قال الكاتب الأكاديمي عبد الفتاح كيليطو إن أهم شيء في النسخة الفرنسية من كتابه "أبو العلاء المعري أو متاهات القول" هو عنوانه "فستق أبي العلاء المعري". وأضاف كيليطو، في لقاء برواق المعهد الفرنسي بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، إن تسمية كتابه ترجع إلى إرسال الشاعر المعريّ فستقا كان يدّعي بأنه فارغ، رغم أنه من غير الممكن معرفة فراغه أو امتلائه دون كسره، فضلا عن شهرة معرّة، مكان سكن المعرّي، بجودة فستقها، مرجّحا أن يكون الفستق المرسَل مملوءا. ويرى كيليطو أن المعري قد يكون بادعائه إرسال فستق فارغ يُظهر بأنه يعطي أشياء دون انتظار شيء في المقابل، مشيرا في هذا السياق إلى الرعب الذي يتملكك حين تكون مدينا للآخر، خصوصا في وضعية المعرّي، الذي كان له دين عند أبيه لا يمكنه رده، وهو الدّين الذي دفعه، ربما، إلى عدم الزواج وعدم الإنجاب واعتباره في شعره أن أباه ارتكب جريمة بمنحه الحياة. فراغ أو امتلاء "فستق المعري" قد تكون له دلالة على الحياة، حسب الأكاديمي المغربي الذي درّس بجامعات المغرب وفرنسا والولايات المتّحدة الأمريكية، ودلالة على عدم معرفة ما تخبّئه من امتلاء وخواء، مبينا أن "بناء هذا الكتاب تم من هنا حول فستق المعري". ويرى صاحب "أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية" أن دانتي كان له تأثير على أبي علاء المعري، رغم أن هذا الأخير عاش قبله بثلاثة قرون، موضّحا أنه بفضل دانتي يُقرأ المعرّي اليوم، أي منذ تحدّث مستعرب إسباني عن الأصول العربية لكتاب "الكوميديا الإلهية"، مثلما حدث مع "ألف ليلة وليلة"، وهو الحديث الذي "أعجب العرب لأنّ عليهم دَيْناً". تأثير كوميديا دانتي الإلهية على قراءة "رسالة الغفران" للمعري يرافقه أيضا تأثير للرسالة على "الكوميديا الإلهية" لأن القرّاء والمثقّفين العرب يهتمون بدانتي وكوميدياه بفضلها، رغم أنه ليست هناك وثيقة تثبت تأثّر دانتي بها أو تثبت ترجمة "رسالة الغفران" في ذلك الوقت إلى أي لغة أوروبية. وحسب كاتب "لن تتكلّم لغتي"، فإن أكبر أديب عربي هو الحريري الذي ينتظر أنتوان غالون خاصًّا به حتى يلقى جمهوره، مثلما فعل غالون (غالان) في بداية القرن الثامن عشر مع "ألف ليلة وليلة" لتلقى مجدها عند الأوروبيين، وتلقى اهتمام العرب بالتالي. مقامات الحريري، التي لقيت شهرة أكثر من مقامات الهمذاني في وقت من الأوقات، لم يلتق كيليطو في يوم من الأيام من قرأها، واستطرد مازحا في هذا السياق: "الحريري أكبر أديب عربي كتب مقاماته لي"، مضيفا أن "نسيان الأدب الكلاسيكي العربي خطأ الأدب الأوروبي مسرحا ورواية". عبد الفتاح كيليطو الذي يؤمن بأن توقّفه عن الحكي يعني سقوط الكتاب من يد قارئه، يرى أن الكتاب لن يعوَّض أبدا، على الأقل في القرن الحالي، مفسّرا قناعته بكون "الكتاب الأدبي سيستمر بطريقة قراءتنا؛ فمن له عادة قراءة الكتاب من المستحيل أن يبدّله حتى لو كان متوفرا بصيغة رقمية".