بسط الباحث رشيد الحاحي، رئيس جمعية أزمزا المنظمة لملتقى تارودانت، في تقديمه العام لأرضية الندوة الوطنية التي اختار لها المنظمون عنوان "الأمازيغية والدولة"، معالم من مسار تعاطي الدولة، والمكتسبات المحققة والإشكالات والتراجعات والإحباطات الحاصلة. وطرح الحاحي، خلال الندوة التي تناولت، في جلساتها التي شارك فيها عشرون متدخلا، من باحثين أكاديميين وفاعلين سياسيين ومدنيين وحقوقيين، محاور "الأمازيغية ومؤسستا الحكومة والبرلمان"، و"العمل الأمازيغي، المسار وأسئلة الراهن"، "وعشرون سنة من تعاطي الدولة مع الأمازيغية"، بعض الأسئلة المؤطرة لهذا النقاش التقييمي. وفي مداخلته أكد الباحث والمفكر المغربي حسن أوريد على ضرورة الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية في إطار التوزيع العادل للرموز الذي يمثل أحد مقومات ومواصفات المجتمع والدولة الديمقراطية الحديثة، وطرح السؤال الإشكالي كيف نفهم الأمازيغية اليوم؟ أليست الأمازيغية تصورا للمستقبل؟ وبعد أن دعا إلى ضرورة حسن تدبير التناقضات لتحقيق التطور السياسي والثقافي، وتجنب الاستفزاز والتحلي بالعقل والتبصر، بسط وجهة نظره التي يعتبر من خلالها الأمازيغية "عمق بنية الشخصية المغربية، وإحدى الوسائل والمداخل الأساسية للتحديث"، وزاد: "الأمازيغية هي المستقبل، وهذا منطق التاريخ وتطور المجتمعات والدول..إننا نعيش لحظة انبعاث جديدة". وفي مداخلته تناول الباحث والفاعل الحقوقي أحمد عصيد جوانب من مسار الاعتراف الرسمي بالأمازيغية منذ خطاب أجدير سنة 2001 وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي كان مجلسه الإداري بمثابة برلمان الأمازيغية، يشخص ويتدارس ويقترح الإجراءات الكفيلة بالنهوض بالأمازيغية التي كانت واعدة في البداية، واعتبر سنة 2007 بداية التراجعات والخروج عن المسار في تدبير الشأن الأمازيغي، وفي تدبير الوضع الديمقراطي والحقوقي بصفة عامة، إذ تأكد مع توالي الشهور والسنوات أن الدولة تعيش ارتباكا وتعارضا بين المؤسسات وبين النصوص، وأن المواطنين يحسون بأن مطالبهم ليس لها صدى في الدولة، وزاد: "في خضم هذا التخبط والتناقض يطرح الناس السؤال: ماذا تريد الدولة بالضبط؟". وحمل الدولة مسؤولية الوضع والإحباط الذي يهدد استقرار البلاد التي تعيش مرحلة دقيقة في تاريخها المعاصر، على حد قوله. أما الباحث السياسي حكيم بواللوز فتناول تجربة ميدانية للعمل التنموي بالوسط القروي، وتوقف عند التمثلات التي تعيق التطور الثقافي ونفاذ الخطاب الأمازيغي إلى عمق المجال، مستحضرا التطور الحاصل مؤخرا في الوعي بالحقوق السوسيو اقتصادية في سوس وإشكال الرعي الجائر وتحديد الملك الغابوي وقانون المراعي، وما أثاره ذلك من احتجاج ونقاش؛ ويرى أن الخطاب الأمازيغي دخل مرحلة ودورة تجديد ستقوي إطاره الإيديولوجي وامتداده وانتشاره في الأوساط الاجتماعية والمهنية وفي المدن وعمق البوادي. وفي مداخلة الباحث أحمد الخنبوبي استحضر بعض نقط القوة ونقط الضعف في الخطاب والعمل الأمازيغي بالمغرب، مؤكدا ضرورة تجديد النخب، وأن الأمازيغية ليست في أزمة، بل استطاعت أن تطرح نموذجا ثقافيا جديدا وحققت تغييرا كبيرا في النسق السياسي المغربي.