أحيت تونس، اليوم، الذكرى الثامنة لاندلاع الثورة التي أطاحت بنظام الدكتاتور السابق زين العابدين بن علي، بينما تسود حالة من الاستياء وأزمة اقتصادية حادة وحراك سياسي متصاعد، ما يهدد بتقويض عملية التحول التي توصف بالنموذجية. وقال عبد الدايم النومي، عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، في تصريحات أدلى بها لوكالة "إفي": "منحتنا الثورة أجواء من الحرية والكثير خاصة على المستوى السياسي والمؤسسي، لكنها ولدت للتو، وهي بحاجة إلى النمو". وأضاف ممثل هذه المنظمة غير الحكومية التي تدافع عن 20 ألف شخص من ضحايا نظامي بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة: "لرؤية آثارها، قد يستغرق الأمر عقدا. حظينا حتى الآن بانتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية حرة". وبعد مشاركته في الفعاليات التي أجريت اليوم الاثنين في قلب العاصمة التونسية، مهد ثورة 2011، بدا عبد الدايم واثقا رغم كل شيء أن النتائج على المدى البعيد ستكون إيجابية بالنسبة للبلاد، حتى لو كان الشعور السائد حاليا هو الاستياء الاجتماعي والتشاؤم. وأوضح أن "ما ينقصنا هو إتمام الفترة الانتقالية وتحقيق عدالة اقتصادية واجتماعية، لا سيما فيما يخص البطالة والتنمية الإقليمية. لكننا سنصل إلى ذلك وسننجح". ومن الخارج، يبدو أن تونس تحقق في الأعوام المنصرمة نجاحا حيث شهدت إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية نزيهة، وتستعد لاختيار رئيس جديد بنهاية 2019. كما أقرت قوانين تقدمية للحيلولة دون إفلات أعضاء النظام القديم من العقاب، ومكافحة الفساد والتعذيب، وتعزيز الشفافية وتمكين المرأة، جعلت تونس الدولة العربية الأكثر مناصرة للمرأة. إلا أن الصورة تختلف من الداخل بعض الشيء حيث تنبعث رائحة الفشل مع استياء غالبية التونسيين من تراجع الحريات مجددا في الأعوام الأخيرة، وعدم تحقق الكرامة التي كان المتظاهرون يطالبون بها في 2011. وما يزال الفساد على رأس العوامل المقوضة للاقتصاد، فضلا عن عدم توافر فرص عمل للشباب لتصل البطالة إلى ما يزيد عن 30%، وهي المعدلات نفسها في عهد الرئيس السابق. وتعد خزائن البلاد فارغة بينما تتأثر السياسات الاقتصادية بشروط صندوق النقد الدولي الذي فرض استقطاعات حكومية وتقشفا في الإنفاق العام مقابل قرض يزيد عن 2.5 مليار يورو. وتطبق الحكومة هذه الإجراءات بتحفظ من منطلق إدراكها لعدم شعبية تلك الإجراءات، لكن ذلك لم يحل دون خروج تظاهرات وحدوث إضرابات في جميع أنحاء البلاد بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة وطنية ب 800 ألف عضو. وودعت هذه النقابة، التي كانت في مقدمة الحركات التي شاركت في احتجاجات 2011 وشكلت جزءا من اللجنة الرباعية الوسيطة التي أنقذت في 2014 العملية الانتقالية لتنال جائزة السلام، إلى إضراب عام لجميع الموظفين الحكوميين يوم الخميس المقبل، ما وضع الحكومة في مأزق. وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي: "يجب أن تضع النخب التونسية مصلحة البلاد وشعبها في مكان متقدم عن اهتماماتها"، في إشارة إلى الخلاف بين الحكومة والرئاسة اللتين يهيمن عليهما حزب نداء تونس. ودعا الطبوبي إلى "اتخاذ إجراءات شجاعة لمكافحة التهرب الضريبي وتحسين الحوكمة والقضاء على أباطرة السوق السوداء وانتشال الاقتصاد".