تحركات حثيثة تباشرها الدبلوماسية الجزائرية من أجل تقليص توسع العلاقات المغربية داخل القارة الإفريقية، فقد بادر وزير التجارة الجزائري، سعيد جلاب، إلى التفاوض مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو" من أجل إبرام اتفاق تجاري تفاضلي بين الطرفين، وذلك خلال حفل اختتام الدورة السابعة والعشرين لمعرض الإنتاج الجزائري. الوزير الجزائري أوضح أن "قصر المرداية" سيتفاوض حول اتفاق تجاري مع مجموعة "سيدياو"، وهو ما سيُمكن من دخول المنتجات الجزائرية لدول غرب إفريقيا التي تضم أزيد من 300 مليون مستهلك، مشيرا إلى أن التحركات الجزائرية تعكس توجهها الإستراتيجي صوب القارة الإفريقية باعتبارها فضاءها الطبيعي. وتسود حالة ترقب كبيرة في صفوف متتبعي مستقبل المجموعة الإفريقية، خصوصا بعد أن اختتمت نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة النيجرية أبوجا ندوة رؤساء دول غرب إفريقيا "سيدياو" في دورتها الرابعة والخمسين، برئاسة الرئيس النيجري محمد بوخاري؛ لكن دون التطرق لطلب انضمام المغرب إلى هذا التكتل الاقتصادي، الذي قدّمه في فبراير من عام 2017. ويثير التأخر في حسم انضمام المغرب إلى هذه المجموعة عدة تساؤلات حول ما إذا كان هناك إجماع حول العضوية المرتقبة للمغرب. وفي مقابل ذلك تناسلت دراسات وتقارير وطنية تُحصي منافع انضمام الرباط إلى مجموعة "سيدياو" التي تعدّ أنجح تكتل في القارة الإفريقية. وفي هذا الصدد يرى كريم عايش، الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أن "الجزائر خرجت كعادتها بفرقعة إعلامية تهم سياستها الخارجية بإعلان نيتها الانتساب إلى منظمة سيداو (إيكواس بالإنجليزية)، وقد يكون إعلانا عاديا من طرف دولة تبحث عن التموقع داخل التكتلات الإقليمية والجهوية بغية تحقيق منافع اقتصادية بالدرجة الأولى". واستدرك عايش في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية بأن "المبادرة لا يمكن اعتبارها سياسية خارجية بريئة إذا ما وضعنا المسألة في سياقها الجيوستراتيجي، فتاريخيا عملت الجزائر على خلق بؤر توتر، مثلا في الكركرات، وهو الممر التجاري الحيوي الرابط بين المغرب وموريتانيا –إفريقيا". وأردف المتحدث بأن الجزائر "لم تكتف بسيطرتها على منظمة الأمن والسلم لبسط نفوذها الأمني على مختلف بؤر التوتر بإفريقيا، لتضيف إلى ذلك زحفا نحو المنظمات الإقليمية، متسائلا حول مدى استفادتها من كل هذا المجهود الدبلوماسي والتمثيليات الإقليمية إن لم يكن حقدا يكنه قصر المرادية للمغرب". وأضاف عضو مركز الرباط للدراسات السياسية: "وجب استخلاص الدروس والعبر، ففي المجال الدبلوماسي والعلاقات الدولية يظل الاقتصاد أهم مصلحة إستراتيجية تربط الدول إلى جانب التهديدات المشتركة"، مشددا على "ضرورة رفع درجة اليقظة لدى المصالح الخارجية المغربية لمحاصرة التحركات الاقتصادية الجزائرية وتحصين الشراكات أمام الإغراءات المادية والعدائية، سواء قانونيا أو ماليا أو تدبيريا".