تُوازي الجهودَ المبذولة من طرف الحكومة منذ سنوات لوقف العنف ضد النساء والفتيات جهودُ الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء؛ لكنَّ منظور الطرفيْن إلى ما تحقّق من مكتسبات في هذا المضمار مختلف حدّ التناقض. الحكومة مُمثَّلة في وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية ترى أنّ ثمّة تقدما ملموسا حصل في مشوار وقف العنف ضد النساء، بينما تقول الجمعيات إنّ ما تحقق هزيل، وإن كانت تعترف بأن ثمّة جهودا تٰبذل لحماية النساء من العنف. تُجيب بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، في هذه الدردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، عن ثلاثة أسئلة تتعلق بانتقادات الجمعيات النسائية للقانون 103.13، ولشعار "العنف ضد النساء ضسارة" الذي اختير لحملة وقف العنف ضد النساء هذه السنة. انتهت الحملة السادسة عشرة لوقف العنف ضد النساء، لكن هذه الظاهرة تسير في منحى تصاعدي، حسب الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة. كيف تفسرين هذه المفارقة؟ هذا غير صحيح. هناك أرقام رسمية نُضمّنها التقريرَ السنوي للمرصد الوطني للعنف ضد النساء، وهو تقرير يُدوّن ويجمع المعطيات التي تأتي من مصادرَ حقيقية، كخلايا الاستماع إلى النساء ضحايا العنف بالمستشفيات والمحاكم، ومعطيات الأمن الوطني والدرك الملكي، وفق بروتوكول يجمع هذه القطاعات ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية ووزارة الصحة. من خلال هذه المصادر تُبنى منظومة المعطيات المتعلقة بنسب انتشار العنف ضد النساء في المغرب. هذه هي المعطيات الحقيقية. المعطيات الرقمية المُستجمعة من المصادر التي ذكرتها تؤكّد أن العنف ضدّ النساء في بلدنا ينخفض سنة بعد أخرى، وليس العكس. لكنْ هناك أنواعا جديدة من ممارسات العنف ضد النساء تبرز وتجعل تمظهرات العنف أكثر سواء من حيث تنوعها أو أشكالها. لقد وقفنا على أنّ العنف يمارَس أكثر على النساء في الأماكن العمومية، لذلك ركزنا على هذه الأماكن على مدى السنتين الأخيرتين، حيث أطلقنا حملة لمحاربة العنف في الفضاءات المفتوحة ووسائل النقل وغيرها... نحن نتوقف عند معطيات وأرقام المراصد التي تتوفر على المعطيات الحقيقية، ونتخذ القرارات بناء على هذه المعطيات. محاربة العنف ضد النساء ورش كبير يتداخل فيه عمل المرصد الوطني للعنف ضد النساء، وتنزيل القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء 103.13، وبلورة إستراتيجية جديدة لمحاربة هذه الظاهرة، ودعم مراكز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف، وإرساء منظومة للتكفل بهن؛ فضلا عن الحملة التحسيسية السنوية التي لا تنقطع في الواقع، ولكنها تأخذ حجما أكبر في محطة 25 نونبر و10 دجنبر . لقد حققنا نتائج مهمة لكنّ المسار طويل والعمل التحسيسي ضروري على مدار السنة لوقف العنف ضد النساء، لأن المجتمع في حاجة إلى التأطير وإلى نشر ثقافة المساواة والإنصاف والاحترام. نُدرك أن ثمّة عملا مُمتدّا ينتظرنا، ونحن مستعدون لتوفير الشروط وأدوات الاشتغال الجماعي لوقف العنف ضد النساء. الجمعيات تقول إن القانون 103.13 لن يوفّر الحماية المنشودة للنساء. ما ردُّك؟ إذا دخلتِ الجمعيات إلى معركة وقف العنف ضد النساء بهذه النفسية المنهزمة فلن تستطيع أن تساهم مع باقي الأطراف في محاربة هذه الظاهرة بالآليات القانونية، ولكن إذا دخلت باستعداد نفسي وذهني وإرادة قوية، فإنها ستساهم بدورها مع الحكومة ومع باقي الشركاء في وقف العنف ضد النساء. نحن كطرف حكومي مستعدون ومتفائلون، ونراهن على ترسانتنا القانونية المتكاملة وعلى القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، لأنه يتوفر على جميع الأبعاد التي تحقق الحماية والوقاية والزجر والتكفل بالنساء ضحايا العنف. الجمعيات اعتبرت أن في شعار "العنف ضد النساء ضَسارة.." تشجيعا على ممارسة العنف ضد النساء. ألا تريْن أن هذا الشعار لم يكن مُوفّقا بالفعل؟ كلّا؛ في السنوات السابقة استعملنا شعارات قد تُوصَف بأنها استفزازية، مثل "العنف نذالة"، و"هل تريد أن تكون شماتة؟".. في الواقع رفعنا شعارات استفزازية. هذه السنة أردْنا أن نخوض معركة وقف العنف ضد النساء بنوع من "السِّلْم" في إطار الحملة التواصلية من أجل أن نساهم جميعا في محاربة هذه الظاهرة، سواء الضحايا، أو الأشخاص الذين يمارسون العنف ضد النساء. لكنّ الشعار الحقيقي لحملة هذه السنة هو "التعبئة الجماعية والمجتمعية لمحاربة العنف ضد النساء".