بالرغم من كونها تشكل إحدى أقدم المعالم بخنيفرة، إلا أن قصبة موحى أوحمو الزياني تظل منسية أو غير معروفة لدى عدد كبير من ساكنة المدينة، حيث تشهد هذه القصبة، التي صنفها ظهير 26 دجنبر 1933 كمعلمة تاريخية، على الوعي والذاكرة الجماعية الحبلى بالأحداث والبطولات التي طبعت تاريخ المغرب عامة والمنطقة بشكل خاص. وتقترن هذه المعلمة، التي تقع على وادي نهر أم الربيع وسط المدينة (بالقرب من الملعب البلدي)، كما يدل على ذلك إسمها، ببطولات واحد من أبرز وجوه المقاومة الوطنية، ومرتبطة بالتضحيات التي بذلها المجاهدون بالمنطقة في سعيهم إلى التصدي للقوات الاستعمارية خلال مرحلة الكفاح من أجل نيل الحرية والاستقلال. ورغم ذلك، فإن الكتابات التاريخية والمعلومات المتعلقة بالشكل الهندسي ومكونات بناء القصبة وكذا تاريخها الفعلي يظل ضئيلا للغاية، فبالنسبة لبعض المؤرخين، فإن هذه القصبة قد تكون شيدت في عهد السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين ورممت على عهد السلطان العلوي مولاي إسماعيل سنة 1688، وذلك في إطار سياسته لتأمين الربط بين أهم المحاور الطرقية للقوافل التجارية إبان تلك الحقبة. وفي سياق هذه الرؤية المجالية، وقع الاختيار على بناء قصبة موحى أوحمو الزياني، والتي اضطلعت بدور استراتيجي اعتبارا لموقعها بين مركزين حضريين: مكناس باعتبارها كانت تشكل عاصمة في تلك الفترة، ومراكش التي كانت بمثابة حاضرة اقتصادية وسوق تجارية مزدهرة. وشكلت هذه القصبة في عهد السلطان مولاي الحسن الأول مكانا لاستراحة الرعاة، ومن هنا بدأت تتشكل النواة الأولى للمدينة التي كان مركزها على الضفة الأخرى لوادي أم الربيع أمام هذه القصبة، علما أن قنطرة مولاي إسماعيل التي تم تشييدها خلال تلك الفترة كانت تؤمن الربط بين الضفتين. وفي هذا الإطار، أشار المدير الجهوي للثقافة بجهة بني ملال- خنيفرة حسن هرنان، إلى أن ترميم قصبة موحى أوحمو الزياني يندرج ضمن حرص وزارة الثقافة والاتصال، على رد الاعتبار للموروث الثقافي وجعله قاطرة للتنمية المستدامة، داعيا إلى تظافر الجهود من أجل الحفاظ على ما تبقى من هذا الصرح التاريخي، وذلك في إطار مشروع لإعادة التأهيل والتثمين. وأكد إبراهيم اعبا رئيس المجلس البلدي لخنيفرة، أن النهوض بالشأن الثقافي بالمدينة يشهد على الاهتمام الذي يوليه جلالة الملك لحماية التراث الثقافي والتراث المادي واللامادي، وأن إعادة ترميم قصبة موحى أوحمو الزياني حلم لم يكن ليتحقق لولا توفر الإرادة السياسية ودعم السلطات الإقليمية، إذ لا يمكن الحديث عن تاريخ المنطقة إلا برد الاعتبار للقصبة التي لا تعد بناية تاريخية فحسب بل موروثا يدخل ضمن هوية المنطقة وجب الحفاظ عليه وتثمينه في خدمة التنمية المستدامة. وفي الواقع، فإن الوضعية المقلقة والحالة التي توجد عليها قصبة موحى أوحمو الزياني تعكس ما تعرضت له من إهمال، فضلا عن تقلبات الظروف الطبيعية وعمليات الزحف العمراني، على الرغم من أن معطيات المفتشية الجهوية للمآثر والمواقع التاريخية بجهة مكناس-تافيلالت تشير إلى أن الظهير الذي صنفت بموجبه هذه القصبة كإرث إنساني يشدد على أهمية الحفاظ على هذا الموقع. من جهته، أكد أحمد المهدي عتري نائب رئيس جمعية زيان للثقافات بخنيفرة، على ضرورة إنقاذ القصبة من التهالك والاندثار، والتعجيل بإجراءات تحميها وتحتفظ بها كموروث تاريخي أثري، يخلد لحقب مختلفة من تاريخ خنيفرة. وشدد على أن انهيار جزء من هذه القصبة ذات الحمولة الرمزية إنما هو بمثابة انهيار لجزء كامل من تاريخ المنطقة، لاسيما ما تعلق منه بمرحلة المقاومة، مشدد على ضرورة تعبئة كافة المتدخلين والأطراف المعنية قصد إعادة تأهيل هذه القصبة، ومن ثم إحياء الذاكرة الجماعية المحلية والوطنية. وأعرب عن الأمل في استعادة هذه القلعة لماضيها العريق ولإشعاعها وصورتها الجمالية والهندسية لأن الأمر يتعلق بتراث وطني يستحق التثمين، خصوصا أنه يمكن أن يشكل رافعة للنهوض بالقطاع السياحي وخاصة السياحة الثقافية على مستوى المنطقة. ودعا الفاعلون المحليون، في هذا الإطار، إلى إدراج تأهيل هذه القصبة ضمن الأولويات الرئيسية اعتبارا لقيمتها الثقافية والتاريخية.