كالنار في الهشيم، تواصل التعليقات الجارفة على مواقع التواصل الاجتماعي مسلسل تشهيرها بالعديد من الشخصيات العمومية وغيرها، بكشف تفاصيل حياتها الخاصة، على غرار ما صاحب واقعة "مثلي مراكش" الذي أخرج تعريفه المهني وبطاقة هويته إلى العلن بعد اعتقاله، والنائبة البرلمانية أمينة ماء العينين التي لوحت باللجوء إلى القضاء ضد مروجي صور قيل إنها تخُصها. التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى كثرة حالاته المرصودة، لازال بدون جواب داخل القانون الجنائي المغربي، وبالتالي يكتفي القضاء بتكييف المقتضيات القانونية مع الحالات التي تصل إليه؛ فيما ترتفع الأصوات المنادية بتطوير الترسانة القانونية للبلد مع التكنولوجيات الحديثة التي غزت الفضاء العام المغربي بشكل كبير. وترتبط أغلب "الحملات التشهيرية" المنتشرة في مواقع التواصل بموضوع "الجنس"، الذي يحظى بتفاعل كبير من طرف المعلقين، الذين يعمدون إلى توزيع الصور أو مقاطع "الفيديو" ونشرها على نطاق واسع، وهو ما يجعل إيقاف تدفقها صعبا، رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح إمكانية مراسلتها لحذف المضمون التشهيري. محمد العوني، رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير، أكد أن "مقتضيات القانون الجنائي الحالية كافية لردع المخالفين، والمطلوب هو تطبيقها دون انتقائية، ولخدمة المصالح الفردية والجماعية للأفراد"، مشيرا إلى أن "المشكل يكمن في أن العديد من القضايا لا يتم البت والحسم فيها في الوقت المناسب وبالشكل اللازم، بسبب كثرة الملفات في يد القضاء". وأضاف العوني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "القضاء يتعامل مع الحالات التشهيرية بانتقائية"، مشددا على أن "الإشكال يتجاوز القانون إلى ضرورة خلق ثقافة الحرية والاختلاف وسط المجتمع"، ولافتا إلى أن "تحريم بعض الأطراف ما تبيحه لنفسها يخلق باستمرار مشكلا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم التعاطي مع الحالات في هذا الباب كموضوع للنقاش وليس كأفراد". وأوضح العوني أنه "ينبغي عدم تضخيم الموضوع، والاشتغال عليه بتأن وملاحظة دقيقة"، وزاد: "رغم احتضان مواقع التواصل لمثل هذه الأمور إلا أنها قليلة، وقد تستغل لضرب حرية التعبير؛ فالجمهور العام عندما يدرك خطأه بالتشهير سرعان ما يعتذر". وأردف الفاعل الحقوقي بأن "الحسم في مثل هذه الأمور يقتضي اهتماما بالمنظومة التعليمية وترسيخ قيم الاختلاف داخلها؛ فضلا عن تلقين مؤسسة الأسرة والمسجد ودور الشباب عديد الأمور من أجل تربية النشء بشكل جيد".