يبدو أنَّ الحوار الذي جمع مؤخراً مسؤولي الإدارة العامة للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية بممثلي أسر وشهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية لم يخلُص إلى نتائج إيجابية؛ فقد عادت أسر "شهداء الصحراء" إلى الاحتجاج، اليوم الثلاثاء أمامَ مقر القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية بالرباط، ملتمسة من الملك محمد السادس التدخل لإنهاء معاناتها مع "جحيم البطالة" و"التهميش". وعرَفتْ الوقفة في بدايتها شنآنا ومشادات بعدما حاول أمنيون إخلاء الساحة المقابلة لمقر قيادة الجيش من المحتجين الذين توافدوا عليها؛ ما أدى إلى انتظامهم في مسيرة احتجاجية في اتجاه البرلمان، بعدما تعذّر عليهم البقاء في المكان المقرر للوقفة. وقد عاينت جريدة هسبريس استنفاراً أمنيا واسعا بجانب مقر القيادة العليا، ضّم أفرادا من الشرطة بالزي المدني ومن القوات المساعدة والتدخل السريع، الذين توافدوا دقائق قبل انطلاق الوقفة الاحتجاجية التي شهدت رفع شعارات من قبيل: "الأرملة جا وقتك باش تهدر على حقك"، "خاف الله يا مسؤول دم الشهيد ماشي مجهول"، "يا شهيد الصحرا ولادك فالقهرا". وتطالبُ "أسر الشهداء" المنتمية إلى مختلف مناطق المغرب بجبر الضرر الذي لحقها جراء فقدان أبنائها من الجنود في حرب الصحراء، وتعويضها ماديا ومعنويا، عبر تمكينها من السكن والتشغيل، وتوفير التطبيب لأفرادها الذين يعانون من أمراض، وكذا إحداث مندوبية سامية تُعنى بشؤونهم، وإقرار يوم في السنة للاحتفاء بالشهداء والأسرى والمفقودين. ورفع المحتجون الذين ساروا على أقدامهم صوب البرلمان، محاطين بأفراد من القوات المساعدة والتدخل السريع، شعارات تبيّن "مدى حجم التضحيات التي قدمها آباؤهم وعائلاتهم من أجل استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة بعد المسيرة الخضراء، ومدى جسامة الخسائر المادية والبشرية التي تكبدوها إبان الحرب التي خاضوها ضد جبهة البوليساريو". وقال إبراهيم الحجام، رئيس الجمعية الوطنية لأسَر شهداء ومفقودي وأسْرى الصحراء المغربية، أمام عشرات المحتجين، إن "حرب الصحراء خلفت 30 ألف شهيد لم يستفد أبناؤهم من التعويضات ويعيشون حياة صعبة، وهناك من تشرّد في العراء، وهناك من ينتظر عطفاً ملكياً لإنهاء المعاناة". وأردف الحجام في تصريح لجريدة هسبريس أن "المنع الذي يطالُ نضالهم لن يزيدهم إلا صموداً في سبيل تحقيق ملفهم المطلبي من أجل تجاوز كل أشكال الإقصاء والحرمان التي تعرضت لها هذه الشريحة الواسعة من المجتمع المغربي، لما يفوق ثلاثة عقود من الزمن، حيث التزم الجميع الصمت إن لم نقل تواطؤ وابتلع لسانه، سواء تعلق الأمر بالجانب الرسمي أو بهيئات المجتمع المدني، خصوصا الحقوقية منها". ودعا المتحدث أعلى سلطة في البلاد إلى الالتفات لهذه الشريحة وتعويض الأسر عن استشهاد وفقدان وأسر ذويها، ورفع كل أشكال التهميش التي تعرضت لها، والعمل على تفعيل قرارات مؤسسة الحسن الثاني لفائدة هذه الأسر ومحاسبة كل الذين عرقلوا تنفيذها. ويطالب المحتجون أيضاً ب "إعادة النظر في قانون مكفولي الأمة بما يتلاءم والوضعية الحالية لأبناء الشهداء والمفقودين والأسرى، وإعادة النظر في عمل وأداء وفلسفة مديرية مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين بما يتماشى وحاجيات ومتطلبات الفئة المستهدفة بشكل مباشر". ويدعو المحتجون أيضاً إلى "تخليد يوم وطني للشهيد والمفقود والأسير تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، احتفاء بكل من ضحى من أجل الوطن تكريسا لثقافة التقدير والاعتراف، وحفاظا على الذاكرة الوطنية من التلف والضياع".