذي عاصر حياة جميع أحفاده . ليس صدفة ولكن عمدا والدليل ما ذكر على لسان مؤلف الرواية وهو طريح الفراش بعد محاولة اغتياله إذ سألته الممرضة عن حالته الصحية فداعبها قائلا: "يظهر أن الجبلاوي راض علي". دخل نجيب محفوظ إلى دائرة الإلحاد في أرذل عمره وقبل وفاته بقليل ،وحصل على أكبر جائزة يطمع كل كاتب الفوز بها . والثابت حاليا أن كل كاتب يرغب في الدخول إلى التاريخ بالفوز بجائزة نوبل إلا البحت في كل ما هو ديني وتحريفه حسب هواه وبشكل يرضي إسرائيل ،فبالتأكيد سينالها لما للصهيونية العالمية من نفوذ على الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة حتى تشجع الكتاب العرب على مزيد من التساقطات في دوائر الإلحاد . هدفي من هذا المقال ليس النبش في ذكريات الأموات ،ولكن تحديد الأسباب التي من أجلها يعطف علينا الكيان الصهيوني ويمنحنا جوائز مثل جائزة نوبل ليس لسواد عيوننا أو لعبقريتنا ولكن لما سبق ذكره. وكما أن هناك أعمال تبقى خالدة شاهدة على عبقرية الكتاب و إبداعاتهم هناك أعمال تضل هي الأخرى شاهدة على جرائمهم في حق الدين وفي حق الإنسانية. و إذا كانت كل الأموات تذكر بخير ،فحالة نجيب محفوظ استثناء وحالة شاذة لا فرق بينه وبين السفاح شارون. يوسف كرمي انتظروا مني مقالات أخرى