خلصت ورقة بحثية للمعهد المغربي لتحليل السياسات إلى كون مشروع الخدمة العسكرية من "المستبعد أن ينجح في امتصاص غضب الشباب العاطل والمهمش، ليس بسبب المقاومة التي تعرض لها حتى الآن، ولكن لأن الشباب الذين يلجون إلى سوق الشغل سنويا يقدرون بمئات الآلاف، وهو ما يقتضي إيجاد حلول عميقة لمعضلة إدماج الشباب". وأوضحت الدراسة نفسها، المعنونة ب "العودة إلى الخدمة العسكرية: الدواعي والتحديات"، أن "هذا المشروع قد ينجح، على المدى المنظور، في تحييد جزء من الشباب الناشطين في الاحتجاجات الاجتماعية، لكن ذلك سيكون نسبيا ومحدود النطاق، على اعتبار أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية، لا سيما مشكلة بطالة الشباب، أكبر من مجرد قانون أو إجراء مهما كانت فعاليته". وأرجعت الورقة دوافع إقرار المشروع إلى بعدين أساسيين؛ الأول ذو طبيعة سياسية يتعلق ب "تنامي الاحتجاجات الاجتماعية، التي يُعتبر الشباب وقودها الرئيسي. ويشكل حراك الريف نموذجا للجيل الجديد من الاحتجاجات التي يعرفها المغرب، والتي تندلع لأسباب تتعلق بالكرامة والعدالة الاجتماعية، وتلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي دور المعبئ والمحرض، في الوقت الذي تراجع فيه دور الهيئات الوسيطة من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني، ما جعل الدولة في مواجهة الشارع". أما البعد الثاني، وفق المصدر ذاته، فيكمن في الناحية الاجتماعية، بحيث اعتبرت الورقة أن "محرك هذه الاحتجاجات من الشباب هم ضحايا للبطالة والفقر والتهميش، ما يجعلهم فئة غير محصّنة إزاء مختلف التهديدات الأمنية". وزادت المقالة: "ظلت غالبية الشباب المغربي، من الفئة التي تتراوح أعمارهم ما بين 15 و34 سنة، على هامش النمو الاقتصادي المطرد الذي شهدته المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة. كما تنتشر البطالة في صفوف هاته الفئة بنسبة 20 في المائة، في حين إن 50 في المائة منهم يعملون في مناصب شغل بأجور زهيدة وغير قارة، أما ثلثي الفئة نفسها فقد انقطعوا عن الدراسة". وأكدت الورقة، التي ألّفها إسماعيل حمودي، الباحث في العلوم السياسية، أن "النظرة المعمقة لدوافع إعادة العمل بنظام الخدمة العسكرية الإجبارية تحيل على أسباب مختلفة؛ فبناء قوة احتياط عسكرية لا تبدو أولوية ملحة للمغرب، ومن هنا فالسياق الداخلي قد يمنح معنى أقوى لمشروع القانون، الذي لم يكن مدرجا في البرنامج الحكومي، وتم الإعلان عنه بشكل مفاجئ للرأي العام خلال صيف 2018".