نائب أمريكي يشيد بالشراكة مع المغرب ويجدد دعمه لمغربية الصحراء    بركان يبلغ نصف نهائي "الكونفدرالية"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    الCNSS يباشر تحقيقا داخليا لتحديد طريقة اختراق وتسريب بياناته محذرا من إعادة نشرها    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والمكتب الوطني للسياحة يوقعان اتفاقية "المغرب أرض كرة القدم"    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعترف بتعرضه للهجوم السيبراني    في خطوة تصعيدية فورية.. ترامب يرفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%    هجوم سيبراني على CNSS يفضح هشاشة نظام أمني أنفقت عليه 480 مليونا خلال سنة واحدة    لقجع: تنظيم كأس العالم يعزز التنمية    نتيجة كبيرة لبرشلونة أمام دورتموند في دوري الأبطال    توقيف أربعة أشخاص بعد انتشار فيديو يظهر تبادلاً للعنف داخل مقهى    الطقس غداً الخميس.. تساقطات مطرية ورياح قوية مرتقبة    الحسيمة: الدرك يحبط محاولة تهريب دولي للمخدرات    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    المغاربة ينتظرون انخفاض أسعار المحروقات وسط تراجع النفط عالميا    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    العواصف تُلغي رحلات بحرية بين طنجة وطريفة    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    مكناس.. البواري يزور ورش تهيئة موقع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    في مناظرة «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟» بمؤسسة HEM    تقرير: المغرب مُهدد بفوات قطار الذكاء الاصطناعي بسبب غياب النصوص التشريعية    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    في قلب العاصفة: قراءة في ديناميكيات إقليمية متصاعدة وتداعياتها    الصحراء المغربية: دعم دولي وارتباك جزائري    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    السعودية توقف آلاف المخالفين وتشدد إجراءات الدخول تمهيدا للحج    أخبار الساحة    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرة الجماعية للشباب المغربي
نشر في هسبريس يوم 04 - 02 - 2019

يبدو أن التحديات التي تطرحها الهجرة الجماعية للشباب إلى العالم الافتراضي في أفق التحول من مجتمع التواصل إلى مجتمع الاتصال والمكاشفة قد أثرت على دور محاضن التنشئة (الأسرة والمدرسة والحزب والجمعية والنقابة ...) بالنظر إلى توغل بنيات وسلوكات موازية من قبيل التجمعات الافتراضية والهويات التعويضية والغرائبية الثقافية والانهزامية الهوياتية والحريك العلني والانتحار والتشرميل والعنف الجنسي والانعزالية ("العميقين ") ... في خضم تراجع مقولة مجتمع المعرفة كمنظومة تؤطر القيم والسلوكات وتحتضن المشاريع العامة للشباب. لهذا يشهد المغرب حاليا نزوحا من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي مع التزايد المطرد لرواد الشبكات الاجتماعية، وهو ما ساهم في أن تتحول كثير من الأفعال التي كانت فردية ومنعزلة في السابق إلى جماعية اليوم. كما أن سبب الهجرة الرقمية في علاقتها بشريحة الشباب مردها تآكل المرجعيات وإعادة النظر في المنظومة القيمية. كيف يمكن إذن التداول في الهجرة الافتراضية للشباب المغربي والمنظومة القيمية (المادية والغير المادية) لاسيما مع الطفرة الرمزية التي تتيحها وسائل الاتصال الجديدة؟ وكيف يمكن مقاربة تمفصلات السلوك السياسي والاجتماعي للشباب في علاقته بالبيئة القيمية الافتراضية؟
للإجابة على هذه التساؤلات يمكن اعتماد فرضية عامة مفادها أن مقولة الهجرة الافتراضية للشباب في علاقتها بالاحتباس المجتمعي تتم عبر انتقال من قيم واقعية مرفوضة إلى قيم افتراضية مفوضة. من هذا المنطلق يمكن رصد تضارب إشكالات وقضايا العالم الافتراضي مع العالم الواقعي وبعض المرجعيات المجتمعية المغربية لا سيما أن العلاقة بين الشباب والقيم سواء في العالم الافتراضي أو الواقعي علاقة متفاوض عليها بالنظر إلى تراجع القيم الغير المادية وعودة القيم المادية وراهنية قيم الحياة التي تجسدها مسيرات العطش وغلاء المعيشة ونسبة الوفيات واستفحال بعض الأوبئة والحق في العيش الكريم ...
ومن النتائج المباشرة لهذا الواقع الذي يتقاطع فيه الوطني والجهوي بروز مواقع إلكترونية محلية وترابية على شاكلة منابر "إعلامية" شجعت على سلوكات جديدة وإعادة تسييس الشباب وبروز جيل متصل عبر تنشئة تفاعلية ساهمت في تفاقم بؤر التوتر وانتشار قيم العدوانية بين شرائح هذا الجيل من قبيل التراشق الهوياتي والإثني والإيديولوجي و"النوعي" ... ما يمكن تفسيره بأن معظم الشباب الافتراضيين المتدخلين في هذه الحقول لا يثقون في المبادرات السياسية التي ترمي إلى تقصير المسافات بين الهويات والثقافات وترسيخ دولة التنوع. مما نتج عنه تناسل أشكال الانهزامية الهوياتية وثقافة الكراهية عبر هوامش رمادية تؤطرها تجمعات افتراضية (جنسية أو عقدية أو مجتمعية ...) تنهج تنشئة متوحشة ترمي إلى خلق احتباس مجتمعي أساسه التشجيع على العنف المادي والرمزي تجاه بعض شرائح المجتمع (المرأة – الأقليات ...) أو بعض مسلمات المشترك المغربي من قبيل الدعوة إلى إسقاط الهوية الوطنية والتخوين والمس برابط التمغربيت.
في المقابل يمكن الإقرار بأن من القيم الجديدة التي أتاحتها الهجرة الجماعية للشباب إلى العالم الافتراضي يمكن سرد لا للحصر قيم الفردانية الجماعية التي من نتائجها تماهي الفرد مع الجماعة وتماهي الجماعة مع الفرد وخروجه من الانعزالية عبر فعل افتراضي منظم ("مقاطعون" – "مستمرون" – "مداويخ" – "مهاجرون" ...) حيث يعبر عن الفردانية بصيغة الجمع وعن الجماعية بصيغة الفرد. كما انتشرت أيضا قيم "التضامن المتحرك" بحسب الوقائع والأحداث الراهنة والمتواترة في شكل ملصقات وصور وشعارات متضامنة مع حدث أو شخص أو شعور ما. وبرزت كذلك قيمة "الرقابة المواطنة" حيث يصبح الشاب في تربص مستمر للوقائع والحقائق التي تمس الحياة العامة للمغاربة عبر ثقافة المجاهرة والفضح من خلال فعل النشر والمشاركة لكشف وعرض بعض تمظهرات الواقع المعيش. كما طفت على السطح بالموازاة "القيم المادية" (الصحة والشغل والتعليم والسكن) وتراجعت "القيم الغير المادية" من قبيل الحريات الفردية وحرية المعتقد والحقوق اللغوية والثقافية وإلغاء عقوبة الإعدام ... مع جذوة نوعية لقيم الحياة والتعايش مثل قيم الكرامة والتوزيع العادل للثروات ورفض الحكرة. وللإلمام بهذه المصفوفة القيمية يمكن الاستعانة بمفهوم الفاعلية (Agency) الذي يصف ويفسر قدرة الفرد في الفعل والاختيار متجنبا ومتحديا العوامل والبنيات المؤثرة (الطبقة الاجتماعية – الدين- النوع – الإثنية – الرابط الاجتماعي- الحزب السياسي ...) التي يمكن أن تحدد وتقنن قراراته وقيمه.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الهجرة الجماعية للشباب إلى العالم الافتراضي خلقت فرصا جديدة لتعزيز قيم المواطنة والحرية والديمقراطية لا سيما أن الفضاء الافتراضي أضحى فضاء للممارسة السياسية من خلال النشاط السياسي الرقمي "الهاكتيفيزم" وقناة موازية للوساطة الكلاسيكية نظرا لتقويض دور المجتمع المدني والأحزاب السياسية وتحييد أثر الشعور بالمواطنة الواقعية وبزوغ نجم المواطنة الافتراضية.
هذه الوضعية الجديدة تأسست على نمط مغاير من الفعل المواطناتي ألا وهو "الاحتجاج الرقمي" في مقابل عدم جدوى وتأثير الاحتجاج الواقعي وهذا ما أفرزته حصيلة حملة المقاطعة. مما نتج عنه تراجع الانخراط في البنيات المنظمة (الأحزاب والجمعيات والنقابات....) وتعويضها بمواقع جديدة للترافع على القيم والمطالب الاجتماعية (ملاعب كرة القدم والمنتديات الافتراضية ...) يتم التعبئة لها ومركزتها من خلال هجرة افتراضية ترتكز على ثقافة مضادة مؤسسة على خطاب الممانعة والمظلومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.