شنت ثلاث مركزيات نقابية هجوما شرسا على حكومة عبد الإله بنكيران، صباح أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، خلال ندوة صحفية خصصت لشرح أسباب ودواعي مسيرة الاحتجاج العمالية، التي قررت تنظيمها، يوم الأحد 6 أبريل المقبل بالدارالبيضاء. (أيس بريس) وتوعدت المركزيات النقابية الحكومة ب"تصعيد غير مسبوق" في حالة عدم الاستجابة لمطالبها، معلنة أن "كل الاحتمالات واردة، للدفاع عن الطبقة الشغيلة". وسجلت نقابات الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، في الندوة التي غاب عنها نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية، ب"استياء عميق وغضب شديد عدم التزام الحكومة ببدء المفاوضات الجماعية حول المطالب النقابية المشتركة"، مبدية "احتجاجها على استمرار أساليب التماطل والتسويف التي تعتمدها الحكومة". وأوضحت النقابات، في تصريح صحفي مشترك، أن "تصريحات بعض الوزراء تبين بجلاء الفقر الفكري والبؤس السياسي لحكومة غير واعية بالمسؤوليات السياسية والوطنية المنوطة بها"، مذكرة ب"أنها لم تفلح سوى في الزيادات المتوالية في المحروقات، وضرب القدرة الشرائية للطبقة العاملة، وعموم المواطنين، وتكبيل الحريات العامة، ومنع الاحتجاجات الاجتماعية السلمية المشروعة، والتضييق على الحريات النقابية، والتلكؤ في تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011، والتغييب الإرادي للتفاوض الجماعي، حول مضمون المذكرة المشتركة المرفوعة إلى رئيس الحكومة، يوم 11 فبراير المنصرم، المتضمنة للمطالب الاجتماعية والمادية والمهنية في كافة القطاعات". وأكد مسؤولو المركزيات النقابية الثلاث أن قرار المسيرة لا رجعة فيه، وأن الجميع معبأ لإنجاحها على جميع الأصعدة. وقال الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إن الشعار الذي تعمل به المركزيات النقابية الثلاث حاليا هو "نحاور من يحاورنا، ونتفاوض مع من يتفاوض معنا، ونعادي من يعادينا"، مؤكدا أن "النقابات لا تنتظر حوارا شكليا وعقيما، بل تريد مفاوضات حقيقية، قصد الاستجابة لمطالب الشغيلة". وأعلن موخاريق "إذا ما استجابت الحكومة لمطالبنا، فستجد فينا الحركة النقابية المسؤولة، التي تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وإذا لم تستجب، ستجتمع القيادات النقابية آنذاك، وستتحمل مسؤوليتها كاملة في اتخاذ قرارات تصعيدية". وأضاف "بعد تماطل الحكومة، قررت المركزيات بكل مسؤولية وتجرد تنظيم مسيرة عمالية ضخمة كخطوة أولى، لإثارة انتباهها، وتحمل مسؤوليتها، والعودة إلى جادة الصواب للتفاوض بشكل حقيقي حول المذكرة المشتركة التي رفعناها إليها". وبخصوص التحاق مركزيات نقابية أخرى بالتنسيق الثلاثي، في إشارة إلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، رد موخاريق قائلا "من أراد الالتحاق بهذا الركب النقابي فمرحبا به، شرط احترام الاستقلالية النقابية التي نؤمن بها". وشدد على أن المسيرة ستكون ناجحة، وأن الاجتماعات التنسيقية بين النقابات الثلاث تعقد يوميا لوضع كافة الترتيبات، والتعبئة القصوى على الصعيد المركزي والجهوية والقطاعي. وذكر موخاريق أن التنسيق بين النقابات الثلاث فتح النقاش حول إمكانية تنظيم "مسيرة موحدة ضخمة" خلال الاحتفال بعيد العمال في فاتح ماي، مشيرا إلى أنه من المحتمل الاتفاق على تنظيم كل مركزية مسيرتها، على أساس الالتقاء في نقطة معينة، تنطلق منها مسيرة موحدة ضخمة تضم النقابات الثلاث. من جانبه، ناب عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن الأموي في "جلد الحكومة"، وقال "لن ينفعها سوى التعامل بجدية مع الحركات الاحتجاجية المسؤولة والمنظمة، لتجنب قرارات أخرى تصعيدية نتمنى أن نكون في غنى عنها". وأضاف "عندما يتحرك القطار، اللي معول على الخطافة لن ينفعوه"، داعيا الحكومة إلى "فهم الدرس من هذه المسيرة الاحتجاجية، وأن تتوصل برسالتنا، وتعي أن الوضع خطير، وعليها الإسراع بإيجاد الحلول". وعلق الزاير قائلا حول إمكانية توسيع التنسيق ليشمل شرائح أخرى "لسنا مقطوعين من شجرة، وحلفاؤنا في كل أرجاء الوطن، نحن نناضل، وبرنامجنا يضم خطوات نضالية لانتزاع مطالب الشغيلة". وتهكم الزاير موضحا "يقولون لنا زيروا السمطة، بحال إلا مرخوفة من شحال هاذي، هم مثل فقهاء يمدون أيديهم، ولا يعطون شيئا"، معلنا أن "التنسيق الثلاثي سيفاجئ الجميع بخطوات وحدوية في فاتح ماي، وخارج فاتح ماي، في أفق الاندماج والوصول إلى نقابة واحدة كبيرة، تتسع للجميع". أما عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، فأكد أن المسيرة تبرز وحدة العمل النقابي، مؤكدا على ضرورة تحمل كل واحد مسؤوليته، في إشارة إلى لامبالاة الحكومة التي وصفها ب"الصامتة". وأبرز العزوزي أن المسيرة تأتي كرد واحتجاج على "تجاهل الحكومة للمذكرة المطلبية التي رفعت إليها"، مشيرا إلى أن مدة شهر ونصف كانت كافية لأن تجيب المركزيات عنها، سيما أن أغلب القضايا المطروحة في المذكرة قديمة. وقال "أمام لامبالاة وصمت الحكومة، كان طبيعيا أن ننظم احتجاجا على هذا الوضع، متمنيا أن تتاح الظروف لتوسيع التنسيق بين جميع المركزيات النقابية". وتضمنت المذكرة المشتركة للنقابات الثلاث التي وجهتها إلى الحكومة 6 مطالب أساسية، تتمثل في الحريات النقابية والقوانين الاجتماعية، وتحسين الأجور والدخل، والحماية الاجتماعية، والتشريع الاجتماعي والعلاقات المهنية، والمطالب الفئوية، والحريات. يشار إلى أن المسيرة ستنظم بالدارالبيضاء تحت شعار "المسيرة الوطنية الاحتجاجية دفاعا عن القدرة الشرائية والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية"، وستنطلق ابتداء من التاسعة صباحا من ساحة النصر.