تتجّهُ النقابات العمالية إلى الاسْتقواءِ بالشّارع كخيارٍ "أخيرٍ" للضغطِ على "حكومة العثماني"، التي ترفضُ الاستجابة لمطالب الشغيلة، إذ قرّرتْ خوضَ إضرابٍ عامٍ في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية الشّهر المقبل، الذي يبدُو أنه سيكونُ "عاصفاً" في وجه الحكومة؛ التي ترفضُ زيادة أجور الموظفين في مناخٍ سياسيٍّ "مشحون". الكونفدرالية الديمقراطية للشغل قرّرتْ التعاطي مع "خذلانِ" الحكومة بمزيد من الضغط بإعلانها الخروج يوم 20 فبراير إلى شوارع العاصمة الرباط، "ضدّاً في مُخططات الإجهاز على الحقوق والمكتسبات الاجتماعية، وضرب القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين"، مُعلنةً أنها لن تقفَ مكتوفة الأيدي أمام مظاهر الأزمة "المركبة" التي تعيشها البلاد. ومن مظاهر هذه الأزمة المُستفحلة، حسبِ النقابة العمالية ذاتها، "تجميدُ الحوار الاجتماعي وتهميش تنظيمات المجتمع وتعبيراته والتضييق الممنهج على الحقوق والحريات، وعلى رأسها الحريات النقابية، وقمع الحركات الاحتجاجية المعبرة عن مطالب فئوية ومجالية عادلة"، مطالبةً ب"وقف كل المتابعات في حق المناضلات والمناضلين النقابيين وإطلاق سراح معتقلي الحركات الاجتماعية". وكشفت مصادر هسبريس أنَّ نقابات عمالية أخرى قرّرت الخروجَ في احتجاجات ضدَّ الحكومة، وستعملُ بتنسيقٍ مشترك على خوض أشكال احتجاجية غير مسبوقة في تاريخ الاحتجاج المغربي. وتترقّبُ الحكومة خطوات "العمال" وهم يشلُّون الحركة داخل المرافق العمومية، خاصة أنَّ الاحتجاج يأتي في ظلّ وجود انقسام داخل الأغلبية الحكومية، فجّرته أزمة التجار الصغار. وتعتبرُ النقابات أن العرض الحكومي "هزيل"؛ لأنه ينص على زيادة 200 درهم ابتداءً من يناير 2019، و100 درهم ابتداء من يناير 2020، و100 درهم أخرى سنة 2021، أي 400 درهم موزعة وليست دفعة واحدة؛ كما أنه يستثني مجموعة من السلالم في الوظيفة العمومية، فضلا عن عدم شموله أجراء القطاع الخاص. وفي السيّاق، يكشفُ عبد القادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أنَّ "خطوة الاحتجاج تأتي بعدَ وصول الحوار إلى الباب المسدود، فقد انتهى كلُّ شيء مع هذه الحكومة، ولمْ يعد هناكَ مجالٌ آخرٌ للتراجع"، مشيراً إلى أنَّ "الحكومة تتلاعبُ بمطالب الشغيلة وترفض الحوار الجاد والمسؤول الذي يحلُّ مشاكل المغرب". وأضاف الزاير، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "هذه الحكومة راكمتْ أخطاء فادحة على مستوى إدارة الحوار الاجتماعي ولم يعد لديها ما تقدّمهُ". وعن خطوة الاحتجاج يقول الزاير: "نكونُ أو لا نكون". وأشارَ المسؤول النقابي إلى أنه تلقى وعوداً من وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، لإيجاد صيغة توافقية، "لكن تشبُّثهُ بالعرض الحكومي جعلَ الحوار مع الداخلية يلقى نفس مصير باقي الجولات الأخرى". ويستبعدُ الزاير أن تكونَ هناكَ حلول في قادم الأيام، وهو ما سيفجّر الوضع الاجتماعي في المغرب، رافضاً الخنوعَ لقرارات الحكومة التي أقبرت مطالب الشغيلة ولم تلتزم بوعدها بإيجاد حل متوافق عليه.