في طريقك إلى جماعة مزوضة القروية ذات الهوية الأمازيغية، عليك أن تقطع من مراكش 70 كيلومترا في اتجاه مدينة إمنتانوت الجبلية التابعة لشيشاوة، لتطل عليك دواوير معلقة بجبال الأطلس الكبير، تعاني التهميش وتشكو الهشاشة، "بإقليم يوجد خارج خريطة بصمات مخططات الحكومة الوطنية والجهوية للتنمية"؛ كما قال بمرارة أهالي دواوير "المعادير" و"تحلوين" و"أكرنعلا" و"لعوينة" وغيرها، في تصريحات لهسبريس. بعد كيلومترين من مركز الجماعة، انعطفت السيارة التي تقل مراسل هسبريس نحو مدخل يؤدي إلى هذه الدواوير عبر طريق ضيق، يفرض وضعه على سائقين متقابلين تخفيض السرعة والخروج منه، بالنزول من مرتفع يقدر ب20 سنتمترا، لأن جانبيه تآكلا، وحالته متردية بفعل عاديات الدهر وضغط السير والجولان، لأنه يشكل منفذا ضروريا لتجمعات سكانية عدة، يقوم اقتصادها على الفلاحة المعيشية والفخار. مولاي الحسن أثنان، رئيس جمعية المعادير للتنمية والتعاون، قال لهسبريس: "نعاني من الإقصاء والتهميش بدوار يضم 100 كانون، وكل خيمة تضم ما بين أربعة وستة أفراد؛ ورغم ذلك فمدشرنا يشكو من غياب الإنارة العمومية، وعدم ربط المنازل بالكهرباء. أما عن الطريق فحدث ولا حرج". "حالة الطريق الرابطة بين سبت أمزوضة وزاوية سيدي أحماد أعلي تدهورت ولم تعد صالحة لمرور السيارات من كثرة استعمالها، ونتيجة ما خلفته الفيضانات التي شهدتها المنطقة"، تقول رسالة وجهتها جمعية المعادير للتنمية والتعاون إلى رئيس جماعة مزوضة. وتابع الفاعل الجمعوي ذاته: "المدرسة مهددة بالسقوط، فأسقف القسمين بها تشققات. ويتحول المكان إلى "ضاية" خلال فصل الشتاء، كما تلتهب أجساد التلميذات والتلاميذ بالحرارة صيفا"، مشيرا إلى أن "التلاميذ يعانون من خصاص مهول في النقل المدرسي، من المركز إلى الزاوية، لأن مركبة واحدة لا تكفي لعدة دواوير تعج بها هذه المنطقة"، وزاد أن بعض المتمدرسين يقطعون حوالي كيلومترا مشيا على الأقدام ليصلوا إلى منازلهم. وأورد أثنان: "بعد سنوات عجاف عاشتها المنطقة، وحرمت إثرها من مشاريع تنموية، من شأنها أن تكون بمثابة انطلاقة حقيقية لقاطرة التنمية التي لم تسجل لها أي محطة بهذه الجماعة، لازلنا نطرق باب الجماعة من أجل حقوق يضمنها لنا الدستور، دون جدوى". أما إيدار حفار، وهو من دوار لعوينة، فأشار خلال اللقاء الذي جمع هسبريس بالسكان إلى تهديد واد سيدي يوسف للقاطنين بعدة دواوير، ما يفرض التدخل العاجل لبناء حاجز للحد من فيضانه، كما طرح مشكل المركز الصحي، كمؤسسة صحية المنطقة في حاجة ماسة إليها، كما هي في حاجة إلى إصلاح الساقية التي تعتمد لسقي المزارع الفلاحية، التي تشكل مصدر عيش السكان، حتى يتم ضمان الحفاظ على الماء. "منطقتنا تعاني من الخصاص في كل شيء، فنحن في حاجة إلى مركز للدرك الملكي، لأن المركز الوحيد يدبر منطقة شاسعة تبدأ من أيت أيمور إلى وادي لالة عزيزة، وعدد عناصر الدرك به لا يكفي لتغطية كل هذا المجال، ما ساهم في انتشار الإجرام. ونساؤنا في حاجة ماسة إلى دار للولادة؛ أما المركز الصحي فيفتقر إلى الوسائل الطبية"، يحكي عبد الله أوبيهي بنبرة تنم عن الحسرة. جماعة فقيرة أحمد أهروش، رئيس جماعة مزوضة، أوضح لهسبريس أن "ميزانية هذه الجماعة القروية لا تكفي حتى للتسيير، فما بالك بالتجهيز والتنمية"، مضيفا: "لا نملك الوسائل والتجهيزات للتدخل لإصلاح المسالك والطرق، فكل ذلك يتم بمساعدة المجلس الإقليمي والسلطة الإقليمية". "بفضل تدخل المجلس الإقليمي وعمالة الإقليم تمكنا من إصلاح المسالك والطرق ذات الأولوية، كطريق دوار "إعز أزكارن"، و"بوزوكاندورا" و"وتوريت أيت لنهال" و"المرابطين"، وكلها تكلفت الجماعة بإنجاز دراساتها، وتوفير غلاف مالي يقدر ب80 مليون سنتيم..أما القناطر فقد خصص لها المجلس نفسه حظها من تدخلاته"، يقول الرئيس المذكور، مضيفا: "بشراكة مع المجلس الإقليمي وجمعية مدنية وطنية تهتم بالقناطر، سنقوم بإصلاح قنطرة ديوزوكا بغلاف مالي يقدر ب46 مليون سنتيم، من أجل فك العزلة عن 12 دوارا. أما قنطرة دوار أيت احساين (200 كانون) فيتم إنجازها بتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بميزانية تبلغ 60 مليون سنتيم". "وبخصوص الطريق التي يشكو منها دوارا المعادير والزاوية، فهي لا تدخل في اختصاص الجماعة، والأمر نفسه بالنسبة للساقية والقسمين التعليميين"، يؤكد أهروش، الذي أوضح أن المجلس القروي لمزوضة وفر سيارة لنقل تلاميذ المستوى الإعدادي بدوار أيت احساين إلى الثانوية الإعدادية بالمركز؛ فيما تعود تلك التي خصصت للتلاميذ الذين يدرسون بالتعليم الثانوي التأهيلي بمجاط إلى المجلس الإقليمي الذي من مسؤوليته تدبير هذا النوع من النقل. توزيع عادل "رقعت إقليمنا شاسعة وفقره مدقع بسبب تهميشه لفترة طويلة"، يقول سعيد المهاجري، رئيس المجلس الإقليمي، الذي أوضح لهسبريس أن "برنامج تنمية هذا الإقليم يأخذ بعين الاعتبار تلبية حاجيات جماعات عدة"، ثم أشار إلى أن اتفاقية وقعت أخيرا مع الجماعة الترابية مزوضة، لإنجاز قنطرتين، مضيفا: "في حالة توفر دعم INDH سنجهز تسع قناطر لفك العزلة عن ساكنة الدواوير التي تشكل 90% من مجالنا الجغرافي". للوقوف على حقيقة الطريق السابق ذكرها، ربطت هسبريس الاتصال بمصطفى تافسوت، المدير الإقليمي لوزارة التجهيز، الذي أوضح أن هذه الإدارة قامت بإصلاح عدة طرق، منها الطريق الرابطة بين سبت مزوضة والزاوية، في البرنامج الوطني الثاني للطرق القروية، الذي انطلق سنة 2005، وزاد: "بعد ذلك أضحت من صلاحية الجماعات المحلية، وفق اتفاقية موقعة عنها، وبناء عليه فمسؤولية هذه الطريق تقع على عاتق جماعة مزوضة". وأورد تافسوت أن المديرية الإقليمية وضعت مخططا لإصلاح مجموعة من المنشآت الفنية والطرقية على مستوى دائرة مجاط، بتنسيق مع INDH، وفق برنامج يتأسس على الأولوية، كالطريق الرابطة بين الطريق الجهوية 212 ودوار أكدال، وقنطرة بوابوض على مستوى الطريق الجهوية 214 الرابطة بين الطريق الوطنية 11 وإقليم الصويرة، وأوراش تنموية أخرى بالإقليم، لفك العزلة عن عدة دواوير بالمنطقة. أما المدير الإقليمي للفلاحة بشيشاوة، طارق تويمي، فقال لهسبريس إن المتضررين لم يقدموا لإدارته التي تولى مسؤوليتها منذ 2015 أي طلب بخصوص الساقية المذكورة، موردا أن "إصلاح السواقي بالمنطقة انطلق سنة 2013"، ومضيفا: "إذا تقدم سكان المنطقة بأي طلب فسيقوم فريق من المديرية بخرجة ميدانية للوقوف على حاجياتهم، وحينها سيدرس ملفهم، من أجل إدراجه في برنامج السنة المقبل".