أصدر البنك الدولي تقريراً حول كيفية إدارة إغلاق مناجم الفحم وتحقيق انتقال عادل للعاملين فيها، بهدف مساعدة حكومات العالم في التحضير لإدارة عمليات إغلاق مناجم الفحم والتأثيرات المرتبطة بها على المجتمعات المحلية وسبل عيش الناس. يأتي هذا التقرير، الصادر الشهر الجاري، في وقت لا تزال آبار الفحم العشوائية تقتل الشباب في منطقة جرادة نواحي مدينة وجدة، بعدما جرى إغلاق شركة "مفاحم المغرب" في تسعينيات القرن، وقد كان لهذا الإغلاق تأثير كبير على ساكنة المنطقة. ويدعو التقرير دول العالم إلى التخطيط المسبق والتأهب والمشاركة المبكرة مع الأطراف المعنية وبرامج المساعدة الاجتماعية القوية، باستعراض أدلة على إغلاق المناجم في جميع أنحاء العالم ويتضمن خبرات 11 مشروعًا ممولًا من البنك الدولي. ويشدد البنك الدولي على أن تحقيق الانتقال العادل للجميع من خلال المشاركة المبكرة وإجراء الحوار مع الأطراف المعنية والبرامج القوية للمساعدة الاجتماعية، ويؤكد أن الحكومات تلعب دوراً قيادياً في هذه العملية وتتحمل تكلفة الإغلاق المادي للمناجم وبرامج انتقال اليد العالمة حتى عندما تكون مناجم الفحم مملوكة ملكية خاصة. ويقترح التقرير تدابير مُحددة لتسهيل الانتقال، عبر عمل مجموعة من الوكالات الحكومية معاً لإدارة التأثيرات الاجتماعية والعمالية من إغلاق مناجم الفحم؛ لكنه أشار إلى أنه من الأفضل أن يتعامل مع الإغلاق المادي للمناجم وكالة مُحددة متخصصة في إغلاق المناجم. كما يقترح البنك الدولي، في تقريره الصادر هذا الشهر، على الحكومات عبر العالم تنفيذ خطط لانتقال الأيدي العاملة، وتمكين العاملين في تعدين الفحم وأسرهم من الانتقال إلى مناطق ذات اقتصاد قوي واحتمالات جديدة للعمل لتخفيف آثار الإغلاق. وتفيد معطيات التقرير بأن "صناعة مناجم الفحم العالمية قد تحولت من الغرب إلى الشرق، ويظهر أن عمليات إغلاق مناجم الفحم المستقبلية وفقدان الوظائف المرتبطة بها سوف تتركز في آسيا، ومن المتوقع أن تتأثر أكبر ثلاثة بلدان منتجة للفحم في العالم، وهي الصين والهند وإندونيسيا، بأكبر عدد من الإغلاقات". ويأتي هذا التقرير بعدما عاد موضوع إغلاق مناجم الفحم في الجهة الشرقية إلى الواجهة بالمغرب، حيث عرفت المنطقة احتجاجات عارمة في السنتين الماضيتين احتجاجاً على غياب بديل اقتصادي بعد قرار الإغلاق، حيث يعاني شباب المنطقة من غياب فرص الشغل وتدهور صحة العاملين السابقين في المناجم. وكانت شركة "مفاحم المغرب" تشغل أزيد من 5000 عامل و850 تقنياً وإطاراً، محتلة بذلك المرتبة الثانية بعد المكتب الشريف للفوسفاط من حيث اليد العالمة بالنسبة لكل صناعات البلاد، كما كانت توفر السكن بالمجان لأغلب العمال وتقدم التطبيب والعلاج الضروري للمستخدمين وأسرهم. وعلى الرغم من الوعود التي قدمتها حكومة سعد الدين العثماني للتجاوب مع الحركة الاحتجاجية في جرادة، قال نشطاء الحركة الاحتجاجية بالمنطقة، خلال ندوة صحافية نظموها نهاية الشهر الماضي، إن المنطقة لا تزال تعيش على وقع التهميش والإهمال. وأفاد النشطاء بأن حصيلة الالتزامات الحكومية لم تتجاوز 20 في المائة، كما رصدوا عدم تنفيذ الالتزام المقدم من لدن السلطات باتخاذ الإجراءات القانونية بالنسبة إلى أصحاب رخص الاستغلال والبحث وربط المسؤولية والمحاسبة عن الاستغلال غير القانوني. وحسب الإحصائيات التي يقدمها النشطاء المحليون، تعيش منطقة جرادة على وقع ركود اقتصادي كبير كما لا تزال الآبار العشوائية في الإقليم مستمرةً في حصد الأرواح، حيث بلغ عدد الوفيات المرصودة منذ سنة 2002 حوالي 51 شخصاً.