أسفرت الأجندة الانتخابية والسياسية لأمريكا اللاتينية في عام 2018 عن تغيرات كبيرة في المنطقة، يبرز بينها انتخاب اليساري أندريس مانويل لوبيز أوبرادور رئيسا للمكسيك، واليميني المتطرف جايير بولسونارو رئيسا للبرازيل، ووصول ميجيل دياز-كانيل إلى سدة الحكم في كوبا بعد قرابة ستة عقود من هيمنة عائلة كاسترو على الرئاسة. ويشترك كل من لوبيز أوبرادور، المنتخب في يوليوز، وبولسونارو، المنتخب في أكتوبر، في الوصول إلى رئاسة بلديهما على خلفية الاستياء من الأحوال الاقتصادية والفساد والعنف، وهي ظواهر شديدة الوضوح في البلدين اللاتينيين الكبيرين. تولى لوبيز أوبرادور الحكم في أول ديسمبر متعهدا بتشكيل حكومة تقشف ومعطيا الأولوية للسياسة الداخلية في المكسيك التي أشار، بشأن علاقاتها مع الخارج، إلى رغبته في إقامة أواصر طيبة مع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والفنزويلي نيكولاس مادورو على حد سواء. وتحديدا تلك الازدواجية هي ما أثارت ريبة على الصعيد الدولي؛ إذ إن المكسيك كانت واحدة من الدول التي تولت الزعامة في الضغط على حكومة مادورو جراء الأزمة في فنزويلا التي تسببت في نزوح آلاف المواطنين. غير أن حالة اليميني المتطرف بولسونارو ما زالت تثير ريبة أكثر فيما يتعلق بالسوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور)، التي تضم البرازيل إلى جانب الأرجنتين وباراجواي وأوروجواي. وقد أوضح الرئيس المنتخب، الذي سيتولى الحكم في أول يناير 2019، أن ذلك التكتل التجاري لن يمثل أولوية بالنسبة إلى حكومته. كما أن تعيين إرنستو أراوخو وزيرا لخارجية البرازيل في المستقبل يثير قلق جيرانه نظرا لمواقفه المناهضة لما يسميه "العولمة" ولدفاعه عن القومية. تغيير تاريخي آخر تجسّد في انتخاب دياز-كانيل رئيسا لكوبا في 19 أبريل، بعد ما يقرب من ستة عقود قاد فيها الشقيقان فيدل وراؤول كاسترو الجزيرة. واعتبر ذلك التغيير فرصة لفترة انتقالية في كوبا، ومع ذلك، في كلماته الأولى كرئيس، أكد دياز-كانيل أن راؤول كاسترو "سيترأس القرارات ذات الأهمية الكبرى بالنسبة إلى حاضر ومستقبل الأمة" وضمن أنه سيهيئ ل"استمرار الثورة الكوبية". استهلت كوستاريكا السباق الانتخابي هذا العام حيث فاز اليساري كارلوس ألفارادو في أبريل برئاسة البلاد، وجاءت باراجواي بعدها في الشهر نفسه بانتخاب اليميني ماريو عبده بنيتيز، ثم كولومبيا في يونيو التي اختارت اليميني إيفان دوكي. وفي 20 مايو أعيد انتخاب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في انتخابات غاب عنها غالبية زعماء المعارضة لكونهم غير مؤهلين أو سجناء، أو لاعتبار عدم وجود ضمانات لإجراء عملية انتخابية عادلة. وما تزال فنزويلا بلا شك في وسط الجدل القائم حول السياسة الإقليمية كافة، والأزمة التي يمر بها ذاك البلد، إلى جانب علاقاتها، حددت بطريقة ما قرارات الحكومات في أمريكا اللاتينية، التي ألمح ترامب أيضا فيها إلى ضرورة وجود مزيد من "الضغط" ليحدث تغيير في البلد. هكذا دارت القارة اللاتينية خلال السنوات الثلاث الأخيرة تجاه يمين الوسط، وكان الاستثناء هذا العام هو التغيير في المكسيك. وبحلول العام المقبل، من المتوقع إجراء الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين، حيث أوضح الرئيس الحالي، ماوريسيو ماكري، أنه يسعى إلى إعادة انتخابه، وفي بوليفيا تم السماح لإيفو موراليس بالترشح من جديد، مما أثار احتجاجات قوية في البلاد من جانب المعارضين والقطاعات التي كانت ما تزال تؤيده حتى الآن على حد سواء. كذلك ستكون على موعد مع الانتخابات كل من جواتيمالا والسلفادور وأوروجواي، حيث يتوقع أن تسيطر الأحزاب الحاكمة. وسيكون أمام الولاياتالمتحدة أيضا القيام بالاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2020، التي سيسعى ترامب خلالها إلى إعادة انتخابه، بعد اختبار الانتخابات التشريعية التي حافظ الجمهوريون فيها على هيمنتهم في مجلس الشيوخ فيما سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب. *إفي