في الوقت الذي وجَّهت فيه وسائل الإعلام الدولية، لا سيما المنابر النرويجية والإسكندنافية، انتقادات لاذعة إلى الفاجعة الإنسانية التي ارتُكِبت في منطقة إمليل بإقليم الحوز، بعدما تأكد أن الدافع الإرهابي يقف وراء الجريمة، ليعود بذلك نقاش النموذج الديني المغربي إلى الواجهة، شددت الطائفتان اليهودية والمسيحية المقيمتين بالمغرب على أن "الحادث لن يغير شيئا في الإشعاع الثقافي والديني للمملكة". كريستوبال لوبيز روميرو، رئيس أساقفة مدينة الرباط، قال إن "الحادث الذي وقع في شمهروش ضواحي مراكش مُدان وغير مقبول، لأنه يحول دون إشعاع ثقافة السلام وقيم التسامح، لكن رغم ذلك فلن يُغطي على الحب الذي يكنه ملايين المغاربة للأجانب". وأضاف لوبيز روميرو، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الفاجعة الإنسانية يجب أن تُسْتغل في تشجيع ثقافة السلم بين المواطنين، الأمر الذي يستدعي العمل بجهد قصد تعزيز العيش المشترك في القادم من الأيام، وما يتعلق بالأخوة الإنسانية العابرة للديانات بشكل أخص". وأكد الأب كريستوبال لوبيز روميرو، الذي جرى تنصيبه رئيسا لأساقفة الرباط بكاتدرائية سان بيير خلال منتصف مارس الماضي، أن "هذه الأفعال السيئة ينبغي ألا تُحبطنا في الحقيقة، لأنه وجب تضافر الجهود بغية إبراز التعدد الديني والغنى الثقافي للمملكة، باعتبارها تجسد نموذج تلاقح الديانات والحضارات". من جهته، أبرز الحاخام ليفي بانون، رئيس جمعية شباب الطائفة اليهودية "لوبافيتش" بالمغرب، على هامش ندوة نظمتها جمعية "ماروكان بلورييل" بمدينة الدارالبيضاء، أمس الأربعاء، أن "النموذج المغربي يظل منيرا ولا يمكن إطفاء هذا النور الداخلي، لأنه وسيلة أساسية من أجل العيش المشترك وتعزيز قيم التسامح"، مشددا على أن "الناس إخوة بغض النظر عن انتماءاتهم أو أجناسهم أو أديانهم، فالمعاملة الإنسانية تبقى فوق كل اعتبار". عبد الله الشريف الوزاني، الباحث في الدراسات الإسلامية في جامعة محمد الخامس بالرباط، أوضح أن "المغرب نجح إلى حد ما في بناء نموذج يخصُّه، صار يؤخذ مرجعا أساسيا للتدين الصحيح في سائر البلدان، إلا أنه توجد الاستثناءات دائما، ولعل الاستثناء يؤكد القاعدة، بحيث نلحظ تزايد عدد السياح سنة تلو أخرى، ولا تقع هذه الانحرافات إلا نادرا، ما يعني أن النموذج المغربي ناجح، لكن ليس بنسبة مائة في المائة". وزاد الدكتور الوزاني، في تصريح لهسبريس: "يجب أن نبقى حريصين ومنتبهين لمثل هذه الحالات، التي يمكن أن تشوه سمعة المغرب وتنال من صورة الإسلام في تدين المغاربة، وهي ناصعة بيضاء طيّبة ومقبولة عند الجميع. لذلك يجب الحرص على الحفاظ عليها، من خلال آليات عدة، أهمها التربية والتوجيه، ثم المقاربة الأمنية التي تضمن استقرار البلد، وتحميه من كل الدواخل التي يمكن أن تهدد استقراره".