بالنداء الأخير الذي أطلقه الإعلامي محمد الصديق معنينو، رئيس لجنة التحكيم الدورة السادسة عشرة للجائزة الوطنية للصحافة برسم سنة 2018، "لإنقاذ" هذه الجائزة، تكون هذه الدعوة بمثابة ناقوس استغاثة جديد، من أجل أن تتحرك ضمائر المسؤولين عن الإشراف وتنظيم هذه الجائزة من أجل العمل على إعادة النظر بشكل جذري ضمانا لاستمراريتها وخدمة للأهداف التي أحدثت من أجلها. ويجدر بنا التأكيد هنا على أنه لا تختلف في جوهرها دعوة رئيس اللجنة التي ناشد فيها الحاضرين في حفل الدورة ال16 للجائزة الوطنية للصحافة بأحد أكبر فنادق الرباط؛ وفي مقدمتهم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ووزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، ورئيس المجلس الوطني للصحافة يونس مجاهد، العمل وباستعجال "لإنقاذ هذه الجائزة، بعدما أخذت تتجه إلى الابتعاد عن الأهداف التي أحدثت من أجلها"، لا تختلف عن نداءات نظرائه السابقين التي ضمنوها في تقاريرهم، والتي مع الأسف لا تؤخذ بعين الاعتبار وأكثر من ذلك لا تعمم ولا توثق، مما يحيلها إلى مجرد حبر على ورق، كما وقع سابقا لمجمل توصيات ومقترحات المهنيين والخبراء التي أسفرت عنها الملتقيات والمنتديات المتعددة منذ المناظرة الوطنية الأولى حول الإعلام والاتصال سنة 1993. إن نقاشا عموميا واسعا، وفق مقاربة تشاركية مع الفعاليات الإعلامية من صحافيين وخبراء ومسؤولين من مواقع مختلفة، وحده الكفيل أن يسهم في إنقاذ هذه الجائزة من "المنعطف السلبى الذي أصبحت تتجه نحوه"، وأيضا من "الضعف الذي أضحى يميز العديد من الأعمال" التي تترشح للمنافسة على الجائزة الوطنية للصحافة فضلا عن "تقلص عدد المشاركين في المسابقة الذي أضحى يتخذ منحى تراجعيا سنة بعد أخرى"، حسب ما جاء في تقرير رئيس لجنة التحكيم الجائزة في دورتها برسم سنة 2018، والذى لم يفته التنبيه إلى "أن الجائزة بشكلها الحالي تواجه تحديات كبرى"، فضلا عن أن "غالبية الصحافيين والمنابر تقاطعها. كما أن العديد من الأعمال الصحافية الجيدة لا يتم ترشيحها". فبغض النظر عن الرتوشات الشكلية التي تم إدخالها على هذه الجائزة من قبيل الرفع من قيمتها وأيضا إضافة جوائز خاصة لوسائل إعلام أخرى، وادراج أجناس صحافية جديدة، فإن تحسين وتجويد منتوج الجائزة الوطنية للصحافة ورفع مستوى المشارك لا يتطلب في حقيقة الأمر مجهودا خارقا من لدن وزارة الثقافة والاتصال، فما على هذه الأخيرة إلا التسلح بإرادة واضحة للإصلاح والابتعاد عن الطابع المناسباتي والاستهلاكي، وأن تعكف الوزارة على إخراج تقارير لجان التحكيم إن وجدت من الرفوف وترجمت مخرجاتها والانكباب عليها وتحينها، لتشكل أرضية للتطوير والتحديث بهدف "إنقاذ الجائزة بعدما أخذت تتجه إلى الابتعاد عن الأهداف التي أحدثت من أجلها"، بالبحث عن الحلول الكفيلة بالمحافظة على هذه المبادرة وتطويرها حتى تتلاءم مع التحولات التي يعرفها المشهد الاعلامي على المستويين الوطني والدولي. ومن بين أهم الاقتراحات التي كانت قد طرحت خلال اللقاء الذى احتضنته قاعة المرحوم مصطفى الخوضى بالمقر المركزي لوكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط على عهد وزير الاتصال محمد نبيل بن عبد الله، والذي تميز بمشاركة كافة لجان تحكيم الجائزة الوطنية للصحافة والفاعلين في حقل الإعلام والاتصال، لإحداث آلية على شاكلة خلية أو لجنة ومؤسسة حتى تتولى على طول السنة رصد أهم الإنتاجات الإعلامية في مختلف المنابر الإعلامية المتنوعة، تقوم بترشيحها تلقائيا لجوائز الجائزة الكبرى. وبحلول السنة المقبلة 2019، تكون الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة قد مر على إحداثها سنة 2004 عقد ونصف من الزمن بعدما قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة بمناسبة اليوم الوطني للإعلام والاتصال في 15 نونبر 2002، تلاها محمد نبيل بن عبد الله وزير الاتصال آنذاك، وهي مناسبة يمكن استغلالها لوضع تصورات مبدعة بإمكانها المساهمة في وضع لبنات جديدة تضمن استمرارية هذه الجائزة من جهة وتستجيب لحاجيات المشهد الاعلامي الوطني. يجدر التذكير بأن الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، وفق منطوق مرسومها المعتمد من لدن المجلس الوزاري في الثالث من يونيو 2004، ينص على أن إحداثها يرمى إلى "مكافأة صحافي أو عدة صحافيين مغاربة، اعترافا بمجهوداتهم الفردية أو الجماعية، في تطوير الصحافة الوطنية ودورهم في إعلام المواطنين وتكوينهم وفي تنشيط الحياة الديموقراطية الوطنية". كما ينص المرسوم ذاته في مادته التاسعة على أن لجنة التحكيم تتألف من 11 شخصية، من بينهم الرئيس، "معروفة بمهنيتها وكفاءتها وإسهاماتها في مجال الصحافة والاتصال". *كاتب صحفي باحث في الإعلام والاتصال