تمكن الفنان والناقد المغربي المعروف إبراهيم الحيسن من إصدار كتاب حول: "الكاريكاتير في المغرب.. سخرية على محك الممنوع"، عن منشورات أصدقاء الطانطان، وبدعم من وزارة الثقافة، بعد أن غاص المؤلف من قبل في دروب شتى، تناولت مختلف قضايا الفن التشكيلي المغربي، ليصل أخيرا إلى قارة ظلت مجهولة في خريطة النقد الفني المغربي، ما جعلها تبقى مدثرة بطبقات من الظلال الوارفة. وبهذا الكتاب يكون الحيسن أول ناقد مغربي يطرق مجالا ظل مستعصيا على الدارسين، ونقاد الفن، بسبب جدته، وصعوبة تناوله، لارتباطه المباشر بحقول مختلفة ومتشعبة، تتوزع بين التشكيل والصحافة والصورة، وأيضا لغياب المصادر الداعمة، ما يجعل من كتاب الحيسن حدثا فنيا وثقافيا في حد ذاته. قام إبراهيم الحيسن في هذا الكتاب برصد التجربة المغربية في رسم الكاريكاتير منذ نشأتها الأولى، مرورا بما خطته أنامل مختلف الأجيال المتعاقبة، متوقفا عند المنابر والصحافيين الذين دعموا مسيرة الكاريكاتير المغربي، فيكاد لا يترك اسما من الأسماء التي لها علاقة بموضوع الكاريكاتير دون أن يتوقف عنده، مسلطا الضوء على تجارب ما قبل الاستقلال، مثل الفنان ميسة الذي أصدر منبرا يهتم بالكاريكاتير إبان الفترة الاستعمارية، وهو الاسم الذي طواه النسيان تماما، لولا هذه الالتفاتة من الحيسن. ويشمل الكتاب أيضا مرحلة ما بعد الاستقلال، التي عرفت حركية كرتونية لافتة، بسبب تأسيس بعض المنابر المهتمة بهذا الفن، استطاعت استقطاب بعض المواهب، مثل "أخبار الدنيا" لصاحبها مصطفى العلوي، و"الموقف" لخالد مشبال، و"أخبار السوق والتقشاب"، واللائحة طويلة؛ وقد رسمت فيها العديد من الأسماء البارزة، منها إبراهيم لمهادي والعربي الصبان وعباد وعبدالسلام الشنتوف، وشقور التطواني وحميد البوهالي ومحمد عليوات ومحمد الفيلالي وغيرهم كثير..متوقفا عندالعربي بلقاضي، الذي نال إعجاب الراحل علال الفاسي، وخصه بتنويه خاص في لقاء عابر قائلا له: إننا نفتخر بك. وتناول الكتاب مختلف الصعوبات والعوائق التي تمترست في وجه الرسم الساخر بالمغرب، خصوصا تلك المرتبطة بالهاجس الأمني الذي لم يسلم الكاريكاتير منه إبان ما اصطلح على تسميته بسنوات الرصاص.. وتكمن أهمية كتاب الحيسن في جرده واحتوائه جل ما يتعلق بالكاريكاتير المغربي، الأمر الذي جعل منه مصدرا لا غنى عنه للدارسين والباحثين وللفنانين المزاولين، ولكل مهتم بعوالم الصورة وتاريخ الصحافة بالمغرب. ونورد هنا مقتطفا من التقديم الذي خص به الصحافي بوشعيب الضبار الكتاب قائلا: "لقد جاء هذا الكتاب في توقيته تماما، بعد أن أصبح من اللافت للانتباه ما يسجله الرسم الصحافي الساخر، في السنين الأخيرة، من حضور متزايد في الصحافة المغربية، مكتوبة وإلكترونية، وفي مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يعني في ما يعنيه أن هناك وعيا بأهمية هذا الفن الذي استطاع أن يفرض نفسه من خلال تفجيره مجموعة من الملفات المسكوت عنها، عبر تنوع التجارب، وتعدد التعبيرات والأنماط والأساليب الفنية".